أوراق أبولليناريا سوسلوفا.. بالقرب من دوستويفسكي
في مرحلة حرجة عاشتها روسيا مع تصاعد المعارضة ضدّ فساد القيصر ألكسندر الثاني واستبداده، التحقت أبولليناريا سوسلوفا بـ"جامعة سانت بطرسبرغ"، حيث واظبت على متابعة محاضرات فيودور دوستويفسكي التي كان يلقيها، وكذلك المشاركة في المظاهرات التي شهدتها البلاد آنذاك.
وستحاول سوسلوفا إثارة انتباه صاحب "الإخوة كارامازوف"، الذي لم يتنبّه إليها بادئ الأمر، بسبب انهماكه في العمل ومشكلاته الصحيّة والمالية الدائمة، ما دفعها أن ترسل له رسالة عام 1861، تعبّر فيها عن عاطفتها تجاهه لينخرطا في علاقة مركّبة ومؤلمة لكلا الطرفين دانت لسنوات عدّة.
عن" المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت النسخة العربية من كتاب "سنوات القرب من دوستويفسكي: اليوميات-القصة- الخطابات"، لأبولليناريا سوسلوفا، بترجمة أنور محمد إبراهيم. وكان الكتاب قد صدر بترجمة أولى عام 2021 عن "المركز الثقافي العربي" بترجمة الجيلالي مويري.
تصف المؤلفة الحياة الثقافية في روسيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر
تكشف المؤلّفة تفاصيل العلاقة المضطربة التي جمعت بين الاثنين، حيث بدت سوسلوفا متلاعبةً بمشاعر دوستويفسكي وغيورة بشكلٍ كبير، وطالبته أكثر من مرّة بتطليق زوجته ماريا إيساييفا، التي كانت تعاني المرض والإجهاد، غير أنّها رفضته حين تقدّم لطلب يدها، بعد رحيل ماريا سنة 1865.
لا أسباب واضحة وراء انفصالهما، لكن تلك الفترة تزامنت مع إدمان دوستويفسكي على القمار، بينما كانت سوسلوفا متعدّدة العلاقات، بالإضافة إلى فارق العمر بينهما والذي تجاوز عشرين عاماً، ما جعل علاقتهما غير مريحة على الدوام، مع ذلك فقد تركت تأثيراً كبيراً على كتابة صاحب "الليالي البيضاء"، كما أقرّ هو نفسه ذلك، خاصة في روايات "المقامر"، "الجريمة والعقاب"، "الشياطين"، و"الأبله".
الصورة
لا تكتفي سوسلوفا في كتابها بسرد طبيعة العلاقة التي جمعتها بدوستويفسكي، إنما تتوسّع في وصف الحياة الثقافية في روسيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، متناولةً أيضاً شخصيات مثقفين روس كانوا يعيشون في أوروبا، التقت بعضهم خلال مرافقتها لدوستويفسكي في عدد من زياراتها.
يشير المترجم في تقديمه إلى أن أبولليناريا سوسلوفا "مثّلت النموذج الأصلي لعدد من شخصياته (دوستويفسكي) الروائية النسائية، ثم في ما بعد أصبحت زوجة لفاسيلي روزانوف الناقد والمفكر الروسي"، موضحاً أن هذه المرأة لعبت دوراً كبيراً في حياة اثنين من أبرز رجال عصرها، وكانت هي ذاتها شخصية بارزة في الحياة الأدبية في ذلك العصر.