قراءة في "الغضبة" الفلسطينية
تتواصل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف المدن الفلسطينية، التي كان آخر ضحاياها الطفل عبد الرحمن عبيد الله في بيت لحم، الأمر الذي ترك تكهنات كتاب الرأي بوجود حالة غضب، قد تصل إلى "انتفاضة" فلسطينية أخرى.
الكاتب محمد سويدان، يرى أن تصعيد الاحتلال لم يكن وليد اللحظة، ولم يبدأ مع العمليات التي نفذها فلسطينيون في القدس المحتلة، "التي جاءت كرد فعل على البطش الإسرائيلي والمخططات الاستيطانية والتهويدية للقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية".
ويؤكد سويدان أن التجارب في فلسطين، أثبتت "أن الاحتلال مهما بلغت قوته وبطشه وعنجهيته، لن يستطيع أن يقتل المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، ولن يستطيع أن يمرر ما يريد من مخططات استيطانية وتهويدية"، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي بانتهاكاته وعدوانه المستمرين يدفع الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة.
أما الكاتب أحمد عزم، فيشير إلى أن التساؤل عن قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة، يجري دون الأخذ بالاعتبار تباين المشهد عما كان عليه في انتفاضتي عام 1987، و2000، من تشكل قوات وأطر سياسية للمستوطنين اليهود تكاد تصنع منهم لاعبا مستقلا نسبيا، إضافة إلى حالة فقدان البوصلة والتخبط في القوى السياسية الفلسطينية المنظمة.
ويذهب عزم إلى أن الرد الفلسطيني إذا لم يكن ذكيا وقوياً بشكل كاف، فإن المستوطنين يخططون لاستغلال انفجار انتفاضة جديدة لمصلحتهم، لافتا إلى أن أعدادهم وقواتهم وتحضيراتهم تختلف جذريا عن الانتفاضتين السالفتين.
ويطرح الكاتب ثلاثة سيناريوهات للوضع في الأراضي الفلسطينية، أولها "التنكيل الصهيوني" بالشعب الفلسطيني، والثاني: وقوع مواجهة عنيفة مفتوحة بين المستوطنين المسلحين المدعومين بالجيش الإسرائيلي، والشعب الفلسطيني الذي ينضم له عناصر الأمن الفلسطيني.
أما ثالث السيناريوهات، فيتمثل "نظريا"، بإمكانية التصدي للحالة الاستيطانية الهجومية، بمشروع عصيان مدني شامل، وتنظيم وتعبئة تامة للفلسطينيين في الدفاع عن قراهم ومدنهم، لمواجهة المشروع الاستيطاني، وبدء مقاومة للتحرر على نحو مختلف، وهذا سيكون انتفاضة ثالثة حقيقية.
فيما يرى الكاتب عمر كلاب، أن الخطر التالي بعد الاحتلال "الصهيوني" لفلسطين ، هو الهدوء تحت الاحتلال، يليه خطر الانقسام والتهدئة الرسمية والتنسيق الأمني، وكل الأسباب التي أسقطتها ثورة الشباب في الضفة الغربية.
ويضيف كلاب أن "الحالة الشعبية العارمة من الصحوة بين شباب الضفة على اختلاف تلاوينهم السياسية وانتمائهم الحزبي والفكري، أقرب ماتكون إلى انتفاضة 1987 المباركة"، رغم اختلاف الظروف الذاتية والموضوعية للمناطق المحتلة بعد تشكيل كيان السلطة الوطنية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الحالة لا تعني أننا بحاجة إلى انتفاضة ثالثة.
ويخلص الكاتب إلى أن المطلوب هو "ثورة فلسطينية شاملة بأدوات المقاومة التقليدية وعمليات يومية ترفع كلفة الاحتلال وخسائره، وتضع السلطة وكيانها في استحقاق وطني لا تجد خيارا أمامه سوى الانضمام إلى صفوف الثورة الشعبية".
"فالانتفاضة كلفة مشتركة وربما ليست بالتناصف بين السلطة والكيان الغاصب، في حين أن الثورة ستدفع كلفتها سلطة الاحتلال بالأغلب"، يكتب كلاب.