"التدريب المهني"..باب يفتحه لاجئون سوريون للاندماج في المجتمع الأردني

الرابط المختصر

لم تتوقع سارة أنها ستجد نفسها واطفالها يومياً على الحدود الأردنية، وذلك محاولةً للهروب من الموت، وحرصاً على أطفالها الثلاثة؛ فما حدث في سوريا كان بمثابة البداية لمستقبل سارة وعائلتها بعدما ظنت أنها النهاية.

تقول سارة "وصلنا الأردن، ومن ثم المخيم، سكنت مع اطفالي بضعة أشهر، الى أن تم تكفيلي من المخيم، لأتمكن من البحث عن عمل، وبعد مغادرتي للمخيم، استأجرت بيت، وبدأت الانخراط من خلال الجمعيات، ببرامج التدريب المهني على حرف متنوعة، بالإضافة الى برامج التوعية والتثقيف".

 تعتبر برامج التمكين الاقتصادية (برامج التدريب المهني)، واحدة من الحقوق الاقتصادية الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تقوم بعض مؤسسات المجتمع المدني بتقديم مجموعة من برامج التدريب المهني التشغيلية، بين السوريين والاردنيين، التي بدورها تحقق فرصة متساوية لدمجهم في سوق العمل، وتحسين الحياة الاجتماعية.

فواحدة من برامج التدريب المهني التشغيلية، كانت نقطة تحول لسارة؛ ففي عام 2018، التحقت سارة في برنامج تدريبي مدته شهرين حول مهارات متعددة، ومن ثم تدريب متخصص حول الأسمدة لمدة أسبوعين؛ وبعد انتهاء التدريب بفترة زمنية قصيرة، أصبحت سارة جزء من فريق عمل متخصص بصناعة الأسمدة.

سارة التي جاءت إلى الأردن بصحبة أطفالها، بدأت الانخراط مع زميلاتها الاردنيات، وتعلم مهارات جديدة ومعرفة العديد من الأمور اثناء حديثهم، "ما عرفت انه في حقوق للمرأة غير من زميلاتي، وصرت اروح معهم على دورات واتعلم واعرف شو يعني حقوق، وبالمقابل في كثير اشياء تغيرت بحياتي، كان اجار البيت مشكلة، ولكن اليوم قدرت اشتري بيت، فالاستقرار المادي خلاني اقوى وانسانة لازم تطالب بحقها وما تقبل الإساءة والظلم" تقول سارة.

برامج التدريب المهني والتشغيل نقطة تحول

عبد شاب من جنسية سورية، لم يفقد الأمل من عودة الأمن إلى بلاده، ولكنه لم ينس رغبته في العمل في صناعة الحلويات والطبخ ، "كان في عندي مشكلة، خوف من المجتمع وكيف اتواصل معه، واندمج إلى أن خضعت لتدريب مع مؤسسة نهر الأردن " يقول عبد.

وفي مقابلة مع مسؤولة محور التشغيل في برنامج تمكين المجتمعات في مؤسسة نهر الأردن رشا البدارين، قالت "ان مؤسسة نهر الأردن عملت خلال سنة 2021، في كلا من محافظة العاصمة عمان، الزرقاء، المفرق، اربد، العقبة، عجلون، جرش، ومادبا، ولضمان تشبيك الباحث عن العمل في المحافظات المستهدفة، يتم العمل على عدة مراحل، منها التدريب المهني والتدريب على المهارات الحياتية، بالإضافة إلي التشبيك".

 وأشارت في حديثها انه تم تشبيك ما يقارب 345 باحث عن عمل من الذكور والإناث من خلال المشاريع التي نفذت في السنوات الماضية بفرص عمل في قطاعات مختلفة ووظائف.

سامي شاب أردني، يبلغ من العمر 28 عام، يقول " قررت الالتحاق بمعهد التدريب المهني، حيث كنت ارغب بدراسة هندسة الكهرباء في الجامعة، ولذلك رغبت بتعلم هذه المهنة في المعهد، استطعت خلال فترة التدريب تعلم العديد من المهارات، وبعد انتهاء فترة التدريب، تمكنت من الحصول على فرصة عمل كمتدرب، وبقيت لمدة عام، الى ان شعرت بأني قادر على ممارسة هذه المهنة"

تتواجد معاهد التدريب المهني في الأقاليم الثلاثة، إقليم الشمال والوسط والجنوب، وفي حديث مع مدير الاتصال والاعلام لمعهد التدريب المهني جميل القاضي، قال "بأنه يتم دمج السوريين والجنسيات الأخرى مع متدربي المؤسسة من الأردنيين في معاهدنا البالغ عددها 36 معهدًا المنتشرة في كافة محافظات المملكة".

