تأبين المناضل والمفكر بسام الهلسا

تأبين المناضل والمفكر بسام الهلسا
الرابط المختصر

قام يوم أمس السبت 2 شباط/فبراير المناضل والمفكر بسام الهلسا، قام حقا قام، لكن ليس على أرضنا هذه، بل عبر كلمات أصدقائه وأهله ورفاق النضال.

فلقد جسد تجربته امام الحضور اللواء الركن واصف عريقات من فلسطين وصديقه الشاعر ونضال الخفش والباحثة والكتابة والمحللة السياسية حياة الحويك عطية وعضو مجمع اللغة العربية الاردني همام غصيب والاديب الاردني سعود قبيلات، وضرغام الهلسه وسعود عياش وعتبة تيسير السبول وشقيق الراحل ثائر الهلسا.

لترتسم صورة الهلسا الثائر والعروبي والاديب والباحث والانسان في كلمات رفاقه.

من قال أن الكلمات تعجز عن بعث الحياة في شخوص كان لهم الأثر في قضايانا العربية، فالحياة ليست في الروح فقط التي هي شأن خالقها، بل إنها في الصورة التي لا تنقص في أعين الأصدقاء والأهل، والذكرى الطيبة.

فيقول اللواء الركن صائب عريقات عن الهلسا بانه "من الفلسطينيين الذين التحقوا بحركة فتح فقدموا لها وأغنوها وأغنوا بها، وهو من المناضلين التاريخيين الذين شهدوا معظم مراحل الكفاح".

ويرسم في الأذهان صورة الهلسا في ذلك الزمن قائلا "حظي المرحوم بسام بمحبة المقاتلين وثقتهم وتواجد معهم خلف المتاريس وساهم بتعزيز الروح القتالية لديهم وكتب بالبندقية أجمل الاحداث ووثق يوميات القتال وجرائم الاحتلال".

وطرحت الكاتبة والباحثة د. حياة الحويك عطية سؤالاً على روح الفقيد مفاده "هل كنا حبوب القمح يا بسام؟ أم كنا معاً حراث الحقل؟ هل نحن الحبوب أم المزارعون؟ هل كنا رفقة الزرع الحراثين والحراس، وعندما أضرموا النار في الحقل والبيدر رحنا نلهث كي ننقذ السنابل؟".

بسؤالها تضع عطية اليد على الجرح الذي ملك جيل بسام، والواقع الذي عاشوه، فهم الذين رأوا الحلم العربي في أبهى حالاته وعايشوا سقوطه "وعندما أضرموا النار في الحقل والبيدر رحنا نلهث كي ننقذ السنابل".

وتكمل عطية تساؤلاتها المفتوحة على جرح بسام الذي لم يبرأ رغم رحيله "هل كان بسام غريباً في زمن الرويبضة؟ زمن الضحالة وتسيد التفاهة، وتحول أكثر الجهلة إلى أشباه لعلماء الكلام الذين يبرعون بالتأويل والاجتهاد وفق ما يقتضيه سادة الفساد والمزادات العلنية".

لا يمكن للعمق والمعرفة أن يجتمعا مع الخيانة، وما يمكن لمناضل عروبي أن يحيا في هذا الزمن بلا خيبات، وهذه الخيبات هي التي طالت قلب الهلسا.

"إلى روح بسام التي أشعر أنها ترفرف في هذه اللحظة على هذا المكان الزاهر، بل على كل بقعة من بقاع وطننا الصغير، ووطننا العربي الكبير"، بذلك يبدأ عضو مجمع اللغة العربية الاردني د. همام غصيب كلمته التي لم تخل من ذكر أبي الطيب المتنبي شاعر الهلسا الأثير، بل واستعرض رسائل الهلسا التي اعتاد أن يرسلها لأصدقائه والتي تفيض بحسه الوطني والعروبي، والتي انقطعت تماما نهاية العام 2018، عند انطفاء شمعة روحه.

أما الأديب الأردني سعود قبيلات فإنه يستل من ذاكرته كلمات واجه بها الهلسا الاديب الفلسطيني غسان كنفاني تفيض بالعتب والشوق، إذ يقول الهلسا لكنفاني في ذكرى استشهاده:

"كيف أمكنك أن تغافل الجميع وتستشهد؟
ربما لم تُرد أن تزعج عائلتك وأصدقاءك.."

يرد قبيلات الكلام لصاحبه، ويتوجه للحاضرين قائلاً "من المؤلم أن نضطر للحديث عن إنسان حقيقي.. إنسان كان له نفس حرة وروحٌ محلّق ووجدان عميق، بصيغة الماضي الذي انتهى ولم يعد موجوداً ولن يعود أبداً".