نواب يضيقون بنقد الإعلام.. مجددا

نواب يضيقون بنقد الإعلام.. مجددا
الرابط المختصر

في اختبار جديد لمدى تقبل النواب لنقد الإعلام، عبر بعضهم عن احتجاجهم ضد فيلم فيديوي قصير يسخر من سلوكيات نواب، التقطها الإعلام في جلسات رسمية، وبخاصة حالات العنف التي شهدها المجلس الحالي كما سابقيه. والجديد هذه المرة أن من قاد الاعتراض إعلامية تواجه قضية في المحكمة على خلفية رأي أحد ضيوف برنامجها التلفزيوني.

النائب رولا الحروب، وفي اجتماع لجنة مدونة السلوك النيابية بحضور رئيس مجلس النواب، سعد هايل السرور، طالبت المجلس بالتوجه لموقع يوتيوب لسحب فيلم فيديوي “نوابشونال جيوغرافيك”، واعتبرته مسيئا لمجلس النواب. لكن النائب مصطفى حمارنة، الذي سبق وأدار وسائل إعلامية (التلفزيون الأردني وصحيفة السجل)، خالفها الرأي معتبرا أن الفيلم جاء في إطار حرية التعبير والإبداع الفني.

منتج الفيلم الذي بثه موقع “شو في تي في” على اليوتيوب، نذير الخوالدة، يدافع عن فلمه الذي تعرض للنقد، ويقول لعين على الإعلام: ” الفيديو لا يشبه النواب بالحيونات كما قالت النائب الحروب، قمت بكتابة السيناريو وإعداده، ولم اذكر اطلاقا اسم مجلس النواب او حيوانات. ولا يمكن ان اكون سطحي بتشبيه انسان بحيوان. الحديث كان عن علاقة الكائنات تحت القبة، لكن من زاويتي”.

“الفكرة التي اردت توصيلها، كأي اي كاتب لا تعجبه ممارسات النواب داخل القبة، أن لغة الحوار غائبة فيما رصدناه من مسدسات ومشاجرات، وغياب نواب عن هموم الناس”، يوضح الخوالدة.

ويرى أن النواب لا يقبلون أي انتقاد يوجه لهم، والشخص الذي ينتقدهم يتعرض للهجوم. ويشير الخوالدة إلى وجود تناقض في مواقف النائب الحروب. “لو رصدنا ما كانت تبثه النائب الحروب في قناة جوسات وكيف أقفلت لفترة بسبب ما اعتبر مخالف، وكيف تحدثت بعد فترة عن الخطوط الحمراء وإغلاق المحطة، وطالبت بالحريات العامة في حينها والآن تنتقد الفيلم”.

ويؤكد الخوالدة على حقه في التعبير. “هذا عمل إبداعي ولا اكترث بردود فعل النواب. لا أدري قد يكون بعد نوابناشونال غرافيك نواب ستار اكاديمي”.

في المقابل، ترى النائب الحروب أن “الحريات الاعلامية ليست مسبات واهانات وعبارات تمتهن كرامة الافراد وتهم توجه دون ادلة.. الحرية الاعلامية هي بحث جاد عن الحقيقة بما يخدم الصالح العام”.

عبرت النائب الحروب عن موقفها في رد على خبر موقع عمون، بعنوان “الحروب تطالب منع شريط ناقد للنواب والحمارنة يخالفها”. وحاول برنامج عين على الإعلام مرارا الاتصال بالنائب الحروب من دون جدوى.

وتتساءل الحروب في ردها: “هل يقع فى باب الحرية وصف مجلس النواب بمجلس الغاب ووصف النواب بالحيوانات النيابية وتصويرهم كما لو كانوا قرودا؟ ولصالح من هذا التشويه الممنهج لصورة مجلس النواب الركن الاهم للديمقراطية فى الاردن، هل يخدم هذا الحريات أم يسفهها؟ هل الحط من شأن مجلس النواب يقع فى باب البحث الجاد عن الحقيقة أو تحقيق الصالح العام؟”.

“لو كان هذا الفيديو المنشور على اليوتيوب عملا كوميديا فيه حس الدعابة لما أثار استياء احد، ولو كان نقدا موضوعيا يتناول الاداء ولا يحط من قدر الأشخاص لما أغضب احدا، ولكنه ليس كذلك”. وتختم الحروب: “تاريخي فى الدفاع عن الحريات ليس بحاجة إلى شهادة من أحد، ومن لم يدفع ثمن الدفاع عن الحرية لا يحق له أن يعظ الآخرين”.

النائب حمارنة عبر عن موقفه من الفيلم، كما يقول لعين على الإعلام، في سياق اجتماع لجنة السلوك عرض فيه “رأي مختلف يدعو لتقوية الابداع والثقافات المختلفة، ووضع حد للثقافة التقليدية السائدة حيث الخروج عن المألوف يشكل جنحة ومخالفة كبيرة. وهذا واقع موجود في كل المجالات كالانتخابات ودور العشيرة السالب لإرادة المواطن”.

ويصف حمارنة الفيلم بأنه “شكل من اشكال الابداع ويعكس ثقافة مهمة”، ودعا إلى “الايمان بالتفكير النقدي وتحفيزيه”، مؤكدا على رفضه “للرقابة بأي شكل من الاشكال”.

