حديث صاحب التغريبة الفلسطينية ..ضوابط كتابة الرواية التاريخية

الرابط المختصر

 شارة مسلسل التغريبة الفلسطينية  تدور في فلك الذاكرة، شردت  اتمتم منتظرة بدء الحوار" لا تسل عن سلامته..." صور التهجير، والبطولات والشهداء، والمعاناة  تمر أمام عيني. نعم. تطل من تاريخ النكبة. بالأمس ومن على مسرح   جامعة البتراء حضر  كاتب العمل الأقوى عربيا والذي حافظ على مكانته  في الوجدان العربي، أدب المقاومة.  حضور الدكتور وليد سيف   فك  أي التباس  وتضليل حول  توجهات كُتاب الرواية التاريخية و طريقة معالجة النصوص ، تجلت فيما طُرح من أسئلة ومعايير صحة التأويل.

قدمت سيف الدكتورة رزان ابراهيم،  بالقول " رافقتنا شخصياته وهي تنتقل بين العصور والقصور، فكان منها الناسك والقائد والحاكم والمحكوم.." وبدأ الحوار الدافئ  عن سبب  توجهه   لكتابة الرواية التاريخية،  ليقول"  دفعتني  دراستي في بريطانيا  للميل والاستعداد للكتابة  في هذا الجانب من الأدب الروائي" موضحا  التوجه البريطاني ومعالجته قضايا اجتماعية ذات طابع  إنساني عميق، أما السبب الآخر، فهي "فرصة مهمة للتوصل لفن يقوم دراسته على تشخيص ومعالجة تاريخية؛ ليتصل الناس بتاريخهم، و يتحرروا من الصور الذهنية العامة المطلقة التي لا تستند إلى معرفة تاريخية حقيقية، فظلمت  شخصيات تاريخية كثيرة".

 

حياد الكاتب

لم يرتو الحضور بعد، فردا على سؤال الدكتورة رزان إبراهيم، " هل تستطيع أن تقول أن هناك كاتب حيادي؟"  التفت سيف  للحضور  مبتسمًا  " ليس هناك حرية مطلقة، من يحاول يقنعكم بذلك لا تصدقوه  ببساطة" مردفا بأن أي منا في النهاية محكوم لتوجهات عقدية سياسية اجتماعية، منوها أنه مع الحق أينما كان.

 

هل ظلم  رواة التاريخ  العرب؟

الشغف أغنى الدكتور وليد  عن التعامل  مع مختصين بالتاريخ أحيانًا، ولكنه يؤكد ضرورة وجود مراجعة تاريخية لنص الكاتب، أما هو  يستخدم خطة بحثية ، فلا حاجة له بفريق باحثين " لا أقبل الأمور على علاتها" إجابة على  سؤال  الدكتور مهران الزعبي حول أهمية عرض  النص التاريخي الدرامي على مؤرخ ليراجعه،  إشارة للتشويه والتزوير الذي تعرض له   التاريخ العربي والاسلامي منذ البدايات، من أشخاص لم يكونوا ذوي اختصاص.

   أكد سيف في هذا السياق  أنه لا بد من نظرة نقدية ليقول " لقد صوروا الأمين صورة  قبيحة جدًا بمقابل المأمون!"، وأبدى رغبته بكتابة عمل عميق يقلب فيه الصورة الذهنية الموروثة من التاريخ، لينصف الأمين، معللا السبب بأن الصراع عربي فارسي، والأمين يمثل العرب، بينما أخاه ممثلا للفرس.

بين الممنوع والمسموح

هل يكتب   مؤلف الرواية التاريخية ما يحلو له، هل من قيود أخلاقية وأدبية يلتزم بها؟ القصة  تماما كما هو تصور دريدا   فالقراءة النقدية للنص"   آلة تنتج سلسلة من إحالات لامتناهية " ولكن الناقد الفطن من يمسك بالمسكوت عنه. بالحديث عن تفاصيل تطور الشخصية، يرى سيف أن هناك مساحات واسعة من الدراما   تختلف مفاهيمها، يمكن  تطويع  المادة تاريخية دون الإخلال بالسياق التاريخي،  وذلك باستنطاق المادة، يتأتى ذلك باستخدام الدراسات الإجتماعية الثقافية، حتى تكون المادة ثرية.

أي كاتب تاريخي يكتب متاثرًا  بالخطاب السائد، نتاج صراعات القوة,   ويتعين على  كاتب بناء الرواية  الجيدة فهم  الشروط الاجتماعية والسياسية القائمة في الواقع.

 

الكتابة لزمننا هل تصلح!

حوار  اشتبكت فيه دكتورة لانا ماكمنغ" أين أنت دكتور وليد من  دراما معاصرة، لمشاكلنا المعاصرة في الأردن، هناك تغريبة  فلسطينية، هناك تغريبة إنسانية أينما اتجهنا"  برأي  سيف   عندما نقول تاريخ تحيل الكلمة  في أذهاننا إلى الماضي ، لكن نحن نكتب اللحظة التي نعيشها هي  تاريخية، ولكن النظر للحدث  يختلف من شخص لآخر،  والخطاب السائد له بصمته، المهم  أن يمتلك الكاتب أدوات نقدية لسرد الرواية التاريخية. 

وعن سبب انجذابنا لمسلسل تاريخي  عودة "التغريبة الفلسطينية "    سبب خلوده. يؤكد  الدكتور وليد سيف أن ارتباط العربي  به يعود  لأنها منطقتنا، وهي قضيتنا، لها حضور  وتأثير عاطفي ووجداني،  خاتمًا  لما دار من حديث حول بروز شخصيته و انغماسه في العمل، بالقول: "أنا ابن فلسطين الذاكرة القريبة..".