كم تبقى للنظام السوري في الحكم ؟
لم تمض الثمان و الأربعون ساعة على رفض بشار الأسد لمبدأ وقف اطلاق النار حتى تهاوى العناد أمام نقرة في رأس النظام السوري على يد مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة الذي حذر الأسد من تجاهل خطة وقف اطلاق النار ما شكل سابقة للهجة موسكو تجاه نظام الأسد.
الأسد التقط التعنيف الروسي سريعاً و انقلب على تصريحه الأول معلناً لصحيفة «البايس» الاسبانية أن وقف اطلاق النار ممكن شريطة عدم استغلال الارهابيين له.
الأسد يعلم علم اليقين أن وقف اطلاق النار هو تهيئة للحل السياسي الذي بدأت الولايات المتحدة و روسيا تدفع باتجاهه بقوة و الحل السياسي لا يعني ابداً أن تبقى سوريا موحدة بل على العكس تماماً فهو شرارة التقسيم الأولى إذ أن أي خط للهدنة هو اعلان شرذمة سوريا إلى دويلات، ربما اثنتين أو أكثر، خصوصاً إذا استغل الاتراك الحل السياسي أسوأ استغلال من اجل الخلاص من المأزق الكردي على حساب سوريا.
روسيا لا تقلق باستمرار الأسد بقدر ما تقلق على مصالحها، و الولايات المتحدة التي فتحت قنوات مباشرة مع روسيا تعرف كيف تروض الدب الروسي و الدليل على ذلك أن بشار الأسد اعتقد أن التقدم العسكري الذي يحرزه بدعم روسي سيمكنه من العودة بسلطة الحكم الى ما قبل خمس سنوات و يعيد كل ما انسلخ من الارض السورية فلم يغادر نبرة الواثق من النصر لكن الروس أرادوا اخباره بنقرة الرأس تلك أنهم معنيون بعدم سقوط نظامه لكنهم ليسوا هناك لإعادة كامل سلطته إليه فالروس لديهم مصالح في باقي الأرجاء أيضاً و ربما جاء التعنيف الروسي كرسالة حسن نوايا إلى دول الجوار الأخرى التي لا يمكن أن تقبل سوريا جديدة بوجود الأسد خصوصاً أن بعضاً من دول الجوار خصصت ميزانيات ضخمة لاسقاطه و لن تقبل بأي حال من الأحوال أن يذهب ذلك كله سدى.
يخطئ من يظن أن الأسد مدين ببقائه في الحكم لروسيا، فالأمر كله مرتبط بمحافظة ايران على نفوذها في المنطقة، و هذا ما يفسر احياء الاستعدادات لإبرام ايران لصفقة المقاتلات الروسية (مائة طائرة سوخوي لقاء ثمانية مليارات دولار) مع موسكو في هذه الأثناء، فإيران تسدد فواتير بقاء الأسد في السلطة.
ايران تعلم أنه لا يمكن لها مواجهة القوى الدولية مباشرة، و هذا ما يقودها للارتماء في احضان الروس الذين يمنون النفس بأمجاد الماضي ويقدمون أنفسهم على أنهم قطب قوي يقود السياسة الدولية رغم أنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن مفاتيح اللعب الحقيقية هي في أيدي لاعبين دوليين آخرين.
ما تريده القوى الدولية الآن في سوريا أن يتوقف صراع السلطة و المعارضة وأن تتوجه طاقاتهم لاجتثاث «داعش» وجبهة النصرة، و هذا يمكن أن يتوازى مع الحل السياسي.
هل يمكن أن يتحقق هذا بوجود الأسد في السلطة؟
الجواب على هذا السؤال لا يتوفر الآن و يرتبط بتطور خطة وقف اطلاق النار لكن هذا كله لا ينفي أن مستقبل وحدة الأرض السورية بات محفوفاً بالمخاطر و أن سوريا أصبحت كعكة تنتظر التقسيم بسكينة النظام السوري.