«أوهام» المعارضات السورية.. أو حقائق المشهد السياسي والميداني!

«أوهام» المعارضات السورية.. أو حقائق المشهد السياسي والميداني!

لم يتوقف كثيرون في المنطقة وعبر المحيطات عند التصريحات التي ادلى بها بعض ممثلي الفصائل والهيئات والائتلافات والشخصيات الذين تم تجميعهم للالتقاء في الرياض , بهدف «افراز» وفد موحد من المعارضات السورية في الخارج وبعض الداخل مضافاً اليهم بعض التنظيمات المسلحة التي ظنوا ان بمقدورهم «تبييضها» والحؤول دون زجها في خانة المنظمات الارهابية (وهي كذلك اصلاً) في محاولة للتذاكي على القوى الفاعلة في الأزمة السورية والظهور بمظهر القوة «الموازية» للحكومة السورية الشرعية، ما اظهر خِفَّة في المواقف وسذاجة في القراءة السياسية والميدانية وغروراً اسهمت بعض العواصم العربية والغربية في تضخيمه لديهم.
يمكن اكتشاف كل هذه «العِلَل» والمراهقة السياسية في مضمون البيان الصادر عنهم والذي يضع شروطاً واشتراطات، يبدو لمن لا يعرف حقائق المشهد السوري وخصوصاً الميدانية منها، ان يعتقد بأن قوات المعارضة وجحافلها تقف على ابواب دمشق، وان لا خيار امام النظام ورئيسه سوى الاستسلام او تَحَمّل تبِعات رفض رفع الرايات البيضاء، وكان ينقص البيان ان يقوم اصحابه بتحديد مهلة زمنية»نهائية» باليوم والتاريخ والساعة، تَسْقُط بعدها كل الاعتبارات.
ما علينا..
احد «القادة» في مؤتمر الرياض وبعد انتهاء الاجتماعات خرج على الناس قائلا: ان المفاوضات مع النظام السوري ستبدأ برعاية الأمم المتحدة في الثلث الأول (او الثاني) من الشهر القادم، ولأن الوهم الكبير استبد بمعظم حضور هذا المؤتمر, الذي «انتخب» هيئة عليا للتفاوض لم تلبث ان «تضخمت» ليصبح عددها (34) كي يتم ارضاء كل من تم اغراؤه للحضور، فان «فبركة» خبر بدء المفاوضات مع النظام، كان مجرد «فزاعة» لاسكات الذين ابدوا تشاؤماً من امكانية بقاء هذا «التوَحّد» القسري وغير المقنع لمعارضات فقدت جزءاً كبيراً من تأثيرها وحضورها ودورها، بعد ان فشلت في اقناع الداعمين والرعاة والممولين بـ«أهليتها «وخصوصاً نسبة تمثيلها الشعبي على الارض السورية، فضلاً عن التبعية المُهينة التي اظهرتها لداعميها والعواصم التي غدت مرجعيتها ودائماً في الخلافات وانعدام الثقة بين صفوفها وخصوصاً في السباق المحموم على الجلوس في المقاعد الاولى، سواء في المؤتمرات ام الطائرات ام إجتماعات الفنادق التي لا تنتهي وغير المثمرة في الاساس.
ليس إذاً ما يؤكد أن «مفاوضات» كهذه ستبدأ في الشهر المقبل، إذ ثمة عقبات اساسية ما تزال قائمة يصعب على «القوى» التي حضرت مؤتمر الرياض , حلّها او حتى ابداء الرأي فيها، لان القرار لم يعد (كما كان اصلاً) في ايديهم، فليس هم من يحدد «هوية» المعارضات ولن ينحصر التمثيل المُعارض فيهم وحدهم، ما بالك ان فيهم مَن هو «ارهابي» حقيقي ولا فائدة من تجميله او خلع صفة الاعتدال عليه وايضاً في محاولة غسل يديه وتبييضها من الدماء الملطخة بها، فأين أذاً باقي «المعارضات» ذات الصدقية وذات الثقل الميداني ونقصد هنا الكرد السوريين وقوات حماية الشعب(بزعامة صالح مسلم) وتيار «قمح» ومعارضة الداخل التي يصفها معارضو الخارج بـ»المدجّنة»؟
ثم كيف يمكن لهؤلاء الذين اصدروا بيان الرياض, ان يقفزوا على مقررات «فيينا2» ويتمسكوا ببيان جنيف 1، الذي لم يعد مرجعية بعد ان حدَّدت «مرجعية فيينا» هوية سوريا الجديدة, بما هي دولة علمانية تعددية وديمقراطية، لكل ابنائها دون تمييز او اقصاء او هيمنة؟
وماذا عن «نقطتي» السيد كيري الذي قال انه يجب «حلّهما» قبل الذهاب الى اي مكان، ما بالك ان السيد الاميركي يعرف تماماً ان زمن تجاهل ما يحدث على الارض السورية , وما يتم صنعه من حقائق والادوار التي تنهض بها العواصم الداعمة للنظام السوري.. قد وَلَّى، فلا مؤتمر نيويورك في الثامن عشر من الشهر الجاري سيُعقد، ولا «اوهام» الذين التقوا في الرياض ستمر، إلاّ اذا تم تحديد قائمة المنظمات الارهابية في شكل صحيح ومنطقي وحقيقي وخصوصاً في تحديد مَنْ هم معارضو النظام»غير المجموعات المسلحة التي ولغت في دم الشعب السوري» والكيفية التي سيتم اعتماد تمثيلها في الوفد التفاوضي العتيد.
ما يدعو للسخرية , ان بيان المعارضات الاخير اظهرها كانها فعلا «من آل بوربون» لا يتعلمون شيئاً ولا ينسون، وخصوصاً مطالبتهم برحيل رأس النظام السوري. قالوا ذلك قبل خمس سنوات ويقولونه الان.. رغم كل ما حدث ويحدث وبخاصة في ما هم عليه من ضعف وتبعية واغتراب عن هموم الشعب السوري. إسألوا رئيس الحكومة المؤقتة الثائر احمد طعمة عندما حيل بينه والدخول الى «الاراضي المُحَرِّرة».

أضف تعليقك