صدور "وردة لصيف واحد" للقاص الريماوي

صدور "وردة لصيف واحد" للقاص الريماوي
الرابط المختصر

صدرت مؤخراً بالشراكة بين دار أزمنة للنشر والتوزيع و الآن ناشرون، مجموعة القاص الأردني ناصر الريماوي الموسومة بـ "وردة لصيف واحد" مشتملةً على ثمانية عشر قصة قصيرة.

 

وكتبت الشاعرة  رولا سرحان على غلاف المجموعة شهادة في إسلوب الريماوي جاء فيها" نجد في كتابات ناصر الريماوي ما يعيد إلينا الأمل بأن عوالم اللغة غزيرة، وبأن الأفكار ما زالت فياضة، هذا بالضبط ما تمتاز به نصوصه؛ جزالة في اللغة وفي الوقت نفسه عفويتها، وطلاقتها".

 

الريماوي المولود بقرية بيت ريما في رام الله والمقيم في السعودية صدر له في حقل القصة القصيرة مجموعة "جاليريا"، 2010، ومجموعة "ميرميد" عام 2012 و "وردة لصيف واحد" عام 2015 والتي حوت بعض القصص منها "أنوار المخيّم، المضيفة، زهرة المارغريت، شارع خلفي، غابة للسهر، فضاء المرسم المهجور، عينٌ على البرواز".
 

مقطع من قصة "زهرة المارغريت"  من المجموعة 

في أزقّة «الحي اللاتيني»... تتوعدني بتتمة الحكاية وبالمزيد، قبل أن نفترق. أستعين بأصص إضافية لباقة «المارغريت» الجديدة، إلى جانب أخريات تناثرن على أرفف غرفتي الصغيرة... وأحاول أن أنام. اللقاءات العابرة تحت هذا الجدار أوجعت حلق نافذتي الشرق أوسطية، فاعتراها الصرير، فانوسها العتيق الذي التهمه الصدأ، ما زال يتلصص وحيداً على الدرب، ثم يسيل مرغماً بين شقوق العتمة في المساء. (في «الحي اللاتيني» بباريس، كل الدروب ضيقة وتليق بعاشقين...)، همستْ لي بهذا، قبل أن نفترق آخر الليل تحت ظلّ النافذة. ولم أنم، جذبتني صحوة الليل إلى برد الطريق، فأذعنتُ للسير بمفردي، شرفتها المجاورة لم تنم، هي الأخرى تشاكس الطريق، متى تنامين ليسكن الليل على أسطح البيوت؟

إيقاع نغم «بيانو» شجي، ماطر... يتسرب من حلق نافذة قريبة لا تستقر على جدار، تتقافز ولا تترك أثراً على زجاجها لأناس يعبرون على عجل، شرفة على الجانب الآخر تغتسل من إثم ملامح باهتة لعاشقين تدثرا بعتمة المساء... وحدها أعمدة الإنارة، تصغي بعلوّ، لغيم يَعد الميادين بالبلل، ثم لا يهطل المطر!

وحده الصوت ينساب دافئاً ورخيماً في غنائية على وقع أنغام «عود» شرقي بلكنة عربية:

«ليلة شرقية تُطلُ من نافذة الليل المقعد، ونكهة المساء البالية

قدح القهوة مهجور… وزيت قنديل المساء مرهون

لطلعةِ الشمس التالية.»

صوتها الدافئ المنبعث بوتيرة هادئة، يحول بيني وبين اللحاق بأكشاك الوجبات السريعة المتناثرة على نواصي الأزقة ككل مرّة، كل المحالّ الصغيرة تغلق أبوابها أيضاً لتبثني وحشتها الثقيلة، أرتدّ وحيداً أتبع سيل الضوء تحت فانوس نافذتي، يحتويني مدخل الزقاق الفاصل بيننا، أتجرأ للمرة الأولى وأطرق باب حجرتها المجاورة، تأسرني الدهشة...

حجرة شرقيّة صغيرة تعبق بكل هذا السحر! تحوي مجلساً «مغربياً» يتسع لشخصين، تناثرت عليه وسائد مزخرفة بمفردات تراثية، بساط عربي وستارة وحيدة داكنة، مصباح تراثي تدلى من السقف لينثر ضوءه الخافت فوق جدران مطلية بالأزرق الملكيّ، وأخرى مطعمة «بالأرابيسك»، نحاسيات مثبتة عليها وأخرى موزعة بانتظام بين الزوايا.

ولم أمكث طويلاً، تدفق الليل من شرفة مشرعة على قمر باريسي خجول، أفضت لي –ساهمة- بأنّ نجمتها الوحيدة، الضائعة هنا، بانتظاره ليكتمل، ليهب لها الضوء باعتدال ومن خلال رغبات كونية، بلا غواية.

 

 

 

أضف تعليقك