حتى بعد الانتصار في حلب
كان الشاعر الافريقي يقول: وصلنا الى الاستقلال والحرية، لكننا لا نعرف ما الذي نريده منها.
وكان صديق في كينيا يقول: كانت امي خادمة في بيت السيد الأوروبي أيام الاستعمار، لكننا كنّا نشبع، وحين خرج وانتقلنا من المطبخ الى الصالون صرنا.. نجوع.
هذا كلام قاس نتج عن أيام الستينيات من القرن الماضي حين كان الاضطراب السياسي قد تبع احتفالات افريقيا بالاستقلال. وما تزال صورة الزعيم لومومبا تملأ صحف العالم، ومناظر الجنود الذين يطلقون النار في الشوارع بانقلاب الشاويش موبوتو، وتبعته الانقلابات، بما في ذلك الانقلاب على الرئيس بن بيلا.. فقد كانت افريقيا تغلي بالاحداث والاضطرابات الداخلية.
والصورة القاتمة الآن نشهدها في حلب، وبغداد، وصنعاء وبيروت، فماذا بعد انتصار حلب، او انتصار الحويجة او الانتصار في احدى مدن اليمن الجائعة؟!، اين سنكون وصلنا؟!.
لا احد يمكن من كل الاطراف المتحاربة ان يعطينا جواباً. فليس هناك الا المزيد من القتل والمزيد من الوجع الوطني، والمزيد من المشردين عن اوطانهم في الخيام واختلاط العواصف الرملية بالحر القاتل في الصحراء.
احد المعلقين المحترمين يتحدث عن 5ر4 مليار انفقها الاتراك، واغنياء العرب على 85 ميليشيا تتقاسم مدن وحواري سوريا. ولا يعرف احد كم انفق النظام السوري، وايران على جيش منهار، وميليشيات ايرانية وعراقية وافغانية وتركمانية وباكستانية.. ولبنانية فاذا كان قد وصل سوريا مائة وستين ألف ارهابي من كل العالم العربي والعالم، فكم عدد الذين يقاتلون في جيش النظام وميليشيات ايران؟!.
والحروب الاهلية ليست كما نتصورها في متابعتنا لاخبار التلفزيون.. انها اقسى من الحروب العسكرية لانها تفتت المجتمع، وتدمر علاقات الناس الاسوياء وتحولهم الى مجرمين. فالحروب النظيفة–هل هناك حروب نظيفة؟! – ليست مجرد قتل.. ان لها خطط، ورجال استراتيجية.. ولها هدف. فما الهدف من قتل الناس في حواري حلب؟!.
حين يجلس مجموعة اذكياء لادارة نقاش حول ما يجري في الوطن، نستمع الى حزن الكلام في ارقام المليارات من الدولارات، وعدد البيوت المهدمة، وعدد الارهابيين الذين جاءوا من كل مكان وما الذي يحدث للجيوش التي تتحول الى ميليشيات والدول التي تتحول الى نثار في يد المافيا السياسية والشعارات التي تحولت الى كذبة لم تعد تعني شيئاً.
حتى حين ننتصر في حلب.. وماذا بعد؟!