قانونية النواب تشرع ببحث الاتفاقيات مع إسرائيل
شرعت اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني بفرد الاتفاقيات المبرمة بين الأردن وإسرائيل على الطاولة؛ بحثا عن خروقات ارتكبها الجانب الإسرائيلي؛ تمهيدا لتقديم تقرير كامل للمجلس والحكومة حول ماهية هذه الاختراقات.
يأتي ذلك كردة فعل أردنية غاضبة على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها.
وتحاول المملكة من هذه الخطوة "تعرية إسرائيل" أمام المجتمع الدولي، وخلق ردة فعل وزخم دولي مساند للأردن في مواجهة إسرائيل والإدارة الأمريكية، كما يقول نواب لـ"عربي21".
وتجمع المملكة والجانب الإسرائيلي اتفاقيات عدة، أبرزها اتفاقية السلام "وادي عربة"، التي وقعت في تشرين الأول/ أكتوبر 1994، إلى جانب اتفاقية مع شركة نوبل إنيرجي الأمريكيّة في أيلول/ سبتمبر من عام 2016، الحاصلة على امتياز التنقيب في البحر الأبيض المتوسط في فلسطين المحتلة، وأخرى مماثلة لتوريد الغاز الطبيعي وقعتها شركة البوتاس الأردنية مع جلوبل إنيرجي في 2014، إلى جانب مشروع ناقل البحرين المشترك الممول من البنك الدولي.
فضح إسرائيل دوليا
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، النائب رائد الخزاعلة، أكد في حديث لـ"عربي21" أن "المجلس سيفتح جميع الاتفاقيات التي وقعت مع العدو الإسرائيلي، ومن بينها الغاز، التي لم تعرض على المجلس، ورصد كافة البنود التي تم خرقها من العدو الناقض للعهود؛ لعرضها على المجتمع الدولي، وخلق زخم لدى المجتمع الدولي؛ بهدف الضغط على الإدارة الأمريكية؛ للتراجع عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها".
وحسب الخزاعلة، "بدأت اللجنة القانونية بناء على قرار مجلس النواب في جلسته السابقة بمخاطبة الحكومة الأردنية؛ لتزويدها بكافة الاتفاقيات التي وقعت مع إسرائيل، وعلى رأسها اتفاقية السلام؛ لفضح العدو وانتهاكاته أمام المجتمع الدولي، إذ لا يكفي وجود زخم عربي وإسلامي لمواجهة القرار الأمريكي، فلا بد من زخم دولي أيضا".
وحول إلغاء اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، يقول الخزاعلة: "إلغاء اتفاقية السلام قائم، لكنه ليس الموضوع الأهم في الوقت الراهن، نريد شيئا عمليا؛ لكسب الزخم الدولي، من خلال وضع إضاءات على اختراق إسرائيل".
مطلب شعبي قديم
وتعدّ إعادة النظر في الاتفاقيات مع إسرائيل مطلب شعبي وحزبي قديم جديد، وقالت شخصيات أردنية معارضة في أكثر من مقام إن إسرائيل ما انفكت تخرق معاهداتها مع الأردن، فحسب أمين سر جماعة الإخوان المسلمين، بادي الرفايعة، "خسر الأردن الكثير بعد توقيع هذه الاتفاقية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بسبب هذا المسار الذي دخل فيه نظام الأردن، ما أودى بالبلاد إلى كوارث ومصائب كبيرة". كما قال في حديث سابق لـ"عربي21".
كما يرى المحلل السياسي، فهمي الكتوت، أن اتفاقية وادي عربة لم تعد بالنفع على الأردن، "فقد خرقت إسرائيل كل الاتفاقيات من خلال حديث شخصيات إسرائيلية بارزة، سواء حكومية أو نيابية، بقولها إن للأردن ضفتين، الأولى لنا، والثانية لنا، ويؤكد ذلك أطماع إسرائيلية مستمرة بالتوسع باتجاه شرق الأردن بشكل استفزازي".
ويستشهد الكتوت بخرق إسرائيل للاتفاقية في ما يتعلق بانتهاك المقدسات التي تخضع للسيادة الأردنية، ويقول لـ"عربي21": "نرى اليوم انتهاك المقدسات والأقصى، ولا نستطيع أن نضع حدا لمثل هذه الخروقات".
موقف تاريخي
بدوره، يصف الصحفي المتخصص بالشأن النيابي، مصطفى الريالات، فتح مجلس النواب للاتفاقيات مع إسرائيل بـ"التاريخي"، ويقول لـ عربي21" إن "قرار مجلس النواب غير مسبوق، وتبدو الإرادة النيابية متوفرة لمناقشة هذا الأمر، بدليل أن اللجنة القانونية ستجتمع الاثنين لمناقشة ذلك، ورصد التجاوزات والاختراقات والانتهاكات لتلك الاتفاقيات، والكشف عن اتفاقية الغاز، التي ما زالت في أدراج اللجنة القانونية لأكثر من عام، ولم تتم إماطة اللثام عنها".
ويؤكد ريالات أن "مناقشة المجلس للاتفاقيات وحدها خطوة إيجابية. وحسب النظام الداخلي للمجلس، ستقوم اللجنة القانونية بعد انتهاء عملها برفع تقريرها للنواب من خلال إدراجه على جدول الأعمال؛ لمناقشته واستخراج ما يلزم من إجراءات، ويملك النواب أدوات دستورية وسياسية في هذا الخصوص، لكن في حال تم تلكؤ اللجنة للحظة، فسيكون مصير هذا العمل في الأدراج".
ولا يعتقد ريالات أن السلطة التنفيذية تدخلت في الطلب من النواب مناقشة تلك الاتفاقيات، مبينا أن "النواب التقطوا اللحظة والتوافق الشعبي والرسمي فيما يخص قضية عروبية مثل القدس، إلى جانب أن هنالك انتهاكات عديدة ارتكبتها إسرائيل بحق الاتفاقيات، كان آخرها حادثة السفارة في عمان ومقتل مواطنين أردنيين على يد رجل أمن إسرائيلي".
مذكرة نيابية
وكانت كتلة الإصلاح النيابية (إسلاميون) تقدمت بمذكرة نيابية لإلغاء معاهدة وادي عربة، وذلك قبل قرار ترامب الأخير بشأن القدس، واكتسبت المذكرة زخما بعد قرار ترامب والموقف الأردني الرسمي إزاءه.
ويتوازى الموقف الرسمي الأردني مع الموقف النيابي والشعبي بضرورة إعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل التي اخترقت اتفاقياتها مع المملكة من جهة، وبضرورة خلق تحالفات أردنية جديدة في المنطقة لمواجهة الانحياز الأمريكي لليمين في إسرائيل، إلا أن أردنيين يتخوفون من أن يكون هذا الانسجام بالموقف الرسمي والشعبي "فزعة مؤقتة" تنتهي في حال انتهاء الأسباب الموجبة لها.
فهل ستمضي المملكة في حلف جديد في عام 2018 لمواجهة التحديات الإسرائيلية؟