غياب تفعيل القوانين يعطل نصف المجتمع عن العمل

غياب تفعيل القوانين يعطل نصف المجتمع عن العمل
الرابط المختصر

 

منذ حصول هناء على شهادة الماجستير في العلوم السياسية قبل 13 عاما، وهي في محاولات جاهدة للحصول على وظيفة، إلا أنها باءت جميعها بالفشل.

 

ففي كل مرة تحصل هناء على وظيفة، تواجه فيها التمييز والاستغلال وعدم المساواة، ما يدفعها الى خسارتها لتبدأ رحلة جديدة في البحث عن وظيفة أخرى.

 

مؤشر الفجوة الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي نهاية كل عام، يظهر على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، تراجع المملكة من حيث المساواة بين الجنسين، نظرا لعدم تمكنه من سد الفجوات بينهما في مختلف المجالات.

 

احتل الأردن في مؤشر العام الجاري المرتبة الـ104 دوليا و14 إقليميا، من حيث المساواة بين الجنسين، فيما كانت تحتل المركز 134 ( من بين 142)،العام الماضي متراجعة عن العام 2013 حيث كانت تحتل المركز 119 (ما بين 134 دولة).

 

يُرجع المؤشر ذلك إلى تراجع الأردن في مؤشرّي الفرص والمشاركة الاقتصادية، والتمكين السياسي، الأمر الذي تؤكده أرقام دائرة الإحصاءات العامة، والتي تظهر تراجعا بمعدل مشاركة المرأة اقتصاديا خلال الربع الأول من العام الحالي بما نسبته 12.5%.

 

هذا التراجع خيب آمال نشطاء في حقوق المرأة، لما له من دلالة على التدني الكبير لمستوى مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية.

 

تصف العين والناشطة اميلي نفاع هذه المؤشرات بالسلبية والمحبطة، لافتة إلى أن الجهود لتمكين المرأة التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، لم تصل إلى المستوى المطلوب في ضوء هذا التراجع.

 

"إلا أن ذلك، لا ينفي ما تقدمه العديد من الجهات الداعمة لحقوق المرأة، والتي تحتاج إلى توحيدها وتماسكها، والتركيز على المناطق النائية والقرى ومخيمات اللجوء"، تقول نفاع.

 

يشير تقرير وزارة العمل السنوي عن العام 2014 إلى تدني مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي، حيث أن87.4% من إجمالي النساء ضمن سن العمل يعتبرن غير ناشيطات اقتصاديا.

 

"فجوة النوع الاجتماعي (الفجوة الجندرية) للمشاركة الاقتصادية، بلغت47.1% لصالح الرجل، وفق دراسة العمل.

 

لا تفعيل لقوانين أو حماية

عضو مجلس الأعيان، المحامية أسمى خضر، ترى أن توفير الحماية الاجتماعية لعمل المرأة لا يزال بعيد المنال، في ظل وجود قوانين "غير منصفة" لها،  كقوانين العمل والعقوبات والأحوال الشخصية.

 

تشير خضر إلى حاجة الدولة لوضع سياسات وقوانين غير متناقضة ومتكاملة، وفق منظومة  منسجمة مع حقوق الإنسان، وضرورة توفير العدالة والمساواة، دون الاكتفاء برفع شعارات لا تترجم على أرض الواقع.

 

في دراسة وزارة العمل عن واقع سوق العمل الأردني لسنة 2014 الاخير، تضمن أظهر ما وصفه محاولات الوزارة على تفعيل مواد قانون العمل ومنها المادة 72 التي تنص على إنشاء حضانات لأطفال العاملات في القطاع الخاص، وتنفيذ مبادرة الإنصاف بالأجور بالتعاون مع منظمة العمل الدولية.

 

تؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة المحامية هالة عاهد، على أن تجاوز المرأة لكافة أشكال العنف والتمييز بحقها، لا يمكن أن يتم إلا من خلال تمكينها اقتصاديا، "تراجع مشاركة المرأة اقتصاديا يدلل على أن النظرة تجاه المرأة كمجرد مساندة للرجل وليست أساسا في التنمية، لا تزال قائمة".

