في محافظة معان، حيث بدأت مظاهر الحداثة تتسلل إلى المجتمع المحافظ على قيم وعادات  تقليدية عريقة، أثرت سلبا على نمط الحياة اليومية خاصة بين فئات الشباب واليافعين هناك، إذ باتت  السمنة بين الشباب مشكلة صحية  واضحة و متفاقمة يوميا بعد يوم  كأحد أبرز التحديات التي تؤثر على صحة الشباب ومستقبلهم .

وترى خبيرة التغذية بيسان عماد أن  أسباب السمنة بين شباب معان تعود  إلى مجموعة من العوامل ، منها انتشار التكنولوجيا الحديثة وقلة النشاط البدني ، ويشير العديد من الخبراء إلى أن اعتماد الشباب في معان على الهواتف الذكية وألعاب الفيديو قد قلل بشكل كبير من مستويات النشاط الجسدي اليومي.

وتضيف  بيسان ل "صوت شبابي"  "في محافظة مثل معان ، نجد أن الكثير من الشباب يقضون ساعات طويلة في المنازل أمام الشاشات ، مما يقلل من فرص ممارستهم للرياضة أو الحركة اليومية الضرورية للحفاظ على وزن صحي ، النمط الحركي الشائع هنا يشبه ما يحدث في مناطق أخرى ، حيث تتحول التكنولوجيا من أداة مساعدة إلى سبب مباشر لقلة النشاط البدني."

كما أن تغير نمط العادات الغذائية في معان ،  أصبحت تلعب دورًا محوريًا في انتشار السمنة بين الشباب ، إذ بدأنا نلاحظ كما تقول بيسان أن "الأطعمة السريعة والمشروبات الغازية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من النظام الغذائي اليومي للكثير من الشباب في المحافظة ، وتوفر الوجبات السريعة خيارات سهلة وسريعة في ظل إيقاع الحياة المتسارع ، ولا أحد يعير انتباهه إلى أن  السعر الذي يدفعه الجسم مقابل هذه الراحة كبير جدًا" .

تضيف بيسان عماد : "في معان ، نشهد تحولًا في العادات الغذائية نحو استهلاك الوجبات السريعة والمشروبات المحلاة بشكل متزايد ، رغم أنها تبدو خيارًا مريحًا ، إلا أن هذه الأطعمة تحتوي على نسب عالية من الدهون والسعرات الحرارية ، مما يزيد من خطر السمنة."

وتحدث شباب من معان ل "صوت شبابي" معبرين عن قلقهم  ومعاناتهم مع السمنة، حيث قال علي، 22 عامًا : "أصبحت حياتنا تعتمد بشكل كبير على الجلوس أمام الشاشات ، سواء في الدراسة أو الترفيه ، السمنة بدأت معي منذ سنوات، وأصبحت الحركة والرياضة أمورًا صعبة بالنسبة لي ، خاصة مع توفر الوجبات السريعة بشكل دائم." 

من جهتها، أوضحت فاطمة ، 19 عامًا : "مع انشغالي بالدراسة ، كنت أجد أن الوجبات السريعة هي الخيار الأسهل ، لم أفكر في تأثيرها على صحتي حتى زاد وزني بشكل ملحوظ ، الآن أعاني من صعوبة في الحركة وانخفاض الثقة بالنفس ، وأحاول التغيير ولكن الأمر ليس سهلًا."

الأضرار الصحية للسمنة بين الشباب لا تقتصر على الشكل الخارجي فقط ، بل تهدد صحتهم بشكل مباشر ، قد تؤدي السمنة إلى مشاكل صحية خطيرة مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني ، بالإضافة إلى مشاكل نفسية تتعلق بالثقة بالنفس والاكتئاب كما تقول الأخصائية بيسان والتي تحذر "السمنة هي مشكلة صحية طويلة الأمد ، وهي قنبلة موقوتة إذا لم يتم التعامل معها بجدية ، إذا لم نبدأ باتخاذ إجراءات فعالة ، سنواجه جيلًا يعاني من أمراض مزمنة تهدد نوعية حياته بشكل كبير."

لمعالجة هذه الأزمة ، التوعية في معان ضرورية وتحتاج المدارس والأسر إلى التعاون لخلق بيئة تشجع على النشاط البدني والتغذية الصحية ، يمكن للتكنولوجيا أن تكون جزءًا من الحل ، من خلال تطبيقات اللياقة البدنية التي تشجع الشباب على الحركة ومتابعة تطورهم الصحيين كما ترى بيسان "الحل ليس في منع التكنولوجيا أو التوقف عن تناول الأطعمة اللذيذة ، بل في خلق توازن صحي بين الاثنين ، يجب أن نبدأ بالتوعية حول فوائد الغذاء المتوازن والنشاط البدني."

 وكان رئيس اللجنة العلمية في جمعية جراحة السمنة الأردنية الطبيب تغلب مزاهره، قال في تصريحات صحفية  أن السمنة من الأمراض الخطيرة جدا، موضحا أن الإحصائيات أوجدت أن السمنة في الأردن هي من "الدرجات العالية"، حيث إن نسبة السمنة لدى المواطن الأردني قد تتعدى 35%، وزيادة الوزن قد يتعدى أيضا 35%.

هذا وقد احتل الأردن المركز الرابع عربيا و23 عالميا بمعدل 29.17%، وفقا لإحصاء 2023 لمرصد السمنة العالمي (The Global Obesity Observatory) الذي يقدم إحصائيات محدثة حول معدلات السمنة في جميع أنحاء العالم، في حين أظهرت دراسة حديثة  صادرة عن مجلة (لانسيت) وأسهمت في جمع بياناتها منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من مليار شخص في العالم كانوا مصابين بالسمنة في العام 2022، مشيرة إلى أن معدلات الإصابة بالسمنة في العالم ارتفعت في أوساط البالغين بأكثر من الضعف منذ عام 1990، و تضاعفت أربع مرات في أوساط الأطفال والمراهقين (المتراوحة أعمارهم بين 5 و19 عاما).

في الختام السمنة بين الشباب ليست مشكلة مستعصية ، ويمكن الحد منها بالوعي والتعاون المجتمعي ، مع توجيه الجهود نحو التغذية الصحية وتشجيع الحركة اليومية ، يمكننا حماية الشباب وضمان مستقبل صحي ومستدام لهم.