رؤى وهو اسم مستعار تلك العشرينية الملثمه بشال مغبر تفوح منه رائحه الكبريت رفضت الحديث عن حالها وحال الكثيرات العاملات في المزارع في لواء الشوبك خوفا من الاهل وأرباب العمل وبعد محاولات كثيرة و جهد كبير في الإقناع تحدثت بمضض وهي على عجل خوفا من ضياع الوقت.
وهناك في تلك المساحات الشاسعة شديدة الخضرة من التفاح والبندورة في لواء الشوبك والذي يبعد عن مركز المحافظة ( معان ) بمقدار 50 كم تتوزع النساء متفاوتة الأعمار بين 16 -55 سنة على اختلاف الحالة الاجتماعية والتعليمية لهن الا ان العامل المشترك للجميع هو الفقر .
أم محمد وهو اسم مستعار ايضا السيدة الخمسينية صاحبة الابتسامة الجميلة والخجولة تجلس تحت شجرة التفاح مع الألواح الكرتونية لتشكل منها صناديق جاهزة لتعبئة الثمار داخلها , تقول "انا عمري 57 سنه وبشتغل بالمزارع وفي نسوان كثيرات وبنات جامعيات وما في شغل يشتغلن غير هذا الشغل واحنا بنشتغل زي كذا مشان نصرف ع حالنا ويعني انا ع عمري هذا لولا المزارع ما اشتغل صح ولا لاه وبدي اساعد حالي عندي زلمه مريض وراتب ما بيوفي علينا وعندنا ضعوف يتمان"
وتصف الحال ام إبراهيم الاربعينيه بقولها "بدك تعرفي احنا كيف بنشتغل نطلع من الأذان نصلي الفجر ونضل طالعين نركب بالباص ونجي12 واحد شباب اثنين و10 نسوان بنلقط600 بكسه بس نخلص بنروح ع 10 ع 9 ع 11 ويعني الوحدة طالعه وتاركه ولادها وراها وجوزها عشان لقمه العيش "
وتقول أم علي :"وهي انا تعبانه وقرفانه لولا ولادي ما قوطرت # ذهبت # وداومت بالمزارع، الخبز ما اقدر اطعم يناموا بعض اوقات جوعانين"
وتقول ام صدام :"والله تلقيط البندوره تعب والزراعه تعب كلها تعب بس الواحد مشان الظروف يتحمل الشقا"
ام محمد تقول ان الظروف التي يعملن بها غير عادية وصعبه جدا خاصة في فصل الشتا "وانا نجي والارض بيضا ونحلت انه ايد الواحد تيبس مع الشغل انا ناكل تعب ياولدي الله يعين الناس" ، في لواء الشوبك الذي يرتفع 1600 متر عن سطح البحر تتدنى درجات الحرارة العظمى فيه لتصل 10 درجات دون الصفر المئوي في ايام كانون الثاني تواصل السيدات أعمالهن من ساعات الفجر الاولى في طقس جليدي باحثات عن مصدر للحصول على الطعام والتدفئة ويزداد الوضع سوءا مع قدوم فصل الصيف ودرجات الحرارة المرتفعة في ساعات الظهيرة و روائح الكبريت والمبيدات الحشرية المنبعثة في أرجاء المزرعة الواحدة .
مزارع البندورة هي المفضلة للنساء برغم من حجم العمل الكبير والتعب الا ان اليومية العالية التي تصل 10 دنانير في افضل الاحوال رغم قصر الفترة الزمنية لموسميتها ، إلا ان بعض السيدات في مزارع التفاح يستمر عملهن طوال السنة في مختلف الأعمال الزراعية حتى الخطيرة منها كما تروي رؤى الشابة العشرينية رؤى التي لم تتمكن من السيطرة على دموعها التي تلقتها الشال الملفوفه ع وجهها الجميل, تقول " ع الفرازة بنفرز تفاح ونعشب ونقلم في البرد ونقطف زيتون شو ما يخطر نشتغل لحتى درجة مرات بخلونا بعيد عنك نلم زبل"
تدحرجها الظروف إلى أن تودي بها لمكان غير راضية عن وجودها فيه وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لإعادة ترتيب الايام وسط فوضى السياسات وسواد التحديات إلا أن فكره الحياه لديها مرتبط بالعطاء حتى لوكانت الخساره كبيره فهل تعلم الدوله الاردنيه بواقع النساء في المزارع الخضراء
ام صدام تقول "والله المعاناة كثيرة والله هاد الكبرييت بعمل معي تحسس حتى ملاحظه كيف صوتي كاني مرشحه من الكبريت هذا بس غصبا عنا بدنا نتحمل ظروف صعبه والحياه صعبه الواحد عنده أولاد وعنده مدارس وعليه دين وعليه بنوك الله يعلم غصبا عنا بدنا نتحمل والله الواحد لو ظروفه كويسه ما طلع بهالشوب لو اليومية 20 دينار مش 10 بس غصبا عنا بدنا نطلع"
لم تتوقف عن جمع البندورة بالصناديق ولم ترفع راسها وبدات حديثها ايمان وهي مطلقه والمعيل الوحيد لابنها وبكل قواها خفت داخلها ألم ومعاناة وقالت "درست للصف العاشر وبطلت من الصف العاشر وانا بشتغل بالبندورة بشتغل وبصرف ع نفسي لما كبرت وصار عمري 16 سنه اتجوزت واتطلقت وهيني لسه بشتغل بالبندورة بصرف ع حالي وع ابني من البندورة".
