من يحمل ملف السياسة الخارجية الأردنية؟
تؤشرعدد لقاءات وسفرات الملك عبد الله الثاني الإقليمية والمحلية - التي كشف عنها تقرير لموقع عمان نت مؤخرا – على ان ملف السياسة الخارجية الأردنية بات يدار بشكل رئيسي من الديوان الملكي.
يظهر التقرير أن الملك غادر البلاد بما مجموعه 90 يوما خارج البلاد خلال عام 2015، بنسبة 25% تقريباً من أيام السنة، مقابل 83 يوما في عام 2014، بنسبة تقارب 23%. تضمنت 22 زيارة عمل كان لمصر وأمريكا النصيب الأكبر منها.
زيارات فرضها الظرف الإقليمي وخصوصا الملف السوري والحرب على الإرهاب الذي تصدر أجندة للقاءات القمة بين الملك و زعماء تلك الدول.
ليتراجع دور وزير الخارجية ناصر جودة لصالح الملك عبد الله الثاني الذي يقود زمام السياسة الخارجية الأردنية بنفسه، من خلال لقاءات واتصالات بين أقطاب وعناوين الصراع في الشرق الأوسط، كان آخرها لقاؤه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بحث فيه التنسيق بشأن الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب.
و تشترك المملكة اليوم في أغلب التحالفات الدائرة في الإقليم ابتداء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، و التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، مرورا بتحالف روسي عراقي سوري أعلن عنه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لمحاربة تنظيم الدولة في العراق، مع الدخول في تحالف قديم غير معلن مع مصر و الإمارات ضد جماعة الإخوان المسلمين.
"الظرف الإقليمي يحتم علينا أن نتحالف من أجل مصالحنا وبقائنا" يقول نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان د.هايل ودعان الدعجة على خارطة التحالفات التي يشارك فيها الأردن.
يصف النائب السياسة الأردنية الخارجية "بالذكية جدا بحيث تتلاءم وتتماشى مع المصالح الوطنية". مؤكدا أنها " سياسة ناججة بقيادة الملك عبد الله الثاني، بدليل أن الممكلة لازالت محافظة على أمنها واستقرارها ".
التقارب مع الفرقاء
يقول النائب "السياسة الخارجية الأردنية سياسة واقعية تتلاءم وتحقيق المصلحة الوطنية، وتعكس قوة العلاقة التي تربط الأردن مع دول الفرقاء التي تثق في الجهاز الإستخباراتي الأردني والقدرات العسكرية المعلوماتية التي تعكس بأن الأردن مطلع على المشهد في الإقليم، مما يدفع الأطراف الدولية فرصة في أن تقترب أكثر من الأردن حتى تكون قريبة أكثر من تحقيق أهدافها فيما يخص محاربة داعش إن كانت جادة في ذلك".
ويشدد على أن " السياسة الأردنية تراعي من خلال التقارب مع الفرقاء مصالح المملكة مع دول تخوض حروبا ضد الإرهاب على حدوده ، لذا تقتضي مصالح الأردن أن تذهب الممكلة في تحالفاتها إلى أبعد مدى يحقق هذه المصلحة، ومن هذه التحالفات مع روسيا التي توجب علينا التنسيق معها لعدة أسباب منها : وجود بعض الجماعات الإرهابية على حدودنا الشمالية و الخشية من تدفق كبيرللاجئين السوريين وكلها تحديات تواجه الأردن".
سياسة واقعية
وتقر الحكومة على لسان الناطق باسمها و زير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني "بواقعية السياسة الأردنية" مؤكدا : سياستنا الخارجية واقعية وبراغماتية ومعتدلة، عنوانها الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية العادلة".
أمريكا حليف إستراتيجي
المحلل السياسي د.لبيب قمحاوي يرى أن السياسة الأردنية " واضحة المعالم لكن الخلاف في التفاصيل"، مؤكدا " أن " التحالف الأردني مع المعسكر الغربي بشكل عام وأمريكا بشكل خاص تحالف استراتيجي لا نقاش فيه".
وحول العلاقة والتحالف مع دول الخليج يقول قمحاوي: "هناك تذبذب في العلاقات مع دول الخليج، وغالبا هذا التذبذب أساسه دول الخليج وليس الأردن، أحيانا تلتقي المصالح وأحيانا تتضارب، ولكن بشكل عام العلاقه مع دول الخليج والسعودية لا تزال ممتازة، ولكنها ليست بالمقياس نفسه الذي كانت عليه سابقا، الجديد هو علاقة الأردن قليلا مع روسيا وهذا الكلام قد يساعد الأردن في تخطي بعض الصعاب خصوصا في الأزمة السورية".
وتتمتع الممكلة بتحالف استراتيجي تاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي صنفت دول المنطقة عام 2002 إلى دول "اعتدال" و "محور شر" شمل " إيران والعراق وسوريا وكوريا الشمالية"، بينما صنف الأردن من دول "الاعتدال" حسب تصنيفات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن.
تحالفات جديدة
لكن واقع ما يجري في المنطقة والتدخل الروسي في سوريا قلب مفاهيم التحالفات التي بات عنوانها الأبرز " الحرب على الإرهاب"، ويرى محللون سياسيون أن "تفريخ" التحالفات في المنطقة هو جزء من حالة الانقسام السياسي والطائفي التي أظهرت تحالفات تفتقد لاستراتيجية واضحة.
يقول قمحاوي إن "التحالفات المضادة للإرهاب، والتحالف الغربي الخليجي الأردني، والتحالف الروسي الأردني، والخليجي الأردني ، كلها عناوين مختلفة لموضوع واحد، وأعتقد أن فن الممكن أقرب من الواقعية في السياسة الخارجية الأردنية؛ لأن الواقعية كلمة حق يراد بها الواقع، و تعني أنه ليس بأيدينا، أعتقد أن الأردن في معالجتة لمختلف القضايا كان يحاول أن يقترب من فن الممكن، الذي يسمح له بأن يبقي رأسه فوق الماء".
تلجأ الممكلة الى ما يسمى سياسة إمساك العصا من المنتصف أو الوقوف في المنطقة الرمادية سياسة أردنية اتبعتها المملكة منذ بدء الأحداث في سوريا، إذ حافظت على قنوات اتصال مع النظام السوري واستقبلت الممكلة شخصيات أمنية سورية كبيرة، في وقت لم تتخل فيه عن تحالفات عربية وغربية تسعى لإسقاط النظام السوري.