طلبة جامعيون في الزرقاء بين مقاعد الدراسة وسوق العمل
تدفع الحاجة، وأحيانا الرغبة في الاستقلال والاعتماد على النفس، طلبة جامعات وكليات في الزرقاء إلى خوض تجربة العمل وهم على مقاعد الدراسة، والتي قد يتعرضون خلالها إلى الاستغلال وانتقاص حقوقهم من قبل بعض أرباب العمل.
وتفضل كثير من المطاعم والمولات وكذلك بعض الشركات توظيف الطلبة، نظرا لتدني المرتبات التي يتقاضونها، ولأنهم لا يرتبون عليها التزامات قانونية مكلفة نسبيا، مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها.
على أن مثل هذه الميزات الوظيفية لا تشغل كثيرا بال الطلبة عند البحث عن العمل، حيث يكون همهم منصبا على توفير مبلغ إضافي يساهم في نفقاتهم الدراسية ويخفف العبء عن الأهل.
ومن هؤلاء، أحمد الهندي وهو طالب سنة رابعة في تخصص المحاسبة وقانون الأعمال في جامعة آل البيت، والذي تقلب في عدة مهن منذ دخوله الجامعة، ومن بينها عامل في محطة وقود وموظف في مصنع للصلب، وأخيرا باحث لدى مؤسسات ومراكز للدراسات.
وقال الهندي الذي يدرس ضمن البرنامج الموازي المكلف ماليا، ويتقاضى من عمله الحالي راتبا قدره 250 دينارا، أن لجوءه إلى العمل لم يكن لحاجته إلى المال، بحكم أنه من أسرة ميسورة، وإنما رغبة في الاستقلال بشخصيته واكتساب الخبرة.
كما لا يخفي أن أحد دوافعه للعمل كان أيضا شعوره بالحرج من طلب مصروفه من والديه، وهو شاب تجاوز العشرين من العمر، مؤكدا أنه كان يجد في ذلك انتقاصا من خصوصيته واحترامه لنفسه، على حد تعبيره.
ويقر الهندي بأن المزاوجة بين العمل والدراسة ليس بالأمر الهين، وأن كلا منهما يؤثر على الآخر، لكنه يرى أن المحصلة النهائية تستحق العناء.
ومن جانبه أيضا، يؤكد أحمد خاطر، وهو طالب في سنته الثانية ضمن برنامج الدراسة المسائي في جامعة الزرقاء، أن هناك آثارا سلبية وأخرى إيجابية للجمع ما بين العمل والدراسة.
غير أن خاطر الذي يدرس نظم المعلومات الإدارية يرى أن الطالب الذي لديه العزيمة يمكنه التغلب على السلبيات المتمثلة في زيادة الأعباء والضغوط، وتعظيم الايجابيات ومنها تعزيز الثقة بالنفس واكتساب الخبرة.
وقال أنه شارك بداية الأمر في دورات لتعلم مهن يدوية وأصبح بعدها يعمل في ورشات الحدادة والطلاء والبلاط والتمديدات الصحية، كما عمل في شركة توزيع لمواد غذائية.
وحث خاطر زملاءه الطلبة في الكليات والجامعات على الانخراط في تجربة العمل، مؤكدا أنها تسهم في صقل شخصياتهم، فضلا عن مردودها المالي الذي من شأنه تحسين الظروف المعيشية ومساعدة الأهل.
ذات الأمر أشار إليه هشام الزبن، وهو طالب سنة ثانية في تخصص هندسة ميكاترونيكس في كلية الهندسة التكنولوجية (البوليتكنيك)، ويعمل موظف أمن وحماية في شركة للمقاولات براتب 250 دينارا شهريا.
وقال الزبن أن عمله أثناء الدراسة حقق له رغبته في الاستقلال بشخصيته، مضيفا إلى أنه كان يواظب على العمل وهو في المدرسة أيضا.
ورأى أن الطالب يمكنه التوفيق بين الدراسة والعمل عبر تنظيم أوقاته، حيث أن حياته فيها الكثير من وقت الفراغ الذي يمكن استثماره بصورة منتجة من خلال الانخراط في سوق العمل.
وأكد الزبن أن "فرص العمل متاحة وبكثرة في الزرقاء وخارجها، وهناك العديد من الشركات توظف طلاب جامعات بدوام جزئي، وأنا أنصح أي طالب جامعة ان يخوض هذه التجربة".
ولا يقتصر عمل طلاب على الذكور إذ تنخرط الإناث فيه أيضا، ومن هؤلاء إسراء فاروق التي تخرجت حديثا من كلية المجتمع الإسلامي، وعملت أثناء الدراسة سكرتيرة في شركة خاصة بهدف توفير نفقات تعليمها وتخفيف العبء عن الأهل.
وتقول إسراء إن التجربة كانت صعبة من حيث أنها لم تترك لها مجالا لتعيش حياتها مثل بقية زميلاتها ممن لديهن أوقات فراغ، كما أن المردود المالي لم يكن مجزيا كثيرا، ولكنه في كل الأحوال ساهم في سداد جزء من احتياجاتها الدراسية.
وعلى صعيدها، تؤكد المفتشة في مديرية عمل الزرقاء لبيبة أبو جادو، أن بعض الطلبة يتعرضون للاستغلال من قبل أصحاب عمل ينتقصون من حقوقهم التي يكفلها القانون.
وقالت "مع الأسف يستغل بعض أصحاب العمل حاجة الطلاب للعمل وتوفير مصاريفهم، فينظرون إليهم باعتبارهم بلا حماية قانونية، ويعتقدون أن تشغليهم للطلبة في وظائف بدوام جزئي لا يرتب عليهم أية التزامات".
وأكدت أبو جادو أن الطالب الذي يعمل له حقوق كأي عامل آخر، وهي منصوص عليها في قانون العمل، سواء من حيث الