في امتحان "التوجيهي" والعملية التربوية
بعد كل دورة من دورات امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، يعود الجدل حول طبيعة هذا الامتحان، ومخرجاته ونتائجه، الأمر الذي يجدد المطالبات بإعادة النظر فيه، وفي مجمل العملية التربوية.
الكاتب عصام قضماني، يرى أن هناك مشكلة لا تزال تلاحق الامتحان، لافتا إلى أن الانتقادات هذه المرة لم تأت من أهالي من أخفقوا في تجاوزه، بل من جانب عريض من أسر الناجحين وخبراء ومراقبين، والقبول الجامعي المنصة الأهم.
ويؤكد قضماني أن وزارة التربية والتعليم، نجحت للسنة الثانية على التوالي، في رفع درجة الانضباط في الامتحان، فلا غش ولا تسرب للأسئلة ولا شغب أو تجاوزات تذكر.
و"يأتي ذلك كله في ظل تصاعد الدعوات لإلغاء الإمتحان الذي سيعود ليعقد عن سنة كاملة بإلغاء نظام الفصلين واستبعاد تخصصات وإحلال أخرى , وكل ذلك لا يزال يأتي في سياق التجريب".
ويوضح الكاتب بأن "الخلل لا يبدأ مع امتحانات الثانوية العامة بل منذ الصفوف الأولى، وأن الخلل في التعليم العالي ليس منقطعا بل هو مرتبط بتشوهات التعليم العام"، متسائلا "ماذا فعلت وزارة التربية والتعليم للإصلاح غير إلغاء تخصصات فرعية وإبقاء أخرى بينما لا تزال القنبلة الموقوتة مخبأة وأشد علاماتها خطورة هي القذف بأعداد هائلة إلى سوق لا يلبي طلبات العمل".
أما الكاتب خيري منصور، فيشير إلى أن تحول الثانوية العامة إلى "رياح موسمية سامّة"، يفتضح ثقافة قائمة على الترويع والإفراط في الحذر الذي يفضي بالضرورة الى تعثّر.
ويشدد منصور على ضرورة إيجاد "أمصال تربوية" مدروسة جيدا ولها خبراء سايكولوجيا الطفل، بحيث لا يصل الخوف من الفشل حد الشّلل، ولا يتوهم شاب دون العشرين من عمره أن امتحانا كالثانوية العامة هو فرصته الأخيرة في العُمر !!
ورغم إشارة الكاتب سائد كراجة، إلى ارتفاع نسب الرسوب بالامتحان الأخير، إلى أنه يلفت في ذات الوقت إلى ما أظهره وزير التربية والتعليم من "شجاعة" في إظهار حقيقة هذا الامتحان، إذ أوقف عمليات "تكحيل" نتائج "التوجيهي" التي كانت تمارسها الوزارة لسنوات طوال، كما "انتصر" الوزير، وبقوة السيف، في "غزوة" الحد من الغش في الامتحان.
ويضيف كراجة بان هذا الامتحان رشح هذه السنة 27 ألف طالب للجامعات الحكومية، وهؤلاء الطلبة أنفسهم "ذوو المهارات الضعيفة"، سينخرطون في برامج شهادة جامعية "منزوعة الكفاءات".
ويخلص الكاتب إلى القول إنه لم يعد كافياً توصيف فشل هذا الامتحان، ولم تعد كافية شجاعة إظهاره على حقيقته، وصار لازماً اتخاذ إجراءات ثورية لوقف هذه المأساة الوطنية، ومراجعة النظام التعليمي ببرنامج تصحيح تربوي شامل؛ ليس للتوجيهي فقط، بل يبدأ تطبيقه على الصفوف الأولى من الروضة.
كما يرى الكاتب جمال الشواهين، أن وزير التربية يعيش حالة انتصار بعد إعلان نتائج التوجيهي، والظن أنه يحتفل بهزيمة فريق الطلبة بعد أن رسب منهم أكثر من تلثيهم وأطاح بعلامات الثلث من الناجحين إلى الحضيض، بعد أن تفاخر بقلة المعدلات العالية.
ويضيف الشواهين أن الوزير عندما يحدد سلفا سلفا نسب النجاح ومستوى المعدلات فإنه بذلك يكون خاض معركة غير متكافئة ومعروفة النتائج أيضا.
ويلفت الكاتب إلى أن الوزير هزم الطلبة وذويهم، وهو لم يعد هيبة التوجيهي كما يروج له إلا لجهة تقليل الغش والمخالفات فقط، وعدا ذلك لم يضف جديدا ولم يتقدم مجرد خطوة في تطوير الامتحان ليكون بالمستويات العالمية.
ويختم الشواهين مقاله بالقول إن الأردن يخسر أجياله القادمة دون إدراك من أي مسؤول أن كل الخريجيين من الثانوية العامة هم في الواقع بسن العمل، غير أن منهم من ينهي المرحلة راسبا أو ناجحا وهو لا يعرف كيف يدق مسمارا أو أن يمارس أي عمل.