لا تعريف واضح لمصطلح التحرش في القانون الأردني، حسب الخبيرة في التشريعات الاجتماعية هالة عاعد، موضحة أن التحرش أصبح يتخذ أشكالاً وصوراً مختلفة في المجتمع، ولا ينحصر في شريحة عمرية معينة، إن كان من الضحايا أو حتى من مقترفي فعل التحرش.
اللاجئة السورية سلمى تتعرض للتحرش باستمرار، فهي تسمع كلمات بذيئة من الشباب أثناء خروجها من منزلها، وتعاني أثناء ركوبها وسائط النقل العام في فترة الازدحام، مؤكدة أنها تتعرض لأنواع متعددة من التحرش سواء اللفظي منه أو حتى الجسدي.
لم تتقدم سلمى بشكوى إلى جهة مسؤولة، فكونها لاجئة يثقل كاهلها بشعور من الضعف، وتشعر بانتقاص لحقوق اللاجئين بشكل عام، ناهيك عن الحالة المزريبة لحقوق المرآه في المجتمعات العربية، ولا ترى أي جدوى من الشكوى، فحسب علمها لا توجد أي في القانون الأردني تقع على المتحرش.
وتضيف سلمى أنها كانت تظن أن خطأ ما في تصرفاتها أو لباسها يجذب المتحرشين إليها، إلا أنها اكتشفت من حديثها مع صديقاتها من السوريات، أن جميعهن يتعرضن للتحرش بأشكال مختلفة على الدوام، بغض النظر عن نوع وشكل ملبسهن أو الوقت الذي يتواجدن فيه في الأماكن العامة.
"الفتاة السورية ليس لها عزوة"، تقول الطالبة الجامعية الأردنية روان، وترى أن التحرش بهن لا يحمل عواقب على المتحرش، فهو يعلم جيدا أنهن مستضعفات ولن يتقدمن بشكوى، وأن الفتاة السورية ستكون وحدها بدون مرافقين من الأهل، بينما يمكن أن يكون مع الفتاة الأردنية المستهدفة بالتحرش أحد من أهلها ليدافع عنها.
الفئات المهمشة بشكل عام والنساء اللاجئات بشكل خاص عرضة للتحرش ومن مختلف الجهات، يؤكد مدير جمعية معهد تضامن النساء الأردني منير دعيبس، مضيفا أن التحرش بالنساء اللاجئات أكبر من التحرش بالنساء من المجتمع المحلي كونهن مستضعفات تنقصهن الحماية والتوعية.
وأضاف دعيبس أن المركز تلقى شكاوى كثيرة من النساء السوريات عن التحرش بهن، والذي يتم من قبل جميع الفئات، من عاملين في مراكز الإغاثة وموظفي المنظمات الدولية والحكومية وحتى عناصر الأمن المخولة حمايتهن، ويصل الأمر الى المارة في الشارع وخاصة عند علمهم بأنهن لاجئات.
أيضا، تؤكد الأمين العام للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس، أن لا تعريف واضح للتحرش في قانون العقوبات الأردني، مؤكدة عمل اللجنة على إيجاد هذا التعريف وقيامها باقتراح نص تعريفي واضح، لإدراجه في قانون العقوبات وقانون العمل أيضا، بهدف تطبيق العقوبة على فعل التحرش.
وتقول النمس أن التحرش حسب مفهوم اللجنة، هو أي سلوك مادي أو لفظي أو غير لفظي ذي طبيعة جنسية، أو أي سلوك آخر مبني على أساس الجنس؛ يؤثر على كرامة المرأة والرجل؛ ويكون غير مرحب به وغير معقول ويسيء للمتلقي وغير مقبول، أو الخضوع له، صراحة كان هذا السلوك أو ضمنا.
وتضيف النمس أن القانون في الدول المتقدمة يحمل العبء الأكبر على المشتكى عليه لكي يثبت براءته، بينما تتحمل المشتكية في الأردن عبء اثبات شكواها، في ظل الحكم المسبق عليها من قبل المجتمع ومنفذي القانون بانها هي التي تسببت في التحرش بسبب طريقة لباسها أو وقت خروجها من المنزل.
من جانبها تؤكد عاعد أن القضاء على ظاهرة التحرش هو عمل متواز على مستوى المؤسسات القانونية والتربوية والأسرة في أن معا، فالتربية والتنشئة والنظرة للنساء وتشجيع الفتيات على التقدم بشكوى، وأن التحرش يدين مرتكبه ولا يدينها كضحية، هي عوامل مهمة في القضاء على هذه الظاهرة.
وتشدد عاعد على مهمة القانون في علاج مشكلة التحرش فمن أمن العقوبة أقل الأدب كما يقال، ولا بد من وجود نص قانوني صريح ومنضبط وذو أركان ينظم العقوبة التي يجب تطبيقها على مرتكبي التحرش، كي تستطيع المتقدمة بالشكوى إثبات شكواها حسب النص القانوني.
ظاهرة مسيئة لصورة المجتمع ككل تختصر في كلمة واحدة هي التحرش، تحتاج لعمل حثيث للحد منها وإيجاد الآليات الفعالة للقضاء عليها ليس فقط في المجتمع الأردني وإنما في مختلف مجتمعات اللجوء.