صحافة اللاجئين "على حافة الهاوية"
منذ بدء الأزمات في العالم العربي وأخبار اللاجئين وقصصهم كانت تتصدر النشرات والعناوين الرئيسية ، وأخذت تغطية أخبارهم مجالاً واسعاً واهتماماً كبيرا لكن هل تُغطى أخبارهم بمهنية صحفية وقانونية ؟؟ أم أنها باتت تجارة لكسب المشاهدات والاستعطاف .
فالإعلام يلعب دور جليل في إدماج اللاجئين وإيصال صوتهم الواهن ومتابعة قضاياهم ، وهذا غير موجود فعلياً فالمؤسسات الإعلامية لا تركز على الأخذ برأي اللاجئ نفسه حول قضاياه، حيث لا نجد ما يطرح حول توقعات مستقبلهم ومشاركتهم في القرارات السياسية التي تخصهم وتقتصر التغطية الاعلامية للاجئين على تصوير سوء معيشتهم من الجانب المادي وسوء أوضاع مساكنهم، وتطرح الأخبار والتقارير بشكل أساسي حاجتهم للمساعدات المادية بالأخص كونه يشكل العبء الاقتصادي الأكبر على دول اللجوء ، ويتم تهميش الجانب النفسي والانعكاسات الاجتماعية بالإضافة لضعف الجانب الإنساني وتجاهله تماماً وشملهم جميعاً " كلاجئين " بكتلة واحدة دون التركيز على الفئات منهم مثل كبار السن وذوي الاعاقة وأصحاب المشاريع والأطفال، ولا نجد ما يسلط الضوء على الفنانين والمثقفين لإظهار الوجه الآخر للاجئين أو وجود ما يكشف الأخبار المغلوطة عنهم .
كما نجد أن أغلب قصص اللاجئين من حيث الجانب الإنساني تطرح الصحافة قضاياهم بطريقة تعاطف وضعف ، سواء قصص نجاحهم أو المشاكل التي تواجههم ، بالإضافة لضعف معرفة الصحافيين القانونية والأخلاقية حول نشر صور الأطفال وطريقة الكتابة عن اللاجئين والمخيمات ضئيلة ومحدودة ويتم تجاهل ما يسمى في وقتنا الحاضر " صحافة اللاجئين " ، وهي ما يحتاجه الصحافيين اليوم للتوعية حول كتابة ما يتعلق باللاجئين بأسلوب مهني وأخلاقي .
وتعلو في الإعلام العربي أصوات المسؤولين والمنظمات الإنسانية وتقاريرها وما تقدمه على أصواتهم، وأصوات الدول وحاجتها المادية لدعم اللاجئين ،أما اللاجئين أنفسهم فهم طرف غير موجود كما أن بعد تجاوز سنوات اللجوء العشرة نجد أن حاجاتهم اختلفت عن السنوات الأولى من اللجوء لكن التغطية الإعلامية لازالت هي بدون اختلاف فماذا يعرف الجمهور المتلقي عن تعليم السوريين والمساعدات الصحية وتشغيل الشباب ، وما يعانوه من مشاكل اجتماعية وتوافر أوراقهم الرسمية ومشاكلهم القانونية ،وعدم توزيع الدعم المالي من قبل المنظمات والجمعيات بشكل عادل؟؟..
إن قضايا اللجوء التي تغطى حالياً لا تختلف كل الاختلاف عن تلك التي كانت في أول سنوات اللجوء ، وهذا ما عزز نظرية التخدير الإعلامي والذي جعل الجمهور يفقد شعوره تجاه رؤية أطفال المخيمات وإظهارهم بصورة المتسولين دائماً ، بل أغلب المجتمعات المستضيفة بدأت تقتنع بما يتم تداوله حول أن دمشق أصبحت آمنة ، وبالتالي تؤيد عودة اللاجئين بدلاً من الوقوف بجانبهم ، وهذا يعود بدوره على التغطية الإعلامية للدول التي تعاني من ويلات الحروب والتي لا يسعنا الحديث عنها .
أما الصحافة الرقمية وصفحات المؤسسات الاعلامية على المواقع فهي لاتشبه ولا صلة لها بالمهنية الصحفية والأخلاقية ، وأغلب أخبارها لإثارة النعرات العنصرية بأسلوب كتابتها ولا يكاد يخلو أي خبر عن اللاجئين من كلمات مثل "عبء" و " أزمة " وارتباطهم بارتفاع الأسعار والبطالة وتدهور الأوضاع المعيشية وانتشار السلوكيات السيئة مما صاعد خطاب الكراهية.
يحتاج الصحافيون اليوم دورات تدريبية خاصة وكتب ودليل مهني ، للتعامل مع التغطية الإعلامية للاجئين لتجنب خطاب الكراهية وعدم الانجراف مع الصور النمطية والتعميمات المطلقة ، وتقديم وجهات نظر اللاجئين كي لا يكونوا طرفاً غائباً في الاعلام ، وضرورة وجود دليل خاص بمصطلحات اللجوء والهجرة يكون مرجعاً لهم ومحاربة الصور النمطية لدى المجتمعات المستضيفة .