الدور المزدوج للمرأة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف
غالبا ما ينظر للنساء كضحية في قضايا الفكر المتطرف و الإرهاب ، إلا أنه اتضح أن هناك أدوارا مهمة لها للحد من العنف والتطرف لما لها من تأثير مجتمعي كبير وبخاصة في دائرتها الأولى ألا وهي العائلة.
ولا يمكن بالمقابل أن نغفل عن دورها في تبني الفكر التطرف والانخراط في العمل الإرهابي، فهي أحيانا تعد وسيلة للجماعات الإرهابية في استخدامها لأغراض مختلفة.
منذ نشوء قاعدة داعش مثلا، قامت داعش بتجنيد نساء من خلفيات أيدولوجية مختلفة وذلك لتولي مواقع رئيسية مؤثرة لتعزيز بعض الأهداف الاجتماعية، ووفقا للدراسات مؤخرا هناك ما يقارب أكثر من ستة آلاف (6000) امرأة تنتمي إلى صفوف داعش من أصل واحد وثلاثين ألفا (31000).
وبحسب الأستاذة مريم جابر – المتخصصة في العلوم السياسية أن للمرأة دور كبير في الفكر المتطرف وذلك لأسباب كثيرة، فدور المرأة المتعارف عليه تتبنى تربية أطفالها في العادة، فتراها تمرر أفكارها ومعتقداتها ومبادئها للأطفال، وخصوصا في السنوات السبعة الأولى ، حيث تؤكد الدراسات أن ما يتعلمه الطفل خلال السبع سنوات الأولى من حياته سيكون له تأثير على نموه العام، وهو الوقت الذي يكون فيه منفتحا على التعلم عن نفسه وعن الآخرين ليكتشف ويفهم العالم من حوله"
وتضيف جابر حول دوافع انخراط المرأة في المشاركات المتطرفة ودعم جماعات إرهابية بالقوة والطواعية أو بكامل إرادتها" تواجه المرأة تحديات اجتماعية، اقتصادية وسياسية ما يجعلها عرضة لقبول عروض متطرفة لتحسين الأوضاع والظروف العامة المعيشية التي تواجهها، فالمرأة قد تقع في فخ المشاركة المتطرفة لأنها هي ضحية تنشئة اجتماعية ومجتمع متطرفوإقصائي".
ولا يمكن إنكار وجود بعض الممارسات الذكورية او الفجوات الجندرية العالمية ، بحيث يتم التعامل معها المرأة كإنسان من الدرجة الثانية، كما جاء في التقارير الأخيرة التي تم إعلانها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، وهذا من شأنه قد يجعلها عرضة لمثل هذه المشاركات في الجماعات المتطرفة والإرهابية للتخلص من هذا النقص التي تشعر به، كما انه من شأنه أن يخلق تربة خصبة وسهلة لتمثيل حالة من السلطة لديها التي فقدتها بسبب الفجوات الجندرية والتنشئة الاجتماعية أو حتى إيمانها ببعض المعتقدات التي نشئت بها والتي تعتقد انها من المسلمات المساس بتلك المعتقدات والمبادئ، حيث تصبح تنقاد نحو إرضاء خطاب السلطة والجماعة أولا لتمسكها بمعتقداتهم وثانيا لكسب الرضا من الجنس الآخر والجماعة.
ولذلك يجب التركيز على أهمية مشاركة النساء في المعركة الأوسع ضد التطرف إذ بات ذلك أمرا ضروريا على المستوى الإقليمي والمحلي، فإذا كان تمكين المرأة يعد من العوامل لتحسين الوضع العام ومرتبط بتعزيز السلام وتضييق الفجوة الجندرية والتماسك الاجتماعي، فينبغي من المنطق إعطاء المرأة دورا في تصميم الاستراتيجيات الملمة بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
اردنيا انتبهت الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لأهمية تبني دور المرأة في السلم المجتمعي ومكافحة الفكر المتطرف عبر مصادقة الحكومة على الخطة الوطنية الأردنية الثانية لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1325، المرأة والأمن والسلام وذلك لغايات تمكين المرأة وتعزيز وجودها في القطاعات العسكرية والأمنية والدبلوماسية والعدالة المستجيبة للاحتياجات المختلفة للجنسين، فقد ساهمت الخطة الأولى بتحقيق مساهمتها بعمليات حفظ السلام وهذا من شأنه يعزز دورها في نشر قيم التسامح في المجتمع ونبذ الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي وتتسع دائرة تأثيرها من العائلة للمجتمع بأكمله.