الحشد السوري في درعا ومخاوف تشكل” عرسال أردنية”
المراقب للمشهد الاقليمي و طبيعة التصعيد الحاصل على جبهة سورية الجنوبية و ما يرافقه من تصعيد على جبهة سورية الاعلامية يدرك حجم التوجسات و المخاوف التي باتت تسيطر بوضوح على المحور السوري، خصوصاً بعد حادثة اغتيال الطيار الاردني و التحولات الاخيرة التي دفعت بالاردن لتصدر مشهد مكافحة الارهاب في الاقليم.
لهذا فمن الطبيعي ان تنتقل بوصلة الاهتمام السوري نحو الجنوب في محاولة للتعامل الاستباقي مع اي محاولات افتراضية مستقبلية لسيناريوهات التدخل البري التي يعتقد كثير من السوريين انها باتت محتملة أكثر من اي وقت مضى.
اردنياً، ادى تصدر الاردن لمواجهة مكافحة الارهاب لفتح باب التأويلات على مصراعيه.
المحور الرئيسي لمجمل هذه التأويلات تركز على شكل المرحلة الثانية من مواجهة تنظيم داعش، اي مرحلة ما بعد الضربات الجوية و اجتثاث الارهاب على الارض. الواقع الجغرافي و السياسي و حتى العسكري يشير بوضوح ان خيار التدخل العسكري الاردني برياً في الداخل السوري او العراقي هو خيار مرفوض اردنياً تماماً من الزاوية الاستراتيجية و المنطقية و على كافة الاصعدة، الرسمية و الشعبية.
الخيار الاستراتيجي الاردني اليوم يتطلب حماية الحدود الاردنية مما يعني ان الاردن معني تماماً بالتطورات الامنية في المناطق القريبة من حدوده. التنسيق الامني الاردني مع جيرانه هو تنسيق موجود و مستمر، لكن في الحالة السورية، هناك معطيات سابقة على مدار سنوات الازمة ادت الى انخفاض منسوب الثقة بين البلدين، عداك عن تعرض السوريين الى نوع من انواع الخديعة من قبل بعض الدول العربية الامر الذي يزيد اليوم من صعوبة تقُبل سورية لكثير من هذه التحولات. يضاف الى ذلك تفاقم الصعوبات الاقتصادية على المشهد السوري مما يدفع بالنظام نحو تبني خيار حسم كثير من الملفات العالقة باسرع وقت تحسباً من اي تحولات قادمة قد تضاعف من هذه الاعباء.
ضمن هذه المعطيات، تبرز تحديات جديدة امام الاردن، قد يكون عنوانها الابرز “خطر تشكل عرسال اردنية” خصوصاً ان عمليات الجنوب السوري قد تدفع ،منطقياً، بكثير من التنظيمات و المسلحين نحو الحدود الاردنية مما يعني ان المواجهة قد لا يختارها الاردن بل قد تُفرض عليه. خصوصاً ان هناك توجسات سورية كبيرى من موضوع حصرية الهجوم على تنظيم داعش دون اي تنظيم آخر، كجبهة النصرة على سبيل المثال. لهذا فان الدفع بمسلحي النصرة نحو الحدود الاردنية يمكن النظر اليه انه يأتي في سياق استراتيجية تهدف الى خلق مناخات مواجهة مباشرة بين الجيش الاردني و هذا التنظيم.
الرؤية المنطقية تعتبر ان الهجوم على داعش لا يعني استثناء النصرة و بالتالي من غير المستبعد ان تشمل هذه الضربات جبهة النصرة في القريب العاجل. لكن يبقى الخطر الابرز في هذه المواجهة يتمحور حول تشكل مناخ يقدم ممرات لكافة التنظيمات بما فيها داعش للمشاركة في هذه المواجهة المحتملة.
الاخطار التي تواجه المنطقة برمتها هي أخطار مشتركة، و البحث عن وسائل تعاون و تنسيق بين دول المنطقة هو المطلوب اليوم لوقف نمو هذه التنظيمات و استغلال وجودها للتصفيات السياسية التي أصبح الجميع يدرك أهدافها و أخطارها. تحديات الاردن تتفاقم و الخروج من المنطقة الرمادية في مواجهة تنظيم داعش يستدعي ايضاً تبلور استراتيجية سياسية واضحة تواكب هذا التحول الاردني و تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الاردنية الوطنية و كيفية تجاوز كل هذه التحديات الحالية منها و القادمة.