مقالات الصحف اليومية.. واهتمام بتنحي حمد

مقالات الصحف اليومية.. واهتمام بتنحي حمد
الرابط المختصر

لقي تنحي الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني وتسليمه السلطة لنجله ولي العهد تميم، حضورا لافتا بين أعمدة كتاب الرأي والمقالات في الصحف الأردنية ولا سيما عدد يوم الأربعاء لصحيفة الدستور التي أتاحت مساحة لأربعة من كتابها لقراءة الحدث، إضافة إلى وجهة نظر لرئيس صحيفة العرب اليوم.

ومع إجماع الكتاب والمحللين على أهمية الحدث واللحظة التاريخية التي جاء فيها، إضافة إلى فرادته خاصة في دول الخليج، إلا أن الآراء اختلفت وتباينت في أسباب التنحي مع غموضها وتنوعها إن كانت داخلية أو إقليمة دولية.

إحدى مقالات "الدستور" كانت للكاتب ياسر الزعاترة الذي يرى بأن عملية نقل السلطة تمت بطريقة تدريجية منذ ثلاث سنوات تقريبا، مؤكدا أن الأمر يستحق التوقف لقراءة دلالاته وتبعاته على الوضع في قطر، لا سيما السياسة الخارجية وعموم الوضع في الخليج والمنطقة.

فيما يعتبر الكاتب ماهر أبو طير في ثاني مقالات "الدستور" بأن التغيير في الدوحة جاء بشكل مفاجئ ودون مقدمات، وفي توقيت حساس.

ويشير رئيس تحرير "العرب اليوم" نبيل غيشان إلى أن التنازل عن السلطة ليس من ثقافة العرب ولم يسبق لأحد من زعمائهم أو شيوخهم أن تنازل عن السلطة ، لذا فإن الأمر مستحدث وجريء ومثير وغير مسبوق، ويطلق الكثير من الأحاديث والأفكار حول الدوافع الحقيقية وراء القرار.

غموض الأسباب والدوافع:

يطرح كتاب المقالات عدة قراءات لأسباب التنحي، حيث يستبعد الزعاترة أن يكون له علاقة بوضع الأمير الصحي، بقدر ما يتعلق بقناعات شخصية، سواء تعلقت بقناعته بضرورة ضخ دماء جديدة في السلطة، أم برغبته في الابتعاد عن عوالم السياسة المتعبة.

وهو ما ذهب إليه الكاتب فهد الخيطان في مقال سابق بعد تأكيده على فرادة هذه الخطوة خليجيا وندرتها في الأنظمة الوراثية، حيث أشار إلى استبعاد المراقبين للشأن القطري أن يكون التنحي لأسباب صحية، والذين يقول إنه فكر في الأمر منذ سنوات، وأبلغ مقربين منه بالموعد المفترض.

"ويُعتقد أن الرغبة في التغيير، وتقديم وجوه شابة لتولي المسؤولية، هي الدافع وراء قرار الأمير الذي شرع منذ سنوات قليلة بتسليم الملفات، أولا بأول، لولي العهد، بدأ بالأهم؛ الدفاع والأمن، ثم دخل لاحقا على خط السياسة الخارجية"، بحسب الخيطان.

أما الكاتب عمر كلاب فيذهب إلى أن التغيير أو الانسحاب من السلطة جاء استجابة موضوعية لاستمرار نظام وسلالة في الحكم، فمجمل المعارك السياسية التي دخلتها الإمارة الصغيرة حجما والمكتنزة مالا وإعلاما، أورثها وفرة في الأعداء.

ويوضح كلاب بأن الأمير اتخذ "خطوته الذكية"، وسط حروب وحرائق مشتعلة ومزاج متحول حيال الإمارة ودورها، ووسط حضور سياسي لا يخفى على أحد وسطوة اقتصادية تراها العين حيث تديرها، من أجل ديمومة الحكم والتخلص من وزر مواقفه من مختلف القضايا الخارجية.

