الحكومة والمعارضة السورية.. فلتبتعدوا عن العدمية
بعد غد ينطلق مؤتمر «جنيف 3» الخاص بسوريا في اطار محادثات أو مفاوضات بين الحكومة والمعارضة.. و كل المشاركين في هذا المؤتمر انما يتحملون مسؤولية تاريخية اتجاه وحدة سوريا أرضا و شعبا، ذلك ان نجاح «جنيف 3» يعني وقف حرب عبثية طويلة كارثية قتلت و هجّرت و دمّرت بلدا كان يعوّل عليه الكثير.
و يعني نجاح هذا المؤتمر كذلك التوصل لوضع توافقي و نظام سياسي فيه متسع للجميع ، نظام يقوم على أسس ديمقراطية تحفظ للسوريين بكل مكوناتهم و توجّهاتهم حقوقهم على اساس اعلاء مفهوم المواطنة والغاء التمييز بين السوريين.
و يعني نجاح المؤتمر اعادة السوريين المهجّرين والنازحين لديارهم، و البدء باعادة اعمار ما دمّرته الكارثة، و يعني أخيرا أمنا واستقرارا و هدوءا وسلاما ينشده أشقاء روحنا مواطني سوريا طوال خمس سنوات مضت. و تلك أهداف نبيلة و أساسية و مصيرية، بين أن تكون سوريا أو لا تكون. و بالتالي لا يجوز لأية تفاصيل أن تقف دون تحقيق هذه الاهداف.
و يعني ذلك أن على أطراف المعادلة السورية الوطنية المعتدلة كافة التي ترى بسوريا وطناً للجميع، وطن بنظام مدني، يحترم الدين و الطائفة و المذهب و العرق دون أن تكون تلك أساسا للتفريق او التمييز بين السوريين، و دون أن تكون عوامل محددة للسياسة ورسم للتحالفات و الاصطفافات.
و هي أهداف لا يجوز التوقف عند أي تفاصيل من شأنها اجهاض تحقيق السلام والتوافق في سوريا. و أتمنى على المعارضة السورية ان لا تقع في شرك العدمية و فرض شروط مسبقة أو التحفظ على حضور أي من أطراف المعارضة المدنية، فتلك طروحات تجانب المنطق. فالسوريون ، بكافة ألوانهم التي تسعى لبناء الدولة المدنية، هم شركاء في بناء سوريا المستقبل.
و بعد: أناشد الأخوة السوريين، حكومة و معارضة، أن يقدموا تنازلات تاريخية جريئة لانجاح مؤتمر «جنيف 3»، و دفع الأمور نحو توافق، وأن يقلبوا صفحة الماضي بكل مراراتها، و أن يتخلصوا من أي تفكير ماضوي أو ثأري، أو البحث في أسباب ما جرى. فالمستقبل يجب أن لا يرتبط بالماضي المر ما دام الجميع متفق على سوريا موحدة مدنية ديمقراطية فيها مكان للجميع.
ولنتذكر بأن أمما و شعوبا كثيرة مرت بظروف أقسى، و سال دم غزير على مذبح خلافاتها، و مع ذلك تم لملمة الجراح و النظر الى المستقبل بعين واحدة ترى الوطن للجميع وواجب حمايته و بنائه على الجميع أيضا.