حدودنا وقدرتنا على التغيير

حدودنا وقدرتنا على التغيير
الرابط المختصر

انسحاب «جبهة النصرة» و»الجيش الحر» من «نصيب» الحدودية السورية، وتكليف مدنيين بادارتها، لا يختلف كثيراً عن اجتياح داعش لمركز طريبيل الحدودي مع العراق، ثم الانسحاب منه على بعد سبعين كيلو متراً من الحدود الاردنية، فالمجموعات المسلحة معنية بعدم الصدام مع الاردن بالذات، لانها تعرف انه مقتلها, بينما هي تتعامل مع الحدود اللبنانية بخطف رجال الامن والجيش واعداد بعضهم، وتتعامل مع الحدود التركية بنعومة الاصدقاء وودهم واخلاصهم.. وكلنا يتذكر اطلاق داعش اكثر من اربعين موظفاً تركياً في الموصل، من القنصلية واجهزة المخابرات واستقبالها لشحنات النفط السوري والعراقي باسلوب الدفع الفوري.

دون تشبيه، فالحدود الاردنية محتدمة اكثر من الحدود الاسرائيلية، التي استقبلت بعض التحرشات وردت عليها، وتلقت رداً في شبعا.. وسكتت.

ونحن قلنا منذ البداية: ان استراتيجيتنا تقوم على ابعاد كل القوى المسلحة عن حدودنا، وايجاد مناطق فراغ يمكن توسيعها، بحيث يجد الفارون السوريون مكاناً آمنا، اذا قررنا انه لم يعد بالامكان استقبال لاجئين سوريين، او اننا وجدنا ان التبرعات العربية والدولية صارت اقل، فنحن، مع كل ما نحمل لاشقائنا السوريين من محبة قومية خالصة، لا نستطيع استنزاف اموال الشعب الاردني اكثر.

فهناك دول عربية لا يهمها او لا تستطيع اغاثة السوريين كما يجب في تجميعهم قدر الامكان في مخيمات، ورعايتهم صحياً وتعليمياً وايواء وصل الى حد تدفئة وتبريد الوحدة المصنعة السكنية، وانارة شوارع المخيمات ومد المياه والمجاري لها وقد اقامت الدولة خارج المخيمات حماية مجتمعية للاجئي المدن والارياف من حيث العمل والسكن والتعليم وغيرها.. وأقرب ما تكون حماية المواطن الاردني.

اذا طالت امد الحرب السورية الداخلية اكثر من خمس سنوات دون ان يجد السوريون والعالم، والعرب وسيلة سياسية لوقفها، فان الاردن لن يحافظ على الوضع الحالي، لانه ببساطة، لا يستطيع التضحية بازدهاره وتنميته، والقادر على فرض احترام حدوده على السلطة المتهاوية، وعلى حملة السلاح من معارضيها سواء بسواء.. قادر على احداث التغييرات التي تتلاءم ومصالحه المشروعة.

الارادة السياسية لقيادتنا، وحمل شعبنا لطموحاتها واعبائها، وفرادة قواتنا المسلحة تدريباً وتسليحاً واستعداداً، جعلت من الاردن حجر الزاوية في حسابات القوى الاقليمية والدولية، وسنبقى حجر الزاوية في اقامة القلعة العربية التي يشعر العرب كلهم الآن، بأنها الوسيلة الوحيدة لبقائهم على أرضهم، ولحماية سيادتهم عليها!.