أحمد المجاريش-سوريون بيننا
منذ إعادة افتتاح معبر جابر نصيب الحدودي، بدأ الحديث حول عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وسط تخوف عدد كبير منهم من العودة لأسباب متعددة، منها التجنيد الإجباري والوضع الاقتصادي والأمني في سوريا.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن أجرت استطلاعات في نهاية عام 2018 تبين من خلالها أن غالبية اللاجئين السوريين ليس لديهم نية لمغادرة الأردن خلال هذا العام، وأن 8% منهم يعتزمون العودة في العام 2019.
ويعتزم لاجئون سوريون العودة في الأيام المقبلة لسوء أوضاعهم الاقتصادية في الأردن، حيث قال أبو محمد، 36 عاما من درعا، ويقيم في إحدى القرى القريبة من مدينة اربد، إنه سيعود إلى سوريا للتخلص من معاناة اللجوء التي أثقلت من أعبائها بعد أن فقد عمله قبل شهرين.
ويضيف أبو محمد الذي يحمل شهادة البكالوريوس في الأدب العربي: " اتعبت كثير بشتغل ليل نهار لحتى أأمن اجار بيت ومصروف اولادي، بدي اروح اشتغل بشهادتي ادرس الطلاب بالمدارس، صارلي شهرين ما اشتغلت، ما في شغل نهائيا، نشحد يعني، بدي ارجع على بيتي على الاقل ما في اجار بيت ولا مصروف مدارس، بالرغم انه ما في غاز وكهربا بس اريحلي أني تعبيت".
أبو محمد حاله كحال الكثير من السوريين الذين هربوا من سوء الأوضاع الأمنية في سوريا، تاركين خلفهم ممتلكاتهم وأموالهم خوفا على حياتهم وحياة أسرهم في بداية الأزمة سنة 2011، ويؤكد أبو محمد أنه يعيش تحت خط الفقر واصفا تلقيه المساعدات من المفوضية بـ "التسول"، إضافة إلى قبوله بالعمل بأجر متدني لتأمين احتياجات أطفاله، الأمر الذي لا يراه مقبولا.
فيما يرفض آخرون العودة بعد أن سمعوا لحالات اعتقال للاجئين عادوا مؤخرا، مع أنهم يواجهون تحديات عديدة في حياة اللجوء، لكن ذلك يبقى سهلا أمام خضوعهم للتجنيد الإجباري أو الاعتقال، وفق ما تحدث به الشاب أيمن، 25 عاما من القنيطرة، حول اتخاذه قرار عدم العودة.
ويضيف أيمن "خلال الاشهر الاولى من فتح معبر نصيب الحدودي تحمست انا وكثير من اللاجئين السوريين في الاردن للعودة الى سوريا، اما الان فأنا لست راغب للعودة نظرا للأسباب الامنية والاعتقالات التي تنفذها الافرع الامنية هناك بالإضافة الى سوء الاوضاع الاقتصادية، إذا صار انتقال سياسي حقيقي سأعود الى بلدي فورا دون تفكير رغم تدمير منزلنا".
وترى أم قيس، 55 عاما وتعيش في مخيم الزعتري منذ 5 سنوات، أن العيش في المخيم أفضل من أن تفقد خمسة من أولادها المطلوبين للخدمة الإلزامية في الجيش السوري، متسائلة بلهجتها العامية "مين ما بحب يرجع لبلده ويستقر" ولكن من سيطعم أطفالهم وأين ستعيش بعد أن دُّمر بيتها.
وتضيف " ما في رحمه في سوريا الموت أحب اليّ من ان اشوف اولادي كلهم رايحين للعسكرية او معتقلين، خلينا هون بالزعتري قدام عيوني اشوفهم، بمناطق سيطرة النظام جوع واعتقالات وبالشمال قصف وموت، هون على الاقل في أمان واكل وغاز وفي شغل هناك ما في اشي كلها بتشكي الحال".
ووجهت الحكومة السورية دعوات للسوريين بالعودة إلى بلدهم، وجاء ذلك على لسان الرئيس بشار الأسد في كلمته التي ألقاها مؤخرا أمام رؤساء المجالس المحلية في دمشق واتهم بعض الدول في عرقلة عودة اللاجئين.
كما دعا نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد خلال زيارة الوفد البرلماني الأردني إلى دمشق في شباط الحالي، اللاجئين السوريين في الأردن للعودة.
وأشار المقداد إلى أن الدولة السورية ستتكفل باللاجئين السوريين الذين فقدوا منازلهم ومنحهم جميع الحقوق الصحة والتعليمية.
من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز الأربعاء، خلال إطلاق خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية لعام 2019، إن اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة إلى بلادهم، بسبب ضبابية المشهد.
وأكدت الأردن في وقت سابق أنها لن تجبر اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، مشددة على أن عودة اللاجئين السوريين ستكون طوعية. وبحسب المركز الروسي لاستقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين السوريين، فانه منذ 18 تموز عام 2018 عاد 82932 لاجئا (24906 امرأة و42281 طفلا) عادوا من الأردن إلى سوريا.
فيما كشف الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة، محمد الحواري، في تصريحات صحفية، أن 11.800 لاجئ سوري عادوا الى سوريا خلال الاشهر الاربعة الأخيرة منذ فتح معبر جابر، مؤكدا ان هذا الرقم حسب البيانات المسجلة لدى المفوضية يتطابق مع قائمة المغادرين لدى الحكومة.
ووفقا لاستطلاع للرأي اعدته المفوضية اظهر ان المخاوف الرئيسة من العودة تتشكل لدى بعض اللاجئين في عدم حرية التنقل والخوف من الاوضاع الامنية بما نسبته 71 في المئة، وأن 33 في المئة منهم يتخوف من عدم وجود مصادر للدخل، و26 في المئة يخشون نقص الخدمات.
ويعيش في الأردن نحو 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، منهم 671.148 لاجئا مسجلا لدى الأمم المتحدة، يقطن 81.2 % منهم خارج المخيمات وعددهم 545.609، في حين يقطن 126009 ألفا داخل المخيمات وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.