وأشار في حديثه، أن أعداد المتدربين أعلاه في معظم التخصصات التدريبية التي تقوم المؤسسة بتنفيذها وتبلغ 100 تخصص. 

واكد القاضي خلال حديثه، بأن عدد المتدربين من الجنسية السورية قد بلغ 559 متدربًا ومتدربة، 210 ذكور، 349 اناث.

وفي إطار عمل مؤسسات المجتمع المدني، التي تعمل على برامج التدريب المهني والتشغيل، قال مدير الإعلام والاتصال جسار الطاهات، انه منذ عام 2016، قامت منظمة أوكسفام بتدريب 50.000 شخص تدريباً مهنيا 

بالإضافة إلى  جانب دعم رياديي الأعمال في الأردن، حيث أن ما نسبته 7000 شخص تمكنوا من الحصول على وظائف (منهم ما نسبته 45% سيدات) يقول الطاهات

حيث تعمل  أوكسفام في مخيم الزعتري  مع 800 – 900 شخص يوميا وذلك لخدمة سكان المخيم البالغ عددهم 80.000 لاجئ سوري، بينما تم توفير فرص عمل لحوالي 513 شخص عن طريق مركزنا في أم الجمال (محافظة المفرق) خلال السنتين الماضيتين 

التدريب المهني والعمل حق أساسي

يعتبر الحق في العمل أول الحقوق التي يقرها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية؛ فبعد الجزء الثاني الذي يتناول تحديد الإطار العام لالتزامات الدول الأطراف في العهد، يبدأ الجزء الثالث من العهد، والذي يتناول حقوق محددة، بالحق في العمل والاهتمام بالذين لا تتاح لهم فرصة العمل، حيث تنص المادة رقم (6) من العهد:  (1) تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.

(2) يجب أن تشمل التدابير التي تتخذها كل من الدول الأطراف في هذا العهد لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق توفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والأخذ في هذا المجال بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية، وذلك باعتباره التزاماً واقعاً على عاتقها يتعلق بحق من حقوق الإنسان، ومن ثم يجب أن يكون أيضاً دون الحق في العمل مقابل، أو مقابل رسوم على ألا تحد قيمتها من إمكانية التحاق الأشخاص المعنيين ببرامج التوجيه والتدريب التقنية تلك

آثار اجتماعية واقتصادية لبرامج التدريب المهني والتشغيلية 

في حديث مع الخبير الاجتماعي الدكتور حسام عايش، قال"إن الدمج ببرامج التدريب المهني والتشغيل، يعني المشاركة في أفكارهم وقيمهم وعاداتهم ومهاراتهم وأساليبهم المختلفة، لينشأ عن ذلك نموذج مشترك بينهم، وتؤسس لعلاقات تفاهم أكثر تطور وفهم الاختلافات الثقافية بينهم.

"وبذلك تسهل امر الاندماج الاجتماعي لسورين في المجتمعات الجديدة، او للأردنيين في علاقاتهم مع السوريين، لتتحول فيما بعد لقيمة إيجابية في تفهم حاجات بعضهم، والتحول الى عملية إنتاجية، أي يصبحون أكثر تقبل لإقامة الشراكات فيما بينهم، وتحويل نظرة العباء اتجاه السوريين الى عائد عندما يتم التفاعل، وبتالي تتحول العلاقة بينهم من علاقة منافسة الى تكامل، كلاً يؤدي دوره "يقول عايش

وأشار بدوره إلى الأثر الاقتصادي، بتحويل اللاجئ السوري من مستهلك الى منتج بالإضافة الى الافاق الجديدة التي تم إيجادها من خلاله، بالإضافة للنشاط التجاري الذي يحدث في السوق نتيجة دمجهم، مما يؤدي الي تحسين العملية الاجتماعية الذي من المفترض ان يضيف الى ناتج القومي المحلي ويدعم النمو الاقتصادي بشكل عام.

وفق تصريحات وزارة العمل، فإن عدد التصاريح للاجئين السوريين لسنة 2021، كانت 62197 تصريح عمل.

والجدير بالذكر يعيش في الأردن، الذي يعتبر ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين، مقارنة مع عدد السكان، 752416 لاجئا، الحكومة من جهتها تتحدث عن وجود 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن نحو نصفهم غير مسجلين لدى المفوضية (المملكة).