هل فشلت جولة «جنيف السورية».. الراهنة؟

هل فشلت جولة «جنيف السورية».. الراهنة؟

رغم كل محاولات ضخ «الحياة» في مفاوضات جولة جنيف السورية الراهنة، التي تبذلها اطراف معينة (قليلة ومعدودة في الواقع)، فإن المؤشرات تشي بأنها ذاهبة الى فشل مؤكد، بعد ان تمترس وفد مؤتمر الرياض للمعارضة السورية, خلف مواقِفه المُتشنجة, وراح قادته «وكبير مفاوضيه» يطلقون تصريحات تبدو في ظاهر الحال, وكأنها عنترية وثورية وتستند الى جيوش ميدانية جرّارة واخرى ذات تأثير على موازين القوى الميدانية وثالثة بما تتمتع به من دعم سياسي ودبلوماسي واعلامي دولي واقليمي وعربي مهول، فاذا بهم مجرد كومبارس, في لعبة أمم ضارية تدور فوق بلاد الشام, يُراد لها ان تُحدِّد مستقبل المنطقة، دولها والشعوب، الى عقود طويلة مقبلات.
ان يقول الجنرال اسعد عوض الزعبي: أنه لن يتفاوض «الى الأبد» اذا واصل النظام هجماته، ثم ينهض الارهابي محمد علوش, الذي جيء به في خطوة كيد سياسي مكشوفة كي يكون كبيراً لمفاوضي وفد الرياض, ليُغرِّد داعيا «ثواره»..( فاضربوا فوق الاعناق، واضربوا منهم كل بنان) ثم يذهب خطوة ابعد مدى وأكثر دلالة، اقرب الى التمرد على الوفد الذي يضمه وربما للانقلاب عليه لاحقاً, ليُغرِّد ثانية بأنه: «شخصياً.. مُؤيِد لأي موقف «تُجمع» عليه الفصائل مهما كان هذا الموقف».. وبعد ذلك كله تعود «الدماء» الى جثة الائتلاف الوطني المعارض (هل يتذكره أحد؟) ليُصدِر بياناً «يرفض» فيه اي خطة انتقال سياسي مخالفة للقرارات الدولية، مُعتبراً ان تلك اللحظة, لا مكان لها على طاولة المحادثات ولا مستقبل لها على ارض الواقع, ثم «يُهدّد» بتعليق مشاركته في الهيئة العليا للمفاوضات، في حال تم طرح أي «خُطة» تُخالف تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، حسب القرارات الدولية!! يعني ذلك كله....أننا أمام أجواء و مناخات «تفاوضية» مُحبِطة لهذه المعارضة وداعيمها في الاقليم، وان ثمة ما «يُطبخ» خلف الابواب المُغلقة، لم تعُرَف مكوناته بعد او جرى تسريب بعضه كبالون اختبار لمعرفة ردود افعال الآخرين، سواء كانوا في معارضة الرياض, ام في عواصم الاقليم، ما دام رأي وفد النظام معروفاً ومسموعاً وحاسماً, بأن لا تفاوض أو نقاش حول بقاء الرئيس السوري.
ليس مفاجئاً والحال هذه ان يتم تسريب أخبار «دراماتيكية» تكاد تُطيح كل ما تم التواضع عليه والتوافق حوله بين موسكو وواشنطن، والايحاء بأن ثمة مشروع «حلٍ» اميركي روسي من (خارج جنيف) سيتم اتخاذه بقرار دولي تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
هنا والان... تبدو الأمور وكأنها عملية إعداد لسيناريو «صدمة «، إذ ليس ثمة يقين بأن «مشروعات» مُتخيّلة كهذه، قادرة مهما توفر لها من حشد اعلامي وجهود تسويق واثارة, على ملء فراغ انهيار المفاوضات القائمة في الاساس على قرارات دولية يقف على رأسها القرار ,2254 دون ان يترك اي «نُدوب» في علاقات موسكو بواشنطن، حيث الاخيرة تواصل اطلاق المزيد من التصريحات والكلام العمومي، دون أي إشارة الى مسؤولية معارضة وفد الرياض, في انهيار الجولة الراهنة او حتى تدين تشدّدها (الكلامي واليائس والموحى به من عواصم اقليمية) التي تبدو انها (التصريحات) تعبير عن يأس وارتباك وفقدان أمل، اكثر مما هي ثقة بالنفس او توفر على قوة ميدانية او شعور بأن صفوف الجيش السوري وحلفائه قد تصدعت وفقدت الزخم الذي ظهرت عليه مؤخراً في اكثر من جبهة ساخنة واستراتيجية, كما هي الحال في إطباق الطوق على احياء حلب الشرقية وما يحدث في ادلب وجسر الشغور.
احتمالات انهيار الجولة الراهنة من مفاوضات جنيف اكثر من واردة، لكن الترويج لقرار «جديد» من مجلس الأمن «أياً كان» يُفرَض على «الطرفين» تحت البند السابع، يبدو محاولة تذاكٍ جديدة من المعسكر الداعم لمعارضات الفنادق, الذين يشعرون بأنهم يفقدون المزيد من «الاراضي» والنفوذ وان لا سبيل امامهم سوى النزول عن الشجرة العالية التي صعدوها، وان «يتواضعوا» قليلاً، كي يمنحوا الفرصة الاخيرة لسوريا وشعبها للتمتع ببعض الهدوء ووقف سفك الدماء والخراب, وان يكفوا عن الارتهان لارادة الخارج... العربي والغربي على حد سواء، لأن لا أحد قادر على اخراج سوريا من محنتها غير شعبها وابنائها.
في الوقت الذي يتساءل كثيرون عن سرّالصمت, الذي يُشبه صمت ابي الهول ,الذي لاذ به ثوار الفنادق وداعميهم في الاقليم, عندما اعلن نتنياهو, ومن فوق الجولان المُحتَّل,ان الجولان «اسرائيلي»..الآن وفي المستقبل, وعلى «العالم» ان يعترف بذلك.
«فليُخيِّطوا بغير هذه المسلّة» كما يقول اللبنانيون.

أضف تعليقك