مرايا فنية لأرواح صغيرة

مرايا فنية لأرواح صغيرة
الرابط المختصر

قد تكون مجرد خربشات صبيانية تلك التي قام بها الطفل نمر على أوراقه، مصورا ألسنة من اللهب والحرائق، إلا أنها كانت كافية لقراءة ما تحمله روحه من آلام نفسية دفينة.

 

رسومات نمر التي جاءت ضمن برنامج "دافنشي" في مركز كينونة للعلاج النفسي، كانت وسيلة للوصول من خلال خطوطها وتعبيراتها إلى عوالمه الداخلية، حيث يقوم برسم الحرائق للتعبير رمزيا عن نيران  تشتعل بداخله، بعد مروره بظروف أسرية و معيشية صعبة، وتعنيف على يد والده، ثم هروب والدته من المنزل، وصولا إلى إرساله لدار رعاية الأيتام.

 

وفي تلك الدار، عانى نمر ما يعانيه العديد من أقرانه من مشاعر مضطربة وحادة، قد تنعكس على علاقاته مع المحيط من أطفال وأمهات راعيات، واللواتي بتن يجدنه طفلا مشاغبا، وفقا لما أورده تقرير المركز.

 

إلا أن هذه الحالة بدأت بالتغير نحو الأفضل نفسيا، وأصبح نمر أكثر قدرة على الاندماج مع الآخرين؛ بعد انخراطه إلى جانب عشرة من زملائه، وخضوعه لـ12 جلسة علاجية عن طريق الرسم على مدار 45 يوما.

 

وبعد برنامج المعالجة، أجرى المركز دراسة لمعرفة أهمية و فاعلية العلاج النفسي عن طريق الفن، والتي أظهرت انخفاض نسبة الأطفال الذين كانوا يعانون من حالات العصاب النفسية من 89% إلى ما نسبته 60%، بعد استكمال جلسات المعالجة.

 

ويعتمد العلاج عن طريق الفن جمعية العلاج بالفن الأمريكية، على الاعتقاد بأن العملية الإبداعية المشاركة في التعبير الفني عن الذات، تساعد الناس على حل الصراعات والمشاكل وتطوير المهارات الشخصية وإدارة السلوك، وزيادة الثقة بالنفس والوعي الذاتي، وتحقيق البصيرة.

 

 

وتعرف أخصائية العلاج النفسي عن طريق الفن ومؤسسة مركز "كينونة" شيرين يعيش، الفن على أنه وسيلة للتعبير عن النفس حين تفقد الكلمات قدرتها على التعبير، مشيرة إلى إلى الوسائل التي يستخدمها المركز بالمعالجة النفسية، "فهناك  فن علاجي عن طريق أنواع الفنون المختلفة، الموسيقى و الدراما و الصلصال والرسوم وغير ذلك، وهي الطريقة التي وجدت لها انتشارا واسعا عالميا.

 

وتشير يعيش إلى تغير سلوك الأطفال، وخاصة من فئة الأربع سنوات فما فوق، إيجابيا، بعد خضوعهم للعلاج النفسي عن طريق الفن، حيث يصبح الطفل أكثر قدرة على التعبير عن أفكاره و مشاكله و رغباته، والتعامل معها.

 

الفنانة التشكيلية سماح ياسين، تلفت إلى أظهرته الورش التي تعقدها للأطفال لتعلم الرسم والحرف اليدوية، من قدرة على الصبر، وتفريغ طاقاتهم السلبية.

 

ومن خلال تعاملها مع أطفال مصابين بالتوحد، لاحظت ياسين التغير في سلوكهم واكتسابهم لقدرات على التواصل والتعبير عن ذواتهم.

 

كما أن "الأطفال أصبحوا مؤخرا، مقيدين بوسائل الترفيه الالكترونية، فيما يخرجهم الفن من حالة التقييد تلك،  إذ يشعرهم إنجاز لوحة فنية، ولو كانت مبتدئة، بقيمة أنفسهم و بقدرتهم على صناعة شيء جميل".

 

هذا ولا يقتصر الدعم النفسي للأطفال بنوع واحد من الفنون، وهو ما أظهره مشروع منظمة "الآكشن إيد- مبادرة المنطقة العربية"، والتي شملت عروضا مسرحية قدمها أطفال محافظة الزرقاء، وتتناول قضية التسرب المدرسي وظروفه ودوافعه.

 

قلوب صغيرة، قد يكون الفن بلسما لجراحها الداخلية، لتصدق بذلك مقولة الفنان الشهير بيكاسو بأن "الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية".

 

 

أضف تعليقك