أزمتنا في اللاجئين وليس في الثلج
ما يحدث من تهويل وتطبيل عند كل حالة طقس او تنبؤ بالثلج يكشف سطحية النخب السياسية والقيادات الحكومية والمجتمع، اليوم يدار الظهر وتعمى البصائر عن جوهر المشكلات التي نعاني منها في التعليم والبطالة والفقر وتحديات اللجوء السوري، ويصبح اهتمام المجتمع بقرار العطلة او المخابز أو الصرف الصحي في الأمانة. وهذه الامور على اهميتها للعيش اليومي إلا أنها في الزمن الغابر لم تكن كذلك، ولا تأخذ الاهتمام الذي يتم اليوم، فاليوم ثمة أقنعة كثيرة وثمة ما يحب أن يُبقى الإنسان الأردني بعيد عن التفكير بالمصائر والمستقبل. اليوم نحن مجتمع تعرض لأكبر مصائب الأردن في الألفية الثالثة، ونحن أمام تحد كبير اسمه الأزمة السورية التي سيطول بقاء أثر اللجوء فيها، فعمر اللاجئ قد يستغرق عقدين من الزمن، ومعنى هذا أن كل خطط الدولة يجب أن تتغير ويعاد فحصها، بالإضافة لذلك، يجب أن تدرس التحديات والدراسات التي تخرج عن اللجوء السوري في الأردن. في دراستها التي عملت عليها مباشرة وضمن منحة فولبرايت في الأردن بين عامي 2012-2013 وكباحثة في برنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، عاينت ألكساندرا فرانسيس تأثيرات اللاجئين السوريين في الأردن من العام 2013 إلى العام 2014. واليوم تنكشف الكثير من الأزمات والنتائج المتحققة عن هذه الهجرة التي باتت تؤرق الكثير من الأردنيين وتلح على الدولة بضرورة التحرك لمواجهة التحديات قبل فوات الأوان. تخلص دراسة الكساندرا فرانسيس إلى جملة تحديات سيعاني منها الأردن جراء أزمة اللاجئين السوريين،فهي ستؤدي إلى تفاقم التحدّيات السياسية والاقتصادية ومعها تحدّيات الموارد المزمنة في الأردن وازدياد وتيرة الاستياء العام والتوتّرات الأخرى، وترى أنه إذا ما ترك هذا التحدي من دون معالجة فسوف يشكّل جملة من الإرهاصات لحالة من عدم الاستقرار. وبما أن 84% من اللاجئين السوريين يعيشون في المجتمعات المضيفة بدلاً من مخيمات اللاجئين فقد ضاعف هذا الانتشار التحديات الوطنية إذ أرهق اللاجئون البنية التحتية الاقتصادية والموارد في الأردن، والتي تعاني أصلاً من مشاكل هيكلية قبل اندلاع أزمة اللاجئين. كما ترى أن الرأي العام الأردني يبالغ باستمرار في الحديث عن الآثار السلبية لتدفّق اللاجئين السوريين، بينما تحظى الآثار الإيجابية اهتماماً أقل بكثير. اهم ما في الدراسة ما جاء في البند الخاص بنتائج الهجرة على الاستقرار السياسي وظهور خطاب المهمشين فهي تقول حرفيا:»يشكّل تدفّق السوريين مشكلة سياسية للأردن. إذ يتركّز السوريون بدرجة كبيرة في المجتمعات المحلية الأكثر انكشافاً في الأردن، حيث بدأت المظالم التي يبرزها اللاجئون السوريون تستنفر الأردنيين المهمّشين. ومع تنامي مشاعر الإحباط العام، يتم تأطير الصراع السياسي أكثر فأكثر باعتباره صراعاً ضدّ الحرمان من الحقوق. ولاريب أن هذا يتناقض مع الصراعات السياسية التاريخية في الأردن...وقد عجّل التضخمُ السريع في أعداد اللاجئين السوريين ظهورَ سرديّة عن المهمّشين في المجال السياسي، لها القدرة على تهديد استقرار الهيكل السياسي الحالي في الأردن.» اليوم تخرج التصريحات الرسمية لتهيئ الرأي العام الأردني لقبول اللاجئين السوريين لمدة طويلة، وتخرج التقارير عن ارتفاع الجريمة والمخدرات، بما يستدعي البدء بتوفير الحلول العاجلة والخلاص من الوضع الراهن، فقد تحمل الأردن الكثير من الأعباء تاريخياً بفعل استقبال الأشقاء العرب.