وينقل الكاتب والمحلل عريب الرنتاوي أكثر الروايات شيوعا حول أسباب التنحي، والتي كان مصدرها الإعلام والخبراء الغربيين، وعزت التغيير إلى ضغوط أمريكية، نقلها مسؤول في “السي آي إيه”، طلبت إلى حاكم قطر تسليم مفاتيح السلطة ومقاليدها إلى نجله الرابع من زوجاته الثلاث مع عبارة تشي بتهديات.

وفي قراءة لهذه الضغوط الأمريكية، يتساءل الرنتاوي عما يزعج الولايات المتحدة من الأمير الذي كان "شديد المهارة في ضبط سياساته على إيقاعات المصالح والاستراتيجيات الأمريكية"، مشيرا إلى أن هناك من يرى، في المقلب الآخر، أن واشنطن تريد لـ”جنيف 2” أن يرى النور، وأنها باتت تتحدث عن “استعادة التوازن” في سورية وليس “قلب الموازين” فوق رأس الرئيس السوري بشار الأسد.

ومثل هذه "النقلة” في الموقف الأمريكي، بحسب الرنتاوي، تستدعي خروج حمد والإتيان بتميم، فالأول وضع ثقله وماله وسمعته ومستقبله الشخصي في معركة إسقاط الأسد، ولن يهنأ له بال أن وُضِع قطار “جنيف 2” على سكته، وفقا للقراءة السابقة.

ويخلص الكاتب إلى ضرورة مراقبة سلوك الأمير الجديد داخليا وخارجيا، "نريد أن نرى كيف سيُسدل الستار على تجربة حمد بن جاسم، فهي مثيرة للاهتمام .. علينا أن نرقب السلوك القطري حيال أزمات المنطقة المتفجرة، وكيف ستتطور تحالفات الدوحة، مواقعها ومواقفها".

فيما يستعرض أبو طير عددا من التفسيرات باعتبار البعض هذا القرار تعبيرا عن رغبة الأمير بالابتعاد الطوعي في سياق إثبات رغبته بالتغيير في العالم العربي، أو أنه جاء تلبية لرغبة واشنطن التي فرضت التغيير لاعتباراتها في قطر،على هذا المستوى، أو لأسباب صحية، إلا أنه يؤكد بأن كل السيناريوهات التي يتم تداولها تبدو غير مقنعة، وتقترب من التكهن لا المعلومات، ويشير إلى أن أسباب الاستقالة غامضة، ولم يصل أحد حتى الآن إلى أسرار التنحي ودوافعه.

السياسات المستقبلية للدوحة:

يشير الكاتب الزعاترة إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه هو ذلك المتعلق بالسياسة الخارجية للبلد في ظل الوضع الجديد، وما إذا كانت ستأخذ منحىً آخر أقل مغامرة مما كانت عليه، أم سيمضي الوضع في ذات الاتجاه.

ويضيف بأن مؤشرات كثيرة ما زالت تقول باستمرار ذات السياسة بهذا القدر أو ذاك، مع أن الموقف سيعتمد أيضا على تطورات الوضع في العالم العربي والإقليم بشكل عام، والذي يعيش تحولات عاصفة.

كما يرى الرنتاوي بأن هناك تأكيدات بأن تغييراً لن يطرأ على سياسة الدوحة، وحجة أصحابها ومطلقيها أن ولي العهد كان شريكاً بصنع كل السياسات والاستراتيجيات والقرارات الكبرى التي اتخذها أباه وذراعه الأيمن (حمد بن جاسم).

و"بالمعنى السياسي والاقتصادي فإن الأمير الجديد يرتكز إلى مقومات نجاح حقيقيه، والأهم من ذلك أنه يأتي في ظل أوضاع إقليمية جعلت الشوارع العربية تقرر فيها مصير حكامها وأشكال نظام الحكم وهو يرتكز اليوم الى طاقم وزاري شاب قطع مع الارث السابق"، بحسب غيشان.

إلا أن الكاتب أبو طير يذهب إلى أن قطر أصبحت أمام وضع جديد، على كل المستويات، وهو وضع مفتوح في آفاقه واحتمالاته.

أضف تعليقك