جبهة النصرة والأمن الأردني

جبهة النصرة والأمن الأردني
الرابط المختصر

أسفرت الأحداث والعمليات العسكرية الأخيرة على الأرض السورية عن ثلاثة أحداث استراتيجية مهمة مرتبطة بجبهة النصرة، وسلسلة من التطورات وردود الأفعال السياسية؛ الأحداث تمثلت في السيطرة السريعة وغير المتوقعة لجبهة النصرة على مدينة إدلب ثم على معبر نصيب على الحدود الأردنية وهجوم تنظيم الدولة "داعش" على مخيم اليرموك الفلسطيني الذي قيل بأنه نفّذ بالتنسيق مع جبهة النصرة ذاتها التي طالما اعتبرت على عداء مع "داعش"، بل يقال إنها سلمت المخيم المحاصر منذ أكثر من 20 شهرا من قبل قوات النظام.

في هذه التطورات تسارعت الاتهامات الرسمية من قبل النظام ووسائل الإعلام المحسوبة عليه حول تورط أردني في تسهيل ما حدث على المعبر ووصل بعضها إلى اتهام الاردن بالتورط في أحداث مخيم اليرموك في محاولة غير واقعية لنفي الاتهامات الأخرى التي تشير الى أن عناصر النظام السوري هي المتورطة في تسهيل مهمة دخول تنظيم داعش الى داخل المخيم حيث لم يحرك النظام ساكنا ازاء هذه التطورات على الرغم من وجوده في المنطقة وحصاره الطويل للمخيم.

 وبعيدا عن التشويش الإعلامي فإن احداث الايام القليلة تشير الى تطورات خارج سياق المعادلات الامنية التقليدية التي حكمت علاقة الأردن بما يجري بالقرب من الحدود الشمالية التي أصبحت توصف بحالة هشاشة استراتيجية غير مسبوقة على مدى الصراع السوري؛ فالتحولات العسكرية السريعة من تقدم لقوات النظام المسنودة بفصائل حزب الله وعناصر فيلق القدس الايراني الى سيطرة سريعة لجبهة النصرة ذراع القاعدة والفصائل السلفية الاخرى، حيث اصبحت كامل منطقة المثلت الواصل بين معبر نصيب الحدودي وصولا للحدود مع الجولان السوري المحتل والحدود الأردنية، تحت سيطرة النصرة وحلفائها ولم يعد بها تواجد لقوات النظام. وهذا المعبر الرسمي الوحيد المتبقي للنظام مع الأردن بعد سيطرة جبهة النصرة وكتائب إسلامية أخرى على معبر الجمرك القديم في 2013. كما ان الوصول الى المعبر جاء بعد أيام قليلة من سيطرة جبهة النصرة على مدينة بصرى الشام بالكامل إثر طردها قوات النظام ومقاتلين موالين له من أحيائها.

التوقعات تذهب الى إن جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سورية، تسعى إلى إقامة كيان خاص بها مواز لكيان "الخلافة" االذي أعلنه تنظيم "داعش" في مناطق شمال وشرق سورية وشمال وغرب العراق، ويترسخ هذا التوقع مع النفوذ المتزايد للجبهة وعودتها الى واجهة الاحداث بقوة. ورغم أن مناطق نفوذها تمتد من الحدود التركية شمالا  الى الحدود الاردنية جنوبا الا ان احتمالات ازدياد نفوذها في الجنوب السوري اكثر، ما يجعل المنطقة المحاذية للحدود الشمالية التي حرص الاردن على ان تبقى مجالا حيويا آمنا على مدى سنوات الصراع أصبحت عمليا مصدر قلق أمني.

القلق الامني الأردني متعدد المصادر على الرغم من الثقة العالية بقدرات الجيش العربي، واهم مصادر هذا القلق هو نشوء كيان سياسي وعسكري للجبهة يحاذي الحدود الاردنية، وتزداد خطورته مع حجم نفوذ جهاديين أردنيين في الجبهة وفي مواقع قيادية عديدة وتركز معظم هذه القيادات في درعا والغوطة ومناطق جنوبية، ثم الأساليب العسكرية التي تتبعها جبهة النصرة ومنها حفر الانفاق تحت الارض التي أوصلتها للسيطرة على المعبر الحدودي، ما يطرح ضرورة الحذر من الاقتراب إلى الاراضي الاردنية.

تصنف جبهة النصرة كتنظيم ارهابي على الرغم من عدم ممارستها لبشاعة السلوك الاجرامي لتنظيم "داعش" حيث قامت الحكومة الأميركية بتصنيفها على أنها جماعة إرهابية العام 2012 وقرر مجلس الأمن بالإجماع في العام 2013 إضافتها إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعين لتنظيم القاعدة. على كل الأحوال فان هشاشة الوضع الاستراتيجي على الحدود الشمالية غير مسبوقة وتحديدا مع وجود تنظيم عسكري جذوره تنتمي للقاعدة بكل ما يعرف عنها.

أضف تعليقك