هل طوى لقاء الملك بنواب الحركة الإسلامية صفحة الخلافات؟

هل طوى لقاء الملك بنواب الحركة الإسلامية صفحة الخلافات؟
الرابط المختصر

"وصافحته قلوبنا".. هذا ما غردت به النائب في كتلة الإصلاح، ديمة طهبوب، بعد لقاء الكتلة المحسوبة على الإسلاميين مع الملك عبد الله الثاني مساء الثلاثاء الماضي، ما فتح باب التساؤل حول عودة العلاقات بين الحركة الإسلامية والنظام في الأردن الى طبيعتها، عقب محطات من التوتر والمد والجزر خلال السنوات الأخيرة.

 

الإسلاميون، تحدثوا أمام الملك، حول ضرورة وقف التضييق الذي يمارس على الحركة، مرسلين رسائل طمأنة إلى النظام بأن الحركة الإسلامية في الأردن هي "صمام أمان للبلاد، وأن قوة النظام من قوة الحركة الإسلامية، والتحام النظام مع الشعب". كما أكد عضو الكتلة صالح العرموطي في  ".

 

اقرأ أيضا: كتلة الإسلاميين النيابية تلتقي العاهل الأردني وتشكو "التضييق"

 

ويأتي اللقاء بعد جفاء طويل بين النظام في الأردن والحركة الإسلامية،؛ بسبب ملفات داخلية وخارجية من أبرزها مطالب الحركة بإصلاحات تتعلق بقانون الانتخاب وتعديل الدستور، وإيجاد حكومات برلمانية، وأخرى تتعلق بدول إقليمية شنت هجوما على الحركات الإسلامية.

 

وشكلت القدس المحتلة أرضية مشتركة جامعة للطرفين على طاولة الملك، إذ أعلن رئيس كتلة الإصلاح النيابية، عبد الله العكايلة في حديث لـ"عربي21" أن "الحركة ثمنت وساندت موقف الملك من القدس المحتلة ورفض التهويد وتصفية القضية الفلسطينية".

 

ووصف العكايلة اللقاء بـ "الناجح بامتياز"، معتبرا أنه "يشكل جسرا لاستئناف التواصل، والعلاقة بين الحركة الإسلامية، والنظام بعد فترة انقطاع طويلة لأسباب داخلية وخارجية".

 

ويقول: "كل لقاء جمعني مع الملك طلبت فيه رفع الحصار عن الحركة الإسلامية التي تقف بمربع النظام في كل المواقف المصيرية والحرجة، دعونا إلى استئناف العلاقة مع الحركة الإسلامية".

 

أما وزير التنمية السياسية الأسبق، صبري ربيحات، فاعتبر في حديث لـ"عربي21" أن "لقاء الملك بالكتلة خطوة مهمة على طريق الإصلاح"، داعيا إلى "احترام التنوع وعدم شيطنة من يحملون أفكارا سياسية مختلفة".

 

ويتابع ربيحات: "تمتين الجبهة الداخلية يكمن في عدم استثناء أي أحد، الملك يقول دائما شعبي معي، لذا لابد من وجود خطوات كي يشعر الجميع أنهم معنيون".

 

ولجأت المملكة التي لم تنح منحى مصر، والإمارات، والسعودية، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، إلى طرق أخرى أقل صدامية في علاقتها مع الجماعة التي تدهورت علاقاتها بالنظام الأردني بعد الربيع العربي الذي تصدرته الحركات الإسلامية.

 

وشن النظام هجمة مضادة على الجماعة، تمثلت في سحب الغطاء القانوني للجماعة، والتضييق على فعالياتها، وسجن بعض قيادييها، ومنح تراخيص للمنشقين عن الإخوان، وإغلاق مقرات الجماعة الأم، تحت حجة عدم الترخيص في عام 2016.

 

وشن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، هجوما صريحا على الجماعة، ووصفها بـ"الماسونية" في مقابلته مع مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية في 2013، وقال في حديث لشبكة "بي بي إس" الأمريكية إن "جماعة الإخوان المسلمين جمعية سياسية منظّمة؛ قامت باختطاف الربيع العربي".

 

الا أن العلاقة بدأت بالاستقرار نسبيا بعد فك الإسلاميين صيامهم عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية، وحصدهم 14 مقعدا للكتلة (10 إسلاميين + 4 تحالفات)، التي عملت على ترطيب الأجواء مع النظام الأردني ومؤسساته.

 

محللون سياسيون، يرون أن النظام في الأردن بحاجة إلى الحركة الإسلامية، والعكس صحيح، في هذه الظروف التي تعصف بالقضية الفلسطينية، والمحاولات الأمريكية لفرض خطة السلام أو ما يعرف بصفقة القرن، الأمر الذي حذر منه الملك الأردني رافعا "لاءات ثلاث" في وجه "تهويد القدس، وعدم عودة اللاجئين، وضد الوطن البديل".

 

الكاتب والمحلل السياسي، د.حسن البراري، رأى أن الجميع معني في هذه المرحلة بتمتين الجبهة الداخلية، يقول لـ"عربي21": "النظام يلتفت الآن إلى الساحة الداخلية، ويريد التأكد أن الجميع خلفه فيما يتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية بعد أن وصل النظام إلى قناعة بأن الرهانات الخارجية لم تعد كافية لأمنه واستقرار البلاد".

 

ويتفق العكايلة أن موضوع القدس المحتلة جامع، ليس للحركة الإسلامية والنظام في الأردن إنما للأمة كلها، وقال: "تحدثنا مع الملك على ضرورة وحدة الصف والجبهة الداخلية، والعمل عربيا وعالميا لإيجاد معادلة تواجه الخطة الأمريكية والصهاينة الاستعمارية في فلسطين".

 

ويأتي ترطيب الأجواء مع الحركة الإسلامية بالتزامن مع تنويع عمان لخياراتها ومحاولة الخروج وطأة التحالف مع المعسكر السعودي-الإماراتي، عقب مواقف عربية خليجية داعمة للرؤية الأمريكية، ومحاولات سحب الوصاية الهاشمية عن المقدسات.

 

واستقبلت عمّان مؤخرا وفدا قطريا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية في مؤشر على تطور متسارع في العلاقات بين الدولتين، ليسبق ذلك تعميق التقارب مع تركيا.

 

ويقول د.البراري، إن موقف دول مثل السعودية والإمارات لن يكون لها تأثير على التقارب بين النظام والحركة، خصوصا بعد رفض عمان اتخاذ إجراءات قاسية ضد جماعة الإخوان المسلمين، الذين هم جزء من المعادلة السياسية في المجتمع الأردني، وهذا التنوع الذي لم يألفه الجانب السعودي أو الإماراتي".

 

تسعى عمّان إلى تحصين جبهتها الداخلية، لمواجهة تحديات كبيرة وضغوطات بعد أن تخلت عنها دول عربية في مواجهة الخطة الأمريكية، ويقوم العاهل الأردني بحشد تأييد شعبي من خلال مسيرات في المحافظات لدعم موقفه من القدس.