مقتل إرهابيين في الأردن..تطرح العديد من التساؤلات!

الرابط المختصر

في عملية أمنية معقدة ومتشابكة، ترتبط بمقتل ضابط برتبة عميد في الأمن العام الأردني على أيدي خلية إرهابية في بلدة الحسينية الواقعة في جنوب الأردن، قريباً من مدينة معان، في خضم إضرابات نفذها سائقو شاحنات النقل على خلفية غلاء أسعار المحروقات، أعلن الأمن العام الأردني في بيان يوم الأحد "مقتل (3) مطلوبين خطيرين صدرت بحقهم أحكام بقضايا الإرهاب، خلال اشتباك مسلح مع قوة أمنية خاصة، منهم (2) فرّا من أحد مراكز الإصلاح والتأهيل قبل أيام".

 العملية جاءت بعد فرار (2) منهم من أحد السجون الأردنية قبل (5) أيام من تصفيتهم، وهما محكومان بالسجن على خلفية تهم إرهاب، من بينها قتل الضابط الأردني وعدد من عناصر الأمن العام قبل عدة أشهر، فيما انضم الثالث، وهو شقيق أحد الفارين إليهما، ووفر لهما الدعم بسيارة مسروقة وأسلحة أتوماتيكية، وبعد فرارهما انتقل الـ (3) إلى منطقة صحراوية قريبة من الحدود الأردنية السعودية حيث جرت المواجهة، تبعاً لبيان الأمن العام.

 تنفيذ العملية، وفقاً لبيان الأمن العام، جاء ترجمة لخطة أمنية وصفها الأمن بأنّها محكمة تم الاتفاق عليها بعد فرار العنصرين من السجن، من خلال المتابعة والرصد، في إشارة إلى استخدام وسائل جمع معلومات حول الفارين عبر مصادر بشرية، وربما أخرى فنية، مع استثمار ما يتوفر من معلومات سابقة حول أساليب عناصر الخلية في التنقل وكيفيات الحصول على الأسلحة والأماكن التي يختبئون فيها بالعادة، لا سيّما لتنفيذ عمليات التدريب على الأسلحة في المناطق الصحراوية البعيدة.

طرحت العملية العديد من التساؤلات على خلفية فرار عنصرين من عناصر هذه الخلية من السجن، وهي من العمليات النادرة في الأردن، التي يتمكن فيها عناصر محكومون بقضايا إرهاب من الفرار من السجن، لا سيّما أنّ مراكز الإصلاح والسجون توصف بأنّها تتبع منظومة إجراءات أمنية صارمة، وهو ما أجاب عليه بيان الأمن العام بإشارته إلى استمرار لجان التحقيق التي شكلت لمعرفة كيفية هروب العنصرين المحكومين من السجن، ومحاسبة المقصرين.

 طرحت العملية العديد من التساؤلات على خلفية فرار عنصرين من عناصر هذه الخلية من السجن، وهي من العمليات النادرة في الأردن، التي يتمكن فيها عناصر محكومون بقضايا إرهاب من الفرار من السجن

 

 ورغم ذلك، فإذا كانت قضية فرار عنصرين قضية مرتبطة بالأمن العام وتحقيقاته، تتطلب سرعة التحقيق وإظهار نتائجه للرأي العام، فإنّ ذلك لا يغيّب حقيقة النجاح الذي تحقق في إنهاء هذه الخلية بتصفية عناصرها في وقت قياسي، رغم صعوبة ظروف العملية، بما فيها انتقال العناصر بعد انضمام عنصر ثالث لهما إلى منطقة صحراوية، وملاحقتهم عبر فريق راجل في منطقة صحراوية وعرة، بعد ترك سيارتهم ومبادرتهم بإطلاق النار على القوة الأمنية المكلفة بإلقاء القبض عليهم.

 وبالتزامن تطرح العملية في تفاصيل الهروب وانضمام عنصر ثالث للعنصرين الفارين، رغم انخفاض عدد العمليات المرتبطة بالإرهاب، أنّ هذا الإرهاب ما زال قائماً، وهناك العديد من الخلايا النائمة في مناطق مختلفة، فقد أصبح معروفاً أنّ هناك مناطق في الأردن تشكل حواضن لخلايا إرهابية تتشابك في تعقيدات وعلاقات غامضة مع شبكات تهريب مخدرات وأسلحة، لا سيّما في مناطق حدودية على الحدود الأردنية السورية والعراقية، ويبدو أنّ مناطق جنوب الأردن تشهد نشاطات لخلايا إرهابية، تحاول استثمار المنطقة بما هي عليه من بيئة صحراوية مفتوحة.

 وفي الخلاصة، فإنّه مع النجاح الذي تحقق في هذه العملية، إلا أنّ كثيراً من المتابعين يطرحون العديد من السيناريوهات القادمة لما بعد هذه العملية، من بينها فيما إذا كانت ستتواصل عمليات التمشيط الأمني في مناطق الجنوب من قبل أجهزة الأمن، واجتثاث الخلايا الإرهابية في المنطقة، وفيما إذا كان سيشمل هذا التمشيط مناطق أخرى معروفة في المملكة تشكل بؤراً وحواضن لخلايا إرهابية غالبيتها خلايا نائمة، تنتظر التوقيت والتعليمات والظروف المناسبة لتنفيذ عمليات مختلفة، وبالتزامن أيضاً فإنّه إذا كانت مهمات الأجهزة الأمنية مواجهة الإرهابيين بشكل مباشر والاشتباك معهم، فإنّ تساؤلات تطرح في أوساط عديدة حول أدوار مؤسسات أخرى كوزارة الأوقاف والأمن السيبراني والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها في مواجهة خطابات التطرف والكراهية والتأويلات المغلوطة لمضمون الخطاب الديني المعتدل، تلك الخطابات التي أصبحت تشكل مستودعات بشرية وحواضن، وقد تمكن الإرهابيون من استقطاب عناصر لديها قابلية ودوافع متعددة للالتحاق بما يعرف بالإرهاب العنيف، فالإرهاب قبل التنفيذ والانخراط به مجموعة من الأفكار التي تتحول إلى قناعات .