 

وتضيف عاهد أن هناك عوامل عديدة تؤثر على انخراط المرأة في سوق العمل كحصولها على رواتب متدنية، تقل أحيانا عن الحد الأدنى للأجور، مرجعة هذه الإشكالية إلى وجود اختلالات تشريعية تتيح لأصحاب العمل تجاوز القانون بحق العاملات.

 

"غياب الوعي لدى المرأة، وعدم معرفتها بالقوانين التي قد تحميها وتحقق لها العدالة، يعرضها للانتهاكات وعدم الإنصاف من أصحاب العمل، الأمر الذي يخلق بئة طاردة للمرأة في سوق العمل"، بحسب عاهد.

 

وتشير إلى أن القضايا العمالية الخاصة بالمرأة تأخذ وقتا طويلا لدى المحاكم، مؤكدة على أهمية امتلاك المرأة للجرأة بالتقدم بالشكوى، ومتابعتها حتى تحصيل حقوقها.

 

لا تمييز بالقانون

مديرة مديرية عمل المرأة في الوزارة العمل ليلى الشوبكي، تؤكد من جانبها، أن قانون العمل المعمول به حاليا لا يميز بين المرأة والرجل في الحقوق، ويضمن حقوق العاملين على اختلاف جنسهم.

j

تقوم وزارة العمال حاليا على وضع آلية يتم من خلالها التعاون مع الشركاء المعنين للنهوض بعمل المرأة، وذلك من خلال إنشاء قسم خاص معني بشكاوي المرأة العاملة، لمعالجة ما يتعرضن له من انتهاكات.

الشوبكي تأمل بأن تكون الخطوة فرصة للعاملات لكي يبلغن عن أي شكوى قد يتعرضن لها.

 عقاب تعترض المرأة في العمل

ترى الأمين العام للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس، أن هناك العديد من العقبات التي تضعف مشاركة المرأة الاقتصادية، من أبرزها الأحداث والمتغيرات السياسية في المنطقة، والتي انعكست على الواقع الاقتصادي في المملكة، وقللت من خلق فرص العمل إجمالا، وللإناث على وجه الخصوص.

m

وتعرض النمس المزيد من التحديات المعيقة لعمل المرأة، منها عدم مواءمة مخرجات النظام التعليمي ومتطلبات سوق العمل، وعدم توفر المواصلات أحيانا، وتدني الأجور، إضافة إلى عدم وجود حضانات في بعض أماكن العمل لرعاية أبناء العاملات خلال ساعات العمل.

المطلوب دراسة

تنادي المنظمات النسائية التي تعمل على تمكين المرأة، بضرورة إجراء دراسة توضح مدى جدوى مشاركة المرأة في سوق العمل وانعكاسها على الدخل القومي، ومساهمتها بانخفاض معدلات الفقر.

على الحكومة أن تتصدى بمنهج شمولي للارتقاء بواقع المرأة وتعزيز مشاركتها في سوق العمل، لينعكس ذلك على الاقتصاد الوطني، هذا ما تراه المحامية هالة عاهد.

تؤكد سلمى النمس على أهمية تحفيز القطاع الخاص لخلق فرص عمل، وتوفير بيئة ملائمة للمرأة، لما له من إيجابيات اقتصادية تنعكس على المجتمع.

 

رغم ما تشير إليه الأرقام من تراجع في دور المرأة الاقتصادي، إلا أن العديد من السيدات في المملكة، تمكن من الوصول إلى مناصب بارزة، متحديات كافة العقبات للمشاركة بتنمية المجتمع، وذلك لإيمانهن بأن المجتمع لن يتقدم دون تقدم المرأة.

 

كانت معدة التقرير انتجت سابقا قصتين حول واقع المرأة في العمل ضمن مشروع "صحفيون من أجل حقوق الإنسان"، الأول والقصة الثانية.

 

 

*التقرير بدعم من منظمة صحفيون من اجل حقوق الإنسان الكندية

أضف تعليقك