هل تنجح «المعارضات» السورية في تشكيل وفد.. موحد ؟
مائة وعشرة مُعارضين قيل في وُصْفِهم انهم «مُعتدلون» منهم مَن هو سياسي وآخر عسكري وثالث رجل أعمال ورابعة ناشطة وخامس «اخ مسلم» وسادس جرى تلميعه والدفع به الى المقدمة بعد ان كان نكِرة او مجرد شخص عادي لا يفقه في السياسة شيئاً ولا يفرق بين مصطلحي الديمقراطية والبيروقراطية، وأكمل ما شئت من الوظائف والاوصاف والخلفيات والمرجعيات وخصوصاً اولئك اصحاب الجنسيات المزدوجة الذين لا يعرفون من سوريا إلاّ الاسم ولم تطأ اقدامهم أرضها لا للزيارة ولا للاستثمار ولا حتى لزيارة قبور الاجداد والاقارب، يلتقون اليوم في الرياض لمدة ثلاثة ايام، تم تجميعهم بهدف «فرز» وفد «موّحد» منهم، يتولى مُفاوضة النظام في دمشق للدفع قُدُماً بِحل سياسي مأمول للازمة التي تعصف بسوريا، وفق ما جرى التوافق عليه في لقاءي فيينا الأول والثاني.
واذا كان معروفاً للجميع، ان المعارضات السورية بمختلف اسمائها وتياراتها وراياتها وخصوصاً تلك العواصم الاقليمية والدولية التي اخترعتها وتوَلّت رعايتها وتمويلها والزج بها في ساحة المعارك السياسية والدبلوماسية والاعلامية وخصوصا العسكرية، قد فشلت طوال خمس سنوات تقريباً في ايجاد قواسم مشتركة سياسية او شخصية او حتى ائتلافية بينها، ما دفع بكثير ممن احتضنوها ان يغسلوا ايديهم منها، وان يُعلنوا يأسهم من امكانية التعويل عليها كبديل للنظام القائم في دمشق، بل ان بعضهم امتلك الجرأة ليقول: إن مُعارضة كهذه، تُشكِل بديلاً أسوأ من النظام وهي غير قادرة على الامساك بأي خيط من خيوط الحكم، ما يعني ان سوريا ذاهبة الى فوضى واحتراب وخيارات كارثية اذا ما سُمِحَ لهذه «الأنواع» من المعارضة ان تتسلم الحكم في بلد مُنهَك ومُرْهَق، لحق باقتصاده وبناه التحتية دمار كبير, ولن يكون هناك بينهم سوى الصراع الممتد على النفوذ ونهب ما تصل اليه ايديهم من الأموال والاملاك، هذا إذا لم يسارع داعش والنصرة لـ»ملء الفراغ»بعد ان يُجهِز عليهم.
ان يُصار الى توحيد معارضات كهذه، في ظروف تَغيّرت فيها قواعد اللعبة وخصوصاً في ساحات المعارك وفي ظل الاحتقان الاقليمي والدولي المتصاعد، بعد ان انكشفت المؤامرة التركية، والتي ظهرت تجلياتها في اسقاط الطائرة الروسية, ثم في فضح العلاقة التجارية المتينة بين داعش وآل اردوغان, ناهيك عن الانتهاك التركي السافر لسيادة العراق والدفع بأفواج برية واخرى ميكانيكية باتجاه الموصل بدعوى المشاركة في تحريرها من داعش (...) ثم التوقيع على الصفقة المُعيبة أو الشكل السافر للابتزاز التركي مع الاتحاد الاوروبي، للحصول على ثلاثة مليارات دولار مقابل وقف انقرة تدفق اللاجئين عبر مياهها الاقليمية, ما يعني انها كانت تستخدم هذه المسألة للضغط على اوروبا وتوظيف اللاجئين في لعبتها القذرة, ليس فقط للحصول على اموال بل وأيضاً لابتزازها كي تفتح فصولاً جديدة في مسألة انضمامها لعضوية الاتحاد الاوروبي.. كذلك في الهزائم المتواصلة لجماعات الارهابيين من «جيوش التركمان» الى النُصرة الى احرار الشام الى جيش الاسلام وجيش الفتح و»الجبهات» المختلفة التي تحمل اسم الجنوبية والشمالية والوسطى.. يعني ان حكاية التوحيد «القصرية «هذه، محكومة بالفشل في ضوء المعطيات الآنفة الذكر وخصوصاً في ظل الخلافات العميقة التي تعصف بصفوف المعارضات اياها والتي يُصر ائتلاف اسطنبول على ان يكون هو «نجم» هذه المعارضات, ما بالك ان زعماءه وحتى اللحظة، يُصرّون على ان «ائتلافهم» هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، فكيف يتنازل كي يجلس مع معارضين غير مُؤهلين مثله ؟ ولا يملكون حيثية شعبية أوسياسية كالتي يملكها، وهو الذي يحظى بدعم ورعاية السلطان العثماني الجديد اردوغان؟
ماذا عن الكرد السوريين؟
لم تُوّجه الدعوة الى صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يملك قوة عسكرية ميدانية هي الاقوى في سوريا بعد الجيش العربي السوري ويتوفر على اوراق عديدة سياسية وميدانية وتحالفية، فيما مَنْ دُعُوا من الكرد لحضور المؤتمر، لا وزن شعبياً لهم ولا حيثية سياسية, وهو عامل سيكون له اثر كبير في افشال المؤتمر العتيد, ما بالك ان الاتفاق بل حتى التوافق مستبعد، بعد ان اقتربت الخلافات بين المعارضات من نقطة اللاعودة.. و بدأ كثيرون برفض وجود بعض الذين تم استدعاؤهم ليجلسوا في المقاعد الامامية, ولكم ان تُدقِقوا في المعايير التي وضعها أحد اكثر المعارضين نِفاقاً وتقَلُباً وانتهازية وهو ميشيل كيلو الذي يقول: إن المعايير التي من المفروض ان يتم اختيار الشخصيات المشاركة عليها, يجب أن تكون المعرِفة والخِبرة والتاريخ النضالي والقَبول الشعبي وليس الفصائلية والحزبية والتنظيمية, شخصيات - يواصل كيلو - قادرة على بلورة اجماع وطني لتشكيل وفد، يذهب الى فيينا لحل مشكلة وطنية. انتهى الاقتباس.
هل تنطبق معايير كيلو على الـ (110) الجالسين في مؤتمر التوحيد؟
قبل ان تسألوا كيلو نفسه, ابحثوا عن شروط احمد الجربا ولاءات خالد خوجا والتسريبات التي عادت تتحدث عن سطوع نجم البلاي بوي «العقيد» مناف طلاس.
هل في الامر أحجية؟ لا.. هي أبعد من ذلك بكثير, لكنهم سيحصدون الخيبة والفشل.
[email protected]