ام علي هي ممنونه لصاحب المزرعة لابقائها تعمل معه داخل مزرعته طوال السنة لتحافظ على استمرار المقاومة حتى لو كان الجهد كبير وتقول "احنا مسموح لنا بالزراعة تزرع البندورة ونقلعها وبعدين نزرع بصل ونقلع ونخرط زيتون لما يكون محصول الزيتون لما يكون موسم الزيتون كل شي نعمله بالزراعة كل اشي احنا نسويه , والله هي البندورة متعبه اكثر شي لانه زي ما انت شايفه نمشي مسافات واحنا حانين ظهورنا مرات بنظل لل2 واحنا بنلف الخط رايحين جايين واحنا حانين ظهورنا"
تقول إيمان "في التفاح افضل لانه ظله وما في شمس وقطف وانت واقف والبندورة يعني لانه بدنق بس اليومية أفضل يوميه التفاح اقل البندورة بعشرة والتفاح ب 8 يعني اختلاف دينارين"
ام ابراهيم تقول "هاي اليومية 10 دنانير في يوميه 7 وفيه 6 هاي كويسه وفيه يوميات بالمره هاي احسن يوميه يوميه البندورة باقي اليوميات كلها من 7 وانزل يعني وبعدين تتعب تتعب فيه تعب مش طبيعي"
سميحه المراعيه مشرفة عاملات في مزارع التفاح تقول "عندي 15 بنت بيشتغلن ع فرز التفاح دوام من 7 للساعة 4 يتقاضين أجورا يومية مقابل 6 دنانير يومي فاكيد التحديات صعبه كثير ظروفهم يعني في عنا هان اعمارهم كبيره 50 وأكثر في هان ارامل ومطلقات في مخلصات بكالوريوس وبنات جامعيات ما في اي وظيفه وفيه ع الساعه دينار واذا تعرضت لإصابة يعتبر حسب صاحب المزرعه مرات يمشي الايام الي عطلتهم ومرات لا"
صاحب المزرعه البندورة محمد المصري كان يمسك عصا من القصب في يديه ويلوح بها ويؤكد ان السيدات يعملن للحاجه وان عملهن يعتمد على مقدار انتاجيتهن ".
ويقول محمد: "يعني شغله قطاف الشغلات الخفيفه الي تقدر عليها الفتاة بشكل عام ساعات العمل اقل من 10 ساعات اليوم على كل واحدة تلقط 30 صندوق بندورة وتروح ، أجور النقل يعني الباص الي بوديهم من بيوتهم من والى توصيلهم للعمل هذا ع رب العمل غير هيك مافي".
ام علي تنفي ما قاله رب العمل فمن يعد العصي ليس كمن يأكلها وتقول "معاناتنا في الشمس انت شايفه من يوم تطلع الشمس واحنا فيها لما نروح يعني معاناه معاناه لو الواحد لا سمح الله يصير فيها الحياه صعبه والواحد بده يتحمل".
