جحيم الأزمة السورية.. من جنيف إلى فينا

جحيم الأزمة السورية.. من جنيف إلى فينا
الرابط المختصر

على طريقة «غسيل الأموال»، تسعى روسيا وإيران إيجاد صيغة لـ «غسيل» الرئيس السوري بشار الأسد، بمعنى شطب سجل الجرائم المروعة، التي ارتكبها وأهمها قتل نحو « 300» ألف شخص وتشريد ما يقارب «12» مليوناً، وفتح صفحة جديدة تحت عنوان مرحلة انتقالية، تصر موسكو وطهران على أن يكون الأسد جزءا منها.
الاقتراح الروسي المفترض أن يناقش في اجتماعات « فينا 2»، يتضمن بدء عملية اصلاح دستوري تستغرق 18 شهرا، تتبعها انتخابات رئاسية مبكرة لا تستبعد مشاركة الأسد فيها، وهو ما ترفضه المعارضة، ودول عديدة عربية وأجنبية، مشاركة في «الطبخة السورية» تطالب برحيل الأسد.
«عقدة الأسد»، كانت السبب الأساس في فشل تطبيق تفاهمات «جنيف 1» و«جنيف2» في إيجاد مخرج من جحيم الحرب الأهلية، وربما ينسحب هذا الفشل على محادثات «فينا 1»، وربما «فينا 2»، وهي عقدة تربط مصير بلد بشخص، فرغم الكارثة التي ألحقها الرجل بسوريا، يصر على تطبيق مقولة «أنا الدولة، والدولة أنا».
الدخول في عمق المواقف المعلنة، يوحي بأن طهران وموسكو الدولتين الداعمتين لنظام الأسد عسكريا وسياسيا، ويكلفهما ذلك نفقات باهظة مالية واقتصادية ودماء أيضا، ليستا متمسكتين به الى الأبد، لكن لعبة التفاوض تستوجب المناورة، للحصول على أكبر حصة من «الكعكة».
طهران ألمحت في محادثات فينا، أنها تفضل مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر، تعقبها انتخابات لتحديد مصير الأسد، وزاد على ذلك نائب وزير الخارجية «أمير عبد اللهيان»، أن بلاده «لا تصر على بقاء الأسد في السلطة للأبد» وفي ذلك ما يكفي من «الغموض السياسي»، وهو موقف يتناغم مع الاقتراح الروسي. الذي يقول أن مصير الأسد يقرره الشعب السوري، الذي أصبح نصفه مشرداً.
زيارة الأسد الاخيرة الى موسكو، كانت عنصرا مثيرا في تطورات الأزمة، فواشنطن انتقدت استقباله على «السجاد الأحمر» !، أما بعض أطراف المعارضة، فقد علقت على الزيارة بشكل ساخر، ومن بين ما قيل في ذلك أن الأسد استدعي الى موسكو، وتم «شحنه» في طائرة نقل روسية ! لكن الصور التلفزيونية التي بثت عن لقائه مع بوتين أظهرت الأسد مرتبكا، فيما كان بوتين ينظر اليه نظرة استعلائية باستخفاف ! فهو من طلب تدخل روسيا عسكريا لإنقاذ نظامه، وسلم الكرملين مفاتيح ما تبقى تحت سيطرته من الأرض السورية والساحل، لإقامة قواعد عسكرية روسية ونشر ما يلزم من قوات، والهدف الاستراتيجي لموسكو هو مصالحها القومية، تحت غطاء مكافحة «داعش» والارهاب ! لكن في النهاية، بوتين يستخدم الأسد كورقة يلعب بها، ويبدو لي أنه لن «يكفله» الى الأبد، وسيجد له مخرجا للرحيل، بعد أن تضمن روسيا مصالحها وبقاء قواعدها ووجودها العسكري في سوريا.
روسيا رمت بثقلها العسكري، وإيران موجودة على الأرض منذ سنوات، بالإضافة الى الميليشيات الطائفية المدعومة منها، سواء حزب الله أو تلك التي جلبتها من العراق وباكستان وأفغانستان، وأميركا تقود تحالفا دوليا يتكون من عشرات الدول، أما فصائل المعارضة المسلحة فتجتمع فيها كل التناقضات، وتتعدد مرجعياتها وتمويلها، وجاء إعلان الرئيس الاميركي عن إرسال عشرات من عناصر القوات الخاصة الى سوريا، تحت عنوان مساعدة «المعارضة المعتدلة» في محاربة «داعش»، رسالة سياسية موجهة الى موسكو، مفادها «أننا موجودون على الأرض وفي الجو».
والمفارقة أن كل هذه القوى على الأرض، تعلن أنها تحارب «داعش»، لكنها في الواقع متباينة ومتناقضة في مواقفها وسياساتها إزاء الأزمة السورية، وذلك يعطي الأسد فرصة لمحاولة» تبييض» صورته، فهو يعلن أن سبب الازمة الإرهاب و«داعش»، ونظامه يشارك في الحرب الدولية على الإرهاب! فكيف يمكن فهم مثل هذه المعادلة المعقدة ؟ معارضة مدعومة من دول عربية وأجنبية تحارب من أجل إسقاط الأسد، وتطالب برحيله فورا، وفي نفس الوقت يعلن الجميع بمن فيهم نظام الأسد، وقوفهم في جبهة واحدة ضد «داعش» ؟
[email protected]

أضف تعليقك