عمالة الأطفال... فقرٌ يرفع معدلاتها والإحصاءات في غياب

عمالة الأطفال... فقرٌ يرفع معدلاتها والإحصاءات في غياب
الرابط المختصر

دفع تدهور الوضع الاقتصادي لعائلة الطفل محمد، ليكون واحدا من بين آلاف الأطفال، الذين تجاوزوا نعومة أظفارهم لينخرطوا باكرا في سوق العمل.

 

فلم يكن أمام محمد الذي لم يكد يبلغ الـ15 من عمره، إلا أن يعمل في أحد محلات بيع القهوة، براتب لا يتجاوز الـ150 دينارا، ليساهم بتوفير مستلزمات واحتياجات أسرته الأساسية.

 

"أشعر بأن اليوم وكأنه يومان"، هكذا يصف محمد حال جسده الصغير حين يتملكه التعب والإرهاق خلال ساعات العمل الطويلة والتي تتجاوز الحد القانوني.

 

ويعود ابن الصف التاسع الأساسي، بحديثه عن تشجيع والدته له للعمل كي يساندها في مصروف المنزل، وتوفير القسط الدراسي لشقيقته، الأمر الذي يحول دون تركه للعمل.

 

ولم تواكب زيادة ظاهرة عمالة الأطفال، بإحصاءات دورية لقياس حجم هذه الظاهرة، حيث تعود آخر الإحصاءات إلى عام 2007، والتي أظهرت أن عدد الأطفال المنخرطين بالعمل بلغ 33 ألف طفل.

 

فيما أعلنت وزارة العمل عن بدء إجراء دراسة مسحية وطنية شاملة لعمل الأطفال بهدف توفير إحصاءات وبيانات حديثة وشاملة وموثوقة، على أن يتم الإعلان عنها في شهر حزيران المقبل.

 

ويرجع مدير مديرية التفتيش في الوزارة أيمن الخوالدة، أسباب عدم صدور دراسات حديثة، لعدم إجراء الوزارة دراسة شاملة ومسح لكافة القطاعات، مكتفية بإجراء دراسات جزئية على عينة من القطاعات.

 

الفقر يشد الأطفال لسوق العمل

يؤكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، أن اتساع رقعة الفقر من أبرز أسباب ارتفاع نسبة عمالة الأطفال.

 

ويشيرعوض إلى أن انخفاض معدلات الدخول لدى بعض الأسر، يساهم بدفع الأهالي لأبنائهم إلى سوق العمل، باعتقادهم أن ذلك قد ينشلهم من حالة العوز.

 

كما ترى المنسق الوطني لمشروع نحو "أردن خال من عمل الأطفال" نهاية دبدوب، أن تراجع الظروف الاقتصادية والاجتماعية لعبت دورا هاما بازدياد هذه الظاهرة، "التي تفاقمت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة".

 

ويلفت عوض إلى أن تدفق اللجوء السوري أدى إلى انتشار عمالة الأطفال، "نتيجة تخلي بعض المنظمات المعنية بدعمهم وتوفير متطلباتهم الأساسية"، على حد تعبيره.

 

وتظهر إحصاءات أولية أجرتها منظمة العمل الدولية، أن ما يقارب 30 ألف طفل من اللاجئين السوريين دخلوا سوق العمل، إلى جانب عمالة الأطفال الأردنيين.

 

ويتوقع أيمن الخوالدة بأن يفوق عدد عمالة الأطفال إلى 66 ألف طفل، نتيجة انخراط عمالة الأطفال السوريين.

 

ويشير الخوالدة إلى تنفيذ الوزارة لـ1800 زيارة تفتيشية على أصحاب العمل خلال العام الماضي، وضبط ما يقارب 1316 حالة، منها 900 طفل عامل أردني، و420 طفل عامل سوري معظمهم من الإناث.

 

وتوضح الدراسات أن 41 % من الأطفال يعملون بمهنة "المكانيك"، و27 % في قطاع  المطاعم وبيع القهوة على الطرق.

 

قوانين غائبة عن التطبيق

وتتنامى عمالة الأطفال رغم التشريعات التي تمنع تشغيلهم، بحسب عوض، الذي يؤكد عدم العمل بتلك التشريعات على أرض الواقع، إضافة إلى سوء تطبيق السياسات الاقتصادية والتنموية التي لا تأخذ بعين الاعتبار الابعاد الاجتماعية بما يساهم بتجاوز هذه الظاهرة.

 

وينص قانون العمل، في المادة 73، على حظر تشغيل الأطفال ممن لم يكملوا الـ16 من عمرهم، وعدم تشغيل الأطفال ما بين الـ16 - 18 عاما في الأعمال الخطرة.

 

تجاوز عمالة الأطفال.. بين تحسين الظروف وتفعيل القوانين

يقترح أحمد عوض تغيير الواقع المعيشي وتحسين ظروف الحياة الاقتصادية، يشكل أساسا للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، لتصبح ضمن المعايير المقبولة عالميا.

 

وبحسب الخوالدة، فإن الوزارة تعمل على إيقاع العقوبات بحق أصحاب العمل المخالفين بتشغيل الأطفال، تتراوح قيمتها من 500 إلى 1000 دينار عن كل شهر تشغيل للعامل.

 

كما أن لدى الوزارة مركز الدعم الاجتماعي والذي يعمل على إيجاد حلول جذرية للقضاء على عمالة الأطفال، وذلك من خلال تأهيلهم وإعادتهم إلى مقاعد الدراسة.

 

وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يصادف يوم الجمعة،  تطلق وزارة العمل رسميا موقعا حكوميا جديدا خاصا بعمل الأطفال لمعالجة هذه الظاهرة.

أضف تعليقك