يوم الأرض.. و"باب خديجة" الموارب

يوم الأرض.. و"باب خديجة" الموارب

يستذكر الفلسطينيون في الثلاثين من آذار كل عام، هبتهم عام 1976 في وجه آلة الاحتلال الإسرائيلي الذي عمد إلى مصادرة أراضيهم، والذي عمّ كافة الأراضي الفلسطينية بإعلان الإضراب الشامل، في اليوم الذي سجل في تاريخ القضية الفلسطينية بـ"يوم الأرض".

 

الكاتب عريب الرنتاوي، يرى أن احتفال الفلسطينيين بيوم الأرض، مناسبة تستحق الاستذكار والاحتفال، حيث كان يوماً من أيام فلسطين، نفضت خلاله جماهير الشعب في المناطق المحتلة عام 1948 عن نفسها، ركام النسيان والتغييب، وأزاحت عن كاهلها إرث سنوات “الأسرلة” و”التهويد”، فكان يوماً تأسيساً للحركة الوطنية الفلسطينية داخل الخط الأخضر.

 

إلا أنه يعرب عن خشيته مما نشهده من “الانكسارات” المتتالية للمشروع الوطني الفلسطيني، وأن يتحول “يوم الأرض” إلى طقس احتفالي، نؤدي خلاله ما اعتدنا على فعله طوال أربعين عاما.

 

ويضيف الرنتاوي "صحيح أن نصف الفلسطينيين يعيشون اليوم، خارج فلسطين التاريخية، لكن الحقيقة المؤكدة، أن نصفهم الآخر ما زال يعيش على أرضه، وفوق تراب وطنه، وأنهم يشكلون مصدر قلق وتحسب استراتيجيين، للاحتلال الإسرائيلي"، فيما تفعل القوانين العنصرية في داخل الخط الأخضر، فعلها في تقليص مساحة الانتشار الفلسطيني، كما تفعل سياسات التهويد والاستيطان والتضييق الأمني والاقتصادي، فعلها في قضم البقية الباقية من القدس ومناطق الضفة الغربية.

 

أما الكاتب علاء الدين أبو زينة، فتتقاطع في ذهنه ثلاث أفكار، أولها المقطع الشعري الشهير لمحمود درويش بمناسبة يوم الأرض، والثاني العنوان غير الشعري "المصالحة الفلسطينية" أو "الخصام الفلسطيني"؛ ومقال نشر الشهر الماضي للكاتب بول سكام، بعنوان "قوة إسرائيل الجيوسياسية غير المسبوقة".

 

أما المقطع من "قصيدة الأرض" فمليء بالرجاء الذي لم ينقطع عند الفلسطينيين. لذلك يستعيده كل من يعرفه في يوم الأرض الأسيرة، مثلما يستعيد المرء قسَم المهنة عندما يغريه شيء بخيانة المبدأ. لكنّ هذا المقطع يغيِّر نغمته بتعاقب الأيام والفصول الفلسطينية.

 

ومما يشيع اللهجة الثانية اليائسة المتواطئة على الذات الفلسطينية في هذه الأوقات، عنوان "المصالحة الفلسطينية" الذي طال تردده في الأخبار حدَّ الملل، مؤكِّداً ابتعاد الفلسطينيين يومياً عن الأرض نتيجة لإفشال مشروعهم الوطني بالصراع الداخلي، يقول أبو زينة.

 

فيما يتمثل السبب الثالث الثقيل على الذات الفلسطينية في هذه الأوقات، بالاسترخاء الذي يستمتع به مشروع الكيان الاحتلالي في فلسطين، مقابل الشدِّ الهائل الذي يعانيه فاقدو الأرض الفلسطينيون.

 

ويخلص الكاتب إلى تأكيد وحيد وهو "أن المشروع الوطني الفلسطيني لم يفلس، لأن أصحابه الحقيقيين يتوارثونه بطريقة قدَرية، ولكنَّ هذا المشروع يتعطل ويتأجل، لأسباب ليس أقلها عنوان "المصالحة الفلسطينية"، بمعنى وجود خصام فلسطيني يخدم كل أحد وشيء إلا الفلسطينيين".

 

أما الكاتب رحيل غرايبة، فيلفت إلى "التوأمة" بين الأرض والإنسان، مؤكدا أن لا وجود للإنسان ولا كرامة إلّا بالأرض، ولا أمن له ولا استقرار إلّا بحفظ الأرض واستقرارها وحمايتها.

 

ويضيف غرايبة، "في ذكرى الأربعين ليوم الأرض، تواصل قوات الاحتلال مصادرة المزيد من الأرض، وإقامة المزيد من المستعمرات، وجلب المزيد من المستوطنين، ومواصلة قتل سكان الأرض وأهلها، وتدمير بيوتهم وتشريدهم، وتضييق سبل العيش في وجوههم، وتدنيس مقدساتهم.."

 

ويشير الكاتب إلى أن مرور (68) عاما على احتلال فلسطين، لم يجعل الفلسطينيين ينسون أرضهم، وقد خططت «اسرائيل» لحرف بوصلة نضالهم وكفاحهم، ومضي هذه المدة الطويلة لم يجعل اليهود الغاضبين أكثر أمناً واستقراراً في الوقت نفسه.

 

وينبغي على الفلسطينيين وهم يحيون الذكرى الأربعين ليوم الأرض،  أن تتوجه عمليات الإحياء لديهم نحو القراءة العلمية الموضوعية لأوضاعهم وأوضاع عدوهم، ويجب أن يعيدوا تقويم مسارات العمل على كل الأصعدة، وأن يمتلكوا الجرأة في تقويم حركات المقاومة بكل فصائلها، وأن يعرفوا الأجيال الجديدة على مواطن الاخفاق والنجاح، وأن يمكنوا الشباب وهم أصحاب المستقبل الفلسطيني من التأشير على النقاط المظلمة ونقاط التخاذل، وأن تتم الإجابة على الأسئلة الكبرى المتعلقة بحقيقة موازين القوة بدقة، بحسب غرايبة.

 

أضف تعليقك