الموسيقار التركي اوغورلو: "مؤتة" و"البحر الميت" ألهمتاني موسيقياً

الموسيقار التركي اوغورلو: "مؤتة" و"البحر الميت" ألهمتاني موسيقياً

قال المؤلف الموسيقي وعازف البيانو، الموسيقار التركي تولويهان اوغورلو، إن منطقتي معركة مؤتة والبحر الميت شكلتا له إلهاماً موسيقيا تمثل بتأليفه مقطوعات حملت ذلك النبض الحميم الذي انعكس على مشاعره وتلاقى مع فلسفته الحسية وقيمه المعنوية، وذلك إبان زيارته السابقة للأردن عام 2014.

ولفت المايسترو اوغورلو إلى أن تجربته في تلك الزيارة وتأثره المعنوي والحسي بما شاهده في المنطقتين بما تحمله من عمق وأبعاد دينية وانسانية وكونية لا سيما ما يتعلق بتاريخ المنطقة وقيمها المعنوية ومكابدة الانسان أكدت منظوره الفلسفي المتكئ على عمق حضارة هذه الجغرافيا التي تضم الأقطار العربية وتركيا وإيران، وانطلقت منها الأديان السماوية إلى العالم والمُضمخة بثراء القيم المعنوية لرفعة البشرية.

واعتبر أن "البحر الميت" يمثل للإنسانية جمعاء نقطة تحول تاريخية مفصلية، وأن المُشاهد لتلك البقعة يستطيع أن يتلمس بقليل من التأمل الداخلي ويشعر بما تحيله مشاهد البحر الميت ومحيطه من معان وقيم لا سيما ما ذكرته جميع الكتب السماوية من قصص وعبر في هذا السياق.

وأعرب عن سعادته واعتزازه الكبيرين بالتواجد في الأردن لإحياء حفل موسيقي مساء غد في مركز الحسين الثقافي بمناسبة يوم المرأة العالمي بتنظيم من السفارة التركية في المملكة، مشيداً بدور الأردن الكبير في كرم استضافته واحتضانه للاجئين السوريين رغم التحديات التي يواجهها، ومعبراً عن إعجابه بالأردن التي تعد زيارته هذه الثانية لهذا البلد الذي وصفه "بالمدني" و"الحداثي" و"العصري" ويشهد تطوراً مستمراً مع الاحتفاظ بأصالته وعمقه التاريخي.

ولفت إلى أن الأردن مهم جداً للمنطقة والإقليم برمته بوجوده وحضوره الإيجابي والحضاري وعمقه التاريخي والديني وما يضم من مقدسات، واصفا الأردن بأنه "قلمنا" الذي يكتب "تاريخنا"، معتبراً أن الأردن يمثل "نقطة الصمود" لمدنية الانسان والعالم الإسلامي.

وفي هذا الإطار، دعا الجميع للقدوم إلى الأردن والاطلاع على ما يمتلك من ثراء تاريخي ببعديه الانساني والديني المقدس لدى الجميع، وأن على الجميع أن يدركوا هذه الخصوصية التي يتمتع بها الأردن وأهميته والتي يستحق عليها التقدير الكبير.

وعن الحفل الموسيقي الذي سيقام مساء غد الثلاثاء، لفت إلى أهمية تأثير الفن ولا سيما الموسيقا على الناس وتوظيف قضايا المرأة وما تستطيع الألحان من بثه لتنقلها إلى مشاعر الناس وأحاسيسهم خصوصاً في منطقتنا بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام، مشيراً إلى أن ما ستعكسه الموسيقا في حفل غد هو ما يتعلق بحقوق المرأة وقضاياها وأدوارها العظيمة ونجاحاتها تاريخياً على المستوى الانساني والعالمي.

واعتبر أن ما يجري الحديث فيه بالمنطقة عن أن المرأة تلقى التقدير وتتولى مواقع مسؤولية هو مجرد كلام، لافتاً إلى ما شهده الغرب من تطور حضور المرأة وبالمقابل ما تعانيه من قضايا في منطقتنا، وأن من الضروري أن تأخذ المرأة في منطقتنا حضورها شكلاً ومضموناً.

وحول إمكانية التعاون مع موسيقيين أردنيين، أشار المايسترو اوغورلو إلى أنه التقى في زيارته السابقة للأردن مع عدد من الموسيقيين إلا أنه لم تتمخض حتى الآن عن أي مشروع حقيقي يتم تجسيده، معرباً عن ترحيبه بأي تعاون مع مؤلفين موسيقيين أردنيين في قادم الأيام.

وفي هذا الإطار، أبدى اهتمامه بألوان الموسيقا المحلية (التراثية والشعبية) في الأردن، لافتاً إلى أنه من ستة أشهر إلى سنة يتطلب ان يتواجد في الأردن للاطلاع على مختلف أنواع الموسيقا المحلية ودراستها والانخراط فيها لإنجاز مشروع موسيقي تشترك وتندغم فيه آلات موسيقية أردنية شعبية.

وتحدث عن مشروعاته الموسيقية وآخر إصداراته من أسطوانات، رائياً أنه يجب علينا في هذه المنطقة أن نطور موسيقانا التي تنبع من ذواتنا وتعكس هويتنا وحضارتنا وتاريخنا وثقافتنا عوضا عن أن نكون ملحقين بموسيقا الغرب ومستدركا في الوقت ذاته ضرورة أن نتعلم منهم.

وقال "نحن شعوب هذه المنطقة نختلف عن الغرب ويجمعنا سلم موسيقي واحد وثقافة وتاريخ مشترك ولهذا يجب أن نقدم رؤيتنا الموسيقية التي تنبع من خصوصيتنا وأن نكون أنفسنا لأنه إذا أصبحنا غير أنفسنا انعكس ذلك علينا بشكل سيء".

ورأى أن شعوب المنطقة قادرة على أن تبرز نفسها وتتبوأ مكانة عالية في مقدمة الركب العالمي من خلال إبداعاتها وخصوصيتها الثقافية الفنية، مشيراً إلى تأثير الموسيقا الصوفية وما تزخر به من جماليات المضامين.

وقال، إن المبدع وخصوصاً الموسيقي يجب أن يتواجد حيث الثراء الثقافي والحضاري والتاريخي بما يحمله من عمق القيم ويتوجه له، لافتاً إلى ما تكتنزه منطقتنا من تراث انساني وديني متسامح.

ودعا إلى ضرورة هدم الأفكار المسبقة التي تحيط بشعوب المنطقة وتقيدهم وتحول دون تلاقيهم مما سيساعد على إمكانية خلق فرقة موسيقية اوركسترالية تضم أبرز موسيقيي تركيا والأردن وسورية ومصر وإيران وغيرها من الأقطار العربية والإسلامية الأخرى لتعكس ثراء المنطقة الحضاري والمتكئ على أرضية مشتركة وتقدم أعمالها في جولات بمختلف أرجاء العالم محملة بأصوات "موسيقانا" المميزة بنقلاتها وفتراتها وسلمها الموسيقي الذي يختلف عن الموسيقا الغربية، وأن نخاطب العالم بتلك الموسيقا التي تنهل من موروثنا الحضاري وخصوصية منطقتنا والتي تميزها عن باقي الموسيقا العالمية الأخرى.
--(بترا)

أضف تعليقك