ايمان تشتكي الالم من العمل والأضرار الجانبية عليه وإن اليوميه لا تكاد تكفي المتطلبات الأساسية والأدوية للعلاج من أضرار المواد الكيميائيه والمبيدات وتقول "ارهاق ارهاق يعني شوفي والله العظيم 10 دنانير نجيبهن من هون يعني بنروح ع الدكتور عليهن من هون يعني مصرفاتنا مطعماتنا مسقياتنا معالجتنا 10 دنانير"
ام صدام تقول "وما وما يسوي الست نيرات ويش يسون ما يسون فينا شي وشني يعني 180 دينار ويش بدهن يسون هو انت تعطل يخصموا عليك يعني ويش يسون فينا والحياه صارت صعبه الحياه والقرش صار مايمشي"
وقالت أيضا "هاي اليومية 10 في يوميه 7 وفيه 6 هاي كويسه وفيه يويمات بالمره هاي احسن يوميه يوميه البندورة باقي اليوميات كلها من 7 وانزل يعني وبعدين تتعب تتعب فيه تعب مش طبيعي"
كثيرة هي التحديات وشديدة القسوة ظروف العمل والدوافع مرة كمرارة الحياة التي تعيشها كل سيدة داخل المشاريع والمزارع في الشوبك والوجع الأكبر للسيدات هو المستقبل المجهول.
" مفتش عمل واحد في المديرية لا يكفي مساحه المنطقه ولقله الشكاوي لا يخرج للعمل الميداني ما لم ترد أي شكوى او اي مخالفه مبلغ عنها من قبل أحد " هذا ما صرح به مدير الضمان الاجتماعي والعمل في المحافظة من وراء الكواليس بعيدا عن وسائل الإعلام .
الضمان الاجتماعي بعتبر رب العمل مخالفا في حال كان لديه عمال مضى على وجودهن في منشأته أكثر من 16 يوم ولم يتم إشراكهن في الضمان ويلقي مدير عام الضمان في معان اللوم ع السيدات انفسهم لعدم تقديم شكوى سرية من خلال منصات ونوافذ الضمان السريه"
كما اكد مدير العمل ان إخضاع عمال الزراعة لقانون العمل الاردني يشترط صدور قانون خاص لعمال الزراعة لغاية الان لم يصدر.
ضياع حقوق العاملات في الزراعة وأهمها حق الضمان الاجتماعي تكتمل عناصره وسط صمت المرأة الباحثة عن لقمة العيش واهمال مؤسسات الدولة وأرباب عمل لا يفكرون الا بمصالحهم .
تقول احد العاملات " لو النا ضمان كويس يعني لو نتعب ما احنا خسرانين بس مالنا ضمان يعني نقول للمزارع يسوي ماحدا مسوي النا ضمان"
ام علي وغيرها يدركن انهن فاقدات حقوق كثيرة ولكن يفضلن الصمت خوفا من ضياع الأجر القليل ويتمنى كل واحدة ان يحصلن على أبسط حق من حقوقهن وهو حق الضمان الاجتماعي.
تقول احد العاملات "والله ياريت يكون فيه بديل حتى لو مستخدمات بمدارس راضين في اي مكان لو نلقى شغل بغير هالمكان اصلا الزراعه للزلام بس احنا راضين بشغل زلام بسبب الظروف يعني هذا الشمس وكذا ما بتتحملها بس احنا متحملينها مشان ظروف"
"في فرص خياطه وفيه فرص زراعة بيحكوا الكبير بالعمر مالوش يعني حددوا العمر ما يروح عليها"
"ولادي كيف بدي اعيش انا وياهم اشحد الهم بالشارع ما اشحد لهم بالشارع وادوروظيفه رسميه ما انا لاقي حدا يوظفني"
وتتعود رؤى المطالبة عن السيدات الضائعة حقوقهن ومستقبلهن وتخشى ع مستقبلها المجهول
تقول احد العاملات "اقل شي نلقى ضمان هسا في نسوان الهن أكثر من 10 سنين يشتغلن ع اي نكشه بروحهن ما يسالوا ب 10 وعشرة العمر طيب هذا مش منطق يعني شو بدي افكر هذا مستقبلنا رح يسير هيك ع الحاله هاي وخلاص هذا الي عندي حكيته"
فأي مستقبل ينتظر المرأة بعد سنين عمل طويله يضيع أجرها مع مغيب شمس النهار وتندثر الأحلام تحت التراب قبل ان تزرع . بمجرد دخولهن المزارع الخضراء
تقول احد العاملات "والله ياريت يكون فيه بديل حتى لو مستخدمات بمدارس راضين في اي مكان لو نلقى شغل بغير هالمكان اصلا الزراعه للزلام بس احنا راضين بشغل زلام بسبب الظروف يعني هذا الشمس وكذا ما تتحملها بس احنا متحملينها مشان ظروف".