خريطة طريق «فيينا2»..أو هل انطلق قطار «التسوية» في سوريا؟

خريطة طريق «فيينا2»..أو هل انطلق قطار «التسوية» في سوريا؟
الرابط المختصر

ثمة ما هو جديد في «فيينا 2»، بعد ان لم يعد امام المتشددين وداعمي منظمات الارهاب وجماعاتهم بد من الاعتراف بأن مشروعهم قد لفظ انفاسه او في طريقه الى ذلك، وان الرهان على الارهاب لتحقيق اهداف سياسية مشبوهة قد سقط بدليل فقدانهم كل «اوراقهم» التي ظنوا انهم يتوفرون عليها، اذ انقلبت «الدمى» على صانعيها وراحت تؤسس لمشروعها الظلامي المعروف والذي وان التقى ذات مرحلة مع مشروع المُمولين والداعمين والرُعاة، الا انه يتجاوز ما هو مقبول او يمكن لحلفاء هؤلاء في الغرب الامبريالي ان يقبلوه، وبخاصة اذا ما تأثرت مصالحهم او دفعوا من رصيدهم «الانتخابي» على النحو الذي تُرجِم في التفجيرات والاغتيالات والمواجهات التي حدثت في عواصم غربية عديدة كانت آخرها التي ما زالت اصداؤها تتردد في جنبات المعمورة ونقصد «غزوة باريس» على ما وصفها بيان داعش الذي تبنى فيه العمليات الاجرامية تلك.
ما علينا..
دع عنك كل التصريحات التي تُطلقها هذه الجهة او تلك، بل اسْتمِع مباشرة الى ما يقوله الثنائي لافروف-كيري، وأقِمْ على ذلك تحليلاتِك وقراءاتِك، اما ما تبقى فلا يعدو كونه محاولة لحجز مقعد في «التسوية» المقبلة او الايحاء بأن تسوية ما لن تتم الا بشروط هذه العاصمة او تلك، لكن العنوان على الحائط، ولا داعي للتوقف عند المشاغبات والمناكفات بل تعبيرات الخيبة وفقدان ماء الوجه.
اسقطت تفجيرات باريس ما تبقى من اقنعة على وجوه الذين ظنوا ان بمقدورهم استدراك الأمور، وقلب موازين القوى السياسية (وخصوصاً الميدانية) وبات الجميع - أو قل الاغلبية - على قناعة بأن محاربة الارهاب يجب ان تتصدر جدول الاعمال الدولي, وليس المُضي قدماً بعناد وعدمية من اجل اسقاط النظام السوري (عبر التركيز على شخصية الرئيس لاخفاء هدفهم الاساس وهو تدمير الدولة السورية واشاعة الفوضى والخراب فيها) ليس لأن بديل النظام القائم هو داعش والنصرة وباقي التنظيمات والجماعات التي افرزتها اجهزة الاستخبارات وغرف العمليات السوداء، وانما ايضاً لأن هذه الجماعات التكفيرية لن تكتفي بالاستيلاء على سوريا (وربما العراق) بل ستواصل «فتوحاتها» وتتمدد بدولة خلافتها المزعومة وتسعى الى فرض مشروعها الدموي والظلامي ما استطاعت الى ذلك سبيلاً.
هنا والان.. يمكن التوقف عند مغزى التصريح الذي أدلت به مسؤولة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني عندما وصفت اجتماع فيينا 2 بأنه كان «جيد جداً».. ثم التلعثُم الذي بدا عليه وزير الخارجية الاميركي جون كيري عندما»ذكّره» سيرغي لافروف الى ان بيان فيينا 1 اكد على ان الشعب السوري «وحده «هو الذي يقرر مصيره وهو الذي يختار قيادته, ما دفع برئيس الدبلوماسية الاميركية الى التراجع وإن كان انتهز الفرصة ليشن هجوماً لاذعاً على الرئيس السوري، لكن ذلك كان استدراكاّ, اكثر منه تشبثاً بالمواقف السابقة التي كانت تشترط رحيل الرئيس السوري.
ما يلفت الانتباه ايضاً وفي شكل دراماتيكي هي تلك «الرزنامة الزمنية» التي اشار اليها الوزيران، وهي منح مهلة ستة اشهر للمباشرة في «مفاوضات» بين الحكومة السورية ووفد «موحد» من المعارضات السورية يسبقه وقف لاطلاق النار, يقود الى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال (18) شهراً, ما يعني أن كثيراً من الامور الاجرائية قد تم تسويتها او التوافق عليها, فضلاً عن اهمية ودلالة اعتبار جبهة النصرة (وليس فقط داعش) منظمة ارهابية, ما يشكل صفعة بالفعل للذين حاولوا تسويقها(النصرة) وخلع رداء الاعتدال عليها, ما اضعف من مواقفهم (الضعيفة اصلاً) وفي انتظار معرفة من هي المنظمات الارهابية من تلك المعتدلة وما اذا كان سيتم «تمرير» حركة احرار الشام وجيش الفتح الذي يتغلغل فيهما الاخوان المسلمون السوريون ويحظيان بدعم تركي وبعض العواصم العربية, ووصفهما زورا بالاعتدال رغم ارتكاباتهما الاجرامية وخطابهما الطائفي والمذهبي, فإن المشهد الدولي والاقليمي الراهن يشي بأن الامور سائرة في اتجاه تطبيق خريطة طريق مختلفة عن تلك التي سعت اليها انقرة ومَن اصطف الى جانبها من العرب، تُشكل انعطافة في المشهد السوري الذي ظن ممولو ورعاة الارهابيين انهم قادرون على تجييره لصالح مشروعهم التدميري والتفتيتي والساعي للطمس على الرابطة القومية.