أبناء عجلون يجددون المطالبة بإقامة جامعة حكومية نوعية

الرابط المختصر

تخرُج مريم كل يوم من منزلها الكائن في لواء كفرنجة في محافظة عجلون إلى جامعة العلوم والتكنولوجيا بمحافظة إربد الساعة السادسة صباحاً، لتستطيع اللحاق بمحاضرتها التي تبدأ الساعة الثامنة صباحاً، فهي منذ عامين تدرس تخصص الهندسة الزراعية.
 

تستغرق مريم كل يوم للوصول إلى الجامعة والعودة إلى منزلها ما يُقارب أربع ساعات، وتستخدم ستة وسائل للنقل وبتكلفة تصل إلى خمسة دنانير في كل مرة تذهب فيها إلى الجامعة.
 

تقول مريم في حديثها لـ"عمان نت" أنها لا تعيش حياتها الجامعية بشكل جيّد بسبب بُعد الجامعة عن منزلها، ولو كان هناك جامعة في عجلون بذات تخصصها لما ترددت بالانتساب إليها؛ لتوفر على نفسها الوقت والجهد، لا سيما وأن ضياع الوقت بالتنقل من وإلى الجامعة يؤثر على أدائها وتحصيلها الدراسي.

وتطالب مريم بإنشاء جامعة حكومية في عجلون، كسائر المحافظات الأخرى، تخدم أبناء المنطقة وتوفر عليهم عناء التنقل وكلفها للحصول على حق التعليم من جامعات بمحافظات أخرى، في وقت يعاني فيه أبناء عجلون من أوضاع اقتصادية صعبة.
 

أما محمد الذي يدرس تخصص التربية الرياضية في الجامعة الأردنية، منذ الفصل الأول في الجامعة انتقل للعيش بجانبها، تاركاً خلفه أسرته في رأس منيف ليكمل تعليمه، ويعود نهاية كل أسبوع.

 

يحتاج محمد كل شهر مائة ديناراً أجرة الغرفة التي يسكنها، بالإضافة إلى أجرة التنقل والمصروف اليومي وغيرها من متطلبات التخصص، وهو ما يدفعه وأسرته  تخصيص راتب شهري ليكمل تعليمه.
 

يقول محمد لـ"عمان نت" إن أسرته اضطرت لبيع قطعة أرض لتغطية تكاليف تعليمه، في وقت يمكن أن تكون كلف تعليمه أقل لو كان هناك جامعة في عجلون ويكمل تعليمه بها وبالقرب من أسرته.
 

ويتسائل محمد لماذا لا يكون هناك جامعة حكومية في عجلون تبقي أبناء المنطقة داخلها ويكملون تعليمهم الجامعي جانب عائلاتهم دون مواجهة صعوبات عديدة في بداية حياتهم
 

غالبية أبناء وبنات محافظة عجلون يحصلون على تعليمهم من جامعات بمحافظات أخرى، ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على الأسر، يمكن تجنبه بإقامة جامعة حكومية نوعية تتناسب وطبيعة المحافظة السياحية والزراعية.
 

فيما يطالب أبناء محافظة عجلون على مدار سنوات طويلة بإقامة جامعة حكومية تلبي احتياجاتهم التعليمية، وتُسهم إلى جانب أنها مؤسسات تعليمية، في تحسين الوضع الاقتصادي وتوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، لكن غيابها يقلل هذه الفرص كلها.

وبالنظر إلى أرقام مديرية التربية والتعليم في عجلون، يصل عدد طلبة الثانوية العامة إلى أكثر من 5000 آلاف طالب وطالبة سنوياً، وهذا العام قرابة 5674 طالباً وطالبة تقدم للامتحان، وغالباً عند اجتياز الطلبة الثانوية العامة يكملون تعليمهم بجامعات خارج المحافظة.

يقول الصحافي في محافظة عجلون محمد النواطير لـ"عمان نت" إنه إذا وجد العلم وجد الازدهار، وهو الأساس في تقدم الإنسانية وتنوير المجتمعات البشرية ودون العلم تندثر الأمم، "كان لا بد أن نتحرك ونضغط بكل الوسائل الدبلوماسية المتاحة من أجل ولادة جامعة تكون سبباً مباشراً بتنمية عجلون".
 

ويوضح أن وجود جامعة حكومية داخل عجلون، يُعيد إلى أذهان الشباب التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل وخاصة الذين يذهبون إلى خارج المحافظة من أجل لقمة العيش، وفي حال توفر لهم عمل في عجلون بإنشاء الجامعة، يربطهم ذلك أكثر بمحافظتهم ويوفر عليهم الكثير من بدل التنقل خارج المحافظة.

 

ويشير  إلى أن من أكثر الشباب استفادة من وجود جامعة، الطلبة الذين على مقاعد الدراسة، وظروفهم المالية لا تمكنهم من الدراسة الجامعية بجامعات خارج عجلون، فمن الضرورة إقامة جامعة في عجلون توفر عليهم الوقت والجهد والمال، وتجعلهم يهتمون أكثر بتحصيلهم العلمي.
 

ويلفت إلى أن وجود جامعة حكومية في عجلون يُسهم بشكل مباشر بإيجاد فرص عمل كثيرة لأبناء المحافظة، الأمر الذي يقوض نسب البطالة والفقر فيها، ويُسهم بشكل لافت إلى إدامة الحركة السياحية، وبخاصة أنه ينتسب لها طلبة من كافة المحافظات وخارج الأردن، ما يزيد من الحركة الشرائية ويحرك عجلة الاقتصاد بشكل دائم، ويساعد الأهالي بإنشاء مشاريع اقتصادية تُدر دخلا عليهم.

ويستدرك النواطير بأنه لا بد أن يكون هناك بنية تحتية شاملة للجامعة التي سيتم إنشاؤها، وتكون بمكان استراتيجي جاذب لكل طالب علم من الأردن وخارجه لتكون مقصد للجميع، ويكون لها أثر سياحي وبيئي من جانب، ومن جانب آخر لا تؤثر على جمالية عجلون وطبيعتها الزراعية.
 

فيما، يقول الخبير التربوي الدكتور محمد أبو عمارة في حديثه لـ"عمان نت" إن مطالبة أبناء عجلون بإنشاء جامعة متخصصة بالبيئة والسياحة داخل المحافظة هو مطلب ضروري، "عجلون منطقة زراعية وسياحية ولا ضير أن تكون هناك جامعة لتأهيل من يرغب بالعمل في هذه القطاعات أو حتى من سكان المنطقة وتعتبر الجامعة أداة لتطوير وخدمة للمجتمع المحلي واستقرار سكانها".
 

ويوضح أن الجامعات المتخصصة تعتبر نوعاً من التطور الأكاديمي والفني، وكثير من الدول المتقدمة تنشأ جامعات متخصصة تتناسب والبيئة التي أقيمت بها مثل الجامعة المتخصصة في التخصصات الزراعية في الصين، فهي تقدم تدريبات للطلبة في كل ما يخص الزراعة في المنطقة التي أنشأت فيها.

 

ويلفت إلى أن معظم أبناء عجلون الطلبة يرحلون إلى المدن لاستكمال تعليمهم ويبحثوا عن عمل، وعندما يكون هناك جامعة متخصصة تؤهل الطلبة بتخصصات مطلوبة في عجلون يكون هناك استقرار أكثر لسكان المنطقة ولن يكون هناك رحيل أو هجرة من عجلون إلى المدن الأخرى، وهو ما يؤدي أيضاً إلى تطوير العمل ويعتبر نوعاً من العدالة الاجتماعية.

 

ويستدرك أبو عمارة أنه في حال إنشاء الجامعة، غالباً التعيينات ستكون من سكان المنطقة من أساتذة وإداريين وعمّال بمهن مختلفة ومن سيعمل بهذه المهن من سكان المنطقة، وهو ما يؤدي إلى استحداث فرص عمل ويحسن الجانب الاقتصادي لأبناء المحافظة.

 

ويتابع حديثه أنه عندما ينسب للجامعة طلبة من كافة المحافظات سيبحثون عن أماكن للسكن وبالتالي سيستفيد سكان المنطقة بتأجيل شققهم ويحتاجون إلى مطاعم وغيرها من الخدمات وهو ما ينعكس إيجاباً على سكان المنطقة والجانب الاقتصادي لهم.

 

ويلفت إلى أنه بعد إنشاء مشروع التلفريك وقبلها المعالم السياحية والتراثية، لا شك أنها أصبحت مدينة سياحية مكتملة الأركان ينقصها الترويج السياحي العالمي، ووضعها على خارطة السياحة العالمية والأمر يحتاج إلى أشخاص مؤهلين، ووجود الجامعة المتخصصة تعمل على تأهيل هؤلاء الأشخاص حتى يؤدون عملهم بشكل جيد.
 

ويأمل أبو عمارة تعميم الفكرة على جميع المدن بالنسبة للجامعات والمصانع المتخصصة في الأماكن المناسبة، ويستحضر أنه في الدول العظمى لكل مدينة ما يميزها ويناسب طبيعتها من حيث التخصص والمهن ويستقر أهلها يعملون بمجال متخصص وهو ما نحتاجه في الأردن".