الائتلاف والجيش الحر خارج.. «البرنامج الأميركي»!
غداً الاربعاء.. تبدأ الولايات المتحدة الاميركية برنامجها العتيد لتدريب (500) من عناصر المعارضة السورية المُسلّحة (المعتدلة طبعاً) في معسكرات تركية جرى اعتمادها بالتنسيق مع انقرة، تَرُوج انباء بأن اختيار هؤلاء «المتدربين» جاء من قِبَلِ «خبراء» وزارة الدفاع الاميركية، التي - وفق الانباء ذاتها - قامت بفرزهم وفق شروط ومعايير خاصة بها، منها أن يكون هؤلاء من منظمات «هامشية» وصغيرة وذات دور ثانوي في الأزمة السورية، الأمر الذي يعني ابتعاد «الاميركان» عن الجماعات والمنظمات الكبرى او الرئيسية التي تحتل العناوين وتحظى بالمتابعة (اقرأ بالدعاية والترويج الاعلامي التركي وبعض العربي) بما يؤشر الى مسألتين، الأولى: أن الاميركيين لا يثقون بهذه الجماعات والمنظمات المسلحة، وبخاصة بعد تصفية الحركة التي عملوا على استيلادها لصالح جماعة الاخوان المسلمين السورية، وهي «حركة حزم» وفي الان ذاته كرسالة الى انقرة التي لم تشارك في «فرز» او اختيار هذه العناصر، أما الأمر الثاني والأهم فهو ادارة واشنطن ظهرها لكل من إئتلاف اسطنبول الذي يرأسه التركي الجنسية والمقرّب من جماعة الاخوان المسلمين خالد خوجة، وخصوصاً الهيكل المتصدع بل غير الموجود إلاّ في أكاذيب الفضائيات العربية المُسمى بـِ»الجيش الحر» الذي تبعثر وتشظى ولم يعد قائماً.
وبصرف النظر عن التصريحات الديماغوجية وفارغة المضمون وما تعكسه من افلاس سياسي موصوف كالتي يطلقها ممثلو هذين التنظيمين الهشّين، بأن دور العناصر التي يدربها الاميركيون لن يكون إلاّ لمحاربة داعش وأن تسليحهم سيكون خفيفاً يقتصر على البنادق الآلية وقذائف آر بي جي وانهم سيقومون بالتنسيق مع قوات النظام (كذا) وليس لمحاربة النظام وقواته، على ما يقول خالد خوجة نفسه ويكرر الكلام الفارغ ذاته اسامة ابو زيد، المستشار القانوني للجيش الحر، فإن ما يجري الان على «ضفة» التدريب الاميركي الموعود، مضافاً اليه ما حدث في منتدى او حوارات «موسكو2» ورفض الإئتلاف حضور جلسات هذا المنتدى الذي حقق في نسخته الثانية تقدماً ملحوظاً باعتراف الراعي الروسي (معهد الاستشراق الروسي برئاسة البروفسور فيتالي نعومكين)، كذلك أطراف المعارضة الداخلية التي شاركت بفاعلية ووطنية وحرص في العمل بدأب ومثابرة من اجل اخراج سوريا وشعبها من ازمتها الخطيرة الراهنة وخصوصاً في حفظ وحدة الاراضي السورية وانهاء معاناة ابنائها الذين يواجهون حرباً دولية غير مسبوقة تستهدف شطب سوريا دولة ودوراً وموقعاً جيوسياسياً وجعلها منصة للانقضاض على ما تبقى من الهوية القومية العربية.
وبصرف النظر عن الاكاذيب أو المبالغات التي يواصل ممثلو الائتلاف وبقايا الجثة المسماة الجيش الحر, فبركتها أو اختراعها من اجل الابقاء على دورهم الذي انتهى بعد أن اكتشفهم الاصدقاء والممولون والرعاة, ونفضوا أيديهم من خطابهم الفارغ ولم يعودوا يعلون عليهم أو يراهنون على امكانية اقالتهم من عثراتهم وهشاشتهم وخصوصاً فسادهم, فإن المناخات الجديدة في المنطقة مرشحة لأن تُسرّع في دفن هذين التنظيمين والذهاب في اتجاه اعادة قراءة ملفات الازمات المندلعة في المنطقة, بعد أن لم يعد بالامكان إخفاء ادوار اللاعبين الرئيسيين في عواصم اقليمية ودولية, ولم يعد للكومبارس (اقرأ معارضات الخارج السورية) من دور في هذه المرحلة التي يتوجب على اللاعبين «الرئيسيين» هؤلاء, وضع أوراقهم على الطاولة والبدء بحوارات أو مفاوضات بهدف الوصول الى تفاهمات أو توافقات تضع حداً للعبث وسفك الدماء وحياكة المؤامرات, التي لم تتوقف عواصم معروفة عن مقارفتها والتوهم بفرض شروطها..
قصارى القول ان احداً من اللاعبين هؤلاء, لا يستطيع الذهاب بعيداً في «مشروعه» دون الالتفات أو الأخذ في الاعتبار مصالح الاخرين, أياً كانت ترسانة الاسلحة التي يتوفر عليها أو خزائن الاموال التي يمتلكها أو قوة تحالفاته وتعددها, يندرج في اطار المشهد الراهن ما افرزه أو فرضه تفاهم لوزان بين طهران ومنتدى 5 + 1, رغم أنه ما يزال موضع جدل وتجاذبات ومحاولات لتخريبه أو إفشاله, كذلك هي حال وتداعيات عاصفة الحزم التي لم تنته بعد, فضلاً عن مستجدات «الساحات» السورية التي تؤكد مرة تلو الاخرى أن معارضات الخارج قد استنفدت دورها وأن اوهام اسقاط النظام أو انتهاء دوره أو التفاوض على تسليم السلطة قد تبددت ولم تكن واقعية او قابلة للصرف أو التداول في اي وقت مضى.. ما بالك الان؟
زد على ذلك, سيرورة الاوضاع في العراق والآفاق المفتوحة لالحاق هزيمة مدوّية بداعش, الامر الذي سيغير كثيراً في تحالفات المنطقة واصطفافاتها.
هل تنجح «كتائب» المعارضة السورية المعتدلة, التي يُعدّها الاميركان في إحداث تغيير جوهري على موازين القوى القائمة؟
إسألوا.. خالد خوجة واسامة أبو زيد.