“معركتنا مع التعددية والحريات وقبول الآخر طويلة وتتطلب جهدا كبيرا وعمل تراكمي”، يقول حمارنة. “وكثيرون سيقفون ضدها بحجة الخوف على الوطن ومخاطر الانفتاح على الاستقرار السياسي الذي يعزز من مكانتهم”. ويتابع: “حياتنا تغيرت ولكن ما زلنا نفكر كما كنا في القرن الثامن عشر، وهذا نتيجة طبيعية لأنماط التنشئة في الأسرة وللتعليم غير النقدي”.

ويعزو حمارنة موقف بعض النواب المحافظ تجاه حرية التعبير والإعلام إلى “قانون الانتخاب الأكثر تعقيدا وهو المشكلة الكبرى”. ويؤكد على موقفه المؤيد لالغاء قانون المطبوعات والنشر، بحيث يتم تسجيل المطبوعة مباشرة بوزارة الصناعة والتجارة وتدفع الضريبة مثل أي منشأة في البلاد.

وتعددت الآراء النيابية حول الفيلم الساخر وحول علاقة الإعلام بالنواب عموما.

النائب مفلح الخزاعلة ينتقد بعض الإعلاميين الذين يقومون بتضخيم ما يحدث في المجلس. ويضرب مثلا كيف “نقل الاعلام أن أحد النواب سحب المسدس وكان سيطلق الرصاص. وهذا لم يحصل، كل ما حصل أن أحدهم وضع يده على مسدسه حتى لا يقع. كما أن الشتم والضرب يحدث في كل مجالس العالم”.

ويقول الخزالة لعين على الإعلام: “الاعلام هو السلطة الرابعة التي نحترمها. وما نريده هو علاقة تشاركية بين كافة السلطات، وتواصل من أجل مصلحة المواطن والوطن، وليس من أجل التشهير بالنواب. يجب ان يكون قلم الاعلامي قلم الحق ونقل الصورة الصحيحة للشارع الاردني”.

“نحن نتقبل نقد الاعلام، فنحن نمثل الشارع، يقول الخزاعلة، لكن بالشكل الصحيح، وضمائر الشعب الاردني من اعلام ونواب هي التي تقرر الصحيح”.

ولضمان نقل الإعلام للمعلومة الدقيقة، يشدد الخزاعلة على ضرورة بث جلسات مجلس النواب على التفلزيون الاردني ليعرف الشارع الاردني ماذا يقول ويشرع النواب من قوانين. “أما نقل رؤوس اقلام فقط فهذا لا يعبر عن الحقيقة، فمثلا أحدهم نقل جزء من كلمتي وبالاحرى عنوان ما قلت فقط”. ويشكر النائب بث راديو البلد لجلسات النواب.

آراء النواب، وفقا للنائب والصحفي جميل النمري، تعكس التعدد الموجود في المجتمع. وبشكل شخصي، يؤيد النمري موقف حمارنة باعتبار أن الفيلم يعكس حرية التعبير. “قد يكون الفيلم مندفعا قليلا وساخر بشدة وخصوصا التشبيهات، لكنه موفق فنيا ومقبول ولم ينحدر للسوقية في التعبير”.

وعبر النمري عن استغرابه من موقف الحروب. “توقعتها اكثر تسامحا من منطلق كونها صحفية. لكنها لم تتشدد كثيرا وأوضحت موقفها لاحقا”.

موقف النواب من الفيلم ومن نقد الإعلام لهم بشكل عام لا يعكس موقف النواب من التشريعات الاعلامية، كما يرى النمري. “بشكل عام نرحب بالنقد عندما يكون تجاه الاخرين ويضيق صدرنا عندما يتناولنا، ونثور ونغضب. هناك نقص في التعامل مع قضايا التعبير عن الرأي، نحتاج إلى تدريب على قبول الرأي الآخر، خاصة في بعض المواضيع التي تعتبر محرمات”.

“لكن الوضع افضل عند مناقشة التشريعات الاعلامية”، يقول النمري، موضحا أن “المناخ النيابي جيد في مناقشة القوانين الاعلامية، مقارنة مع المجلس الماضي، مثل حق الحصول على المعلومات والمطبوعات من خلال تعديلات ايجابية”.

وكان رئيس مجلس النواب، سعد السرور، أعلن موقفه من العلاقة مع الإعلام في لقاء تشاوري بين نواب وإعلاميين، نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين في إطار جهود كسب تأييد البرلمانيين في دعم مشاريع القوانين الماسة بحرية الاعلام والمعروضة على مجلس النواب. قال فيه أن “البرلمان سيعمل بشكل حاسم من خلال دوره التشريعي والرقابي على صيانة الحريات الصحفية وحماية الاعلاميين. وأنه بالرغم مما شهدته علاقة النواب والإعلام من مد وجزر إلا أنها تبقى علاقة تكاملية، يحتاج كل طرف فيها للآخر في أداء عمله”.

استمعوا إلى الحلقة الاذاعية الكاملة من برنامج عين على الاعلام

للاطلاع على تقارير: عين على الإعلام

أضف تعليقك