وجوه مسنّة تعاني عدم الاستقرار المعيشي
على رصيف شارع الأمير طلال في وسط البلد، يجلس السبعيني فايز سعيد منذ 40 عاما ليبيع ما على بسطته من أدوات تجميل، دون أن يخطر بباله طيلة هذه السنيين أن يريح جسده النحييل، أو أن يستبدل مكان بسطته التي يستقبل الزبائن عليها بابتسامة تقاوم مرارة الحياة.
اعتاد أبو السعيد، على العمل طيلة النهار وحتى ساعات الليل الأولى، رغم تقدمه بالسن، حتى أنه لا يستطيع المكوث في المنزل، ويظهر على ملامحه عشقه للعمل وراء البسطة الصغيرة، والتي تعتبر مصدر رزقه الوحيد، حيث يعتمد عليها للعيش حياة كريمة، وتمكنه من تعليم أولاده الخمسة.
وبجوار بسطة أبو السعيد، يجلس الخمسيني عبد المجيد بيدس، الذي يعمل منذ 42 عاما بصناعة وبيع الاكسسوارت على بسطته التي ورثها عن والده.
بيدس ،يعمل 12 ساعة متواصلة تحت أشعة الشمس الحارقة وسط البلد، دون كلل أو ملل، معتبرا تلك البسطة التي لا يملك غيرها طوق نجاته من البطالة، ومصدر عيش كريم لأسرته المكونة من 19 فردا .
يجد بيدس المتعة وهو جالس وراء بسطته، صانعا لما يطلبه الزبائن من اكسسوارات، رغم العناء والتعب الذي يرافق تلك المهنة .
وفي الجهة المقابلة من الشارع، كان الستيني أحمد عبد العزيز يجلس وراء بستطه مناديا بصوت مرتفع للترويج لبضاعته وجلب انتبه المارة.
ولم يستطع أحمد ترك عمله ببيع أغلفة البطاقات الشخصية وجوازات السفر، الذي امتد لـ15 عاما، حتى بات يشعر بالراحة فيه، مع كل مطالب أبنائه له بتركه، لما فيه من تعب وعناء.
أبو السعيد وأبو أحمد وأبو عبد العزيز، أمثلة وجوه مسنّة، لا تشعر بالاستقرار في أعمالهم، مع حبهم له، وذلك لعدم توفر الضمان الاجتماعي، إضافة إلى تلبيته لمتطلباتهم المعيشية اليومية فقط.
الاختصاصي الرئيسي للتنمية الأسرية في المجلس الوطني لشؤون الأسرة خديجة علاوين، تشير إلى الافتقار لقاعدة بيانات متكاملة أو دراسات فيما يتعلق بفئة كبار السن في المملكة، والتي تساعد في حال توفرها بإعداد الاستراتيجية الوطنية لكبار السن.
وتقول علاوين إن وزارتي التنمية الاجتماعية والصحة، شكلتا لجنة معنية بتنفيذ توصيات الاستراتيجية الوطنية لكبار السن، والتي تهدف لتحسين وضعهم المعيشي، وتوعية المجتمع بقضاياهم، وتكريس النظرة الإيجابية نحوهم.
من جانبه، يؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطرروط، إعطاء الوزارة الأولوية لكبار السن، مشيرا إلى أن ثلث المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية هم من كبار السن، إضافة إلى تحمل الوزارة لنفقة 150 مسنا في دور الرعاية الخاصة .
ويلفت الرطروط إلى أن بعض كبار السن ممن يعملون على البسطات في مختلف مناطق المملكة، هم من أصحاب الأملاك الذين لا تتنطيق عليه شروط الوزارة للاستفادة من مساعدات صندوق المعونة.
يذكر أن الوزارة وضعت الاستراتيجية الوطنية لكبار السنت "2009-2013"، من خلال مجموعة توجهات تمثلت بالرعاية الصحية والاجتماعية لهم، وخلق بيئة مادية داعمة، ووضع البحوث والدراسات وقواعد البيانات المتعلقة بكبار السن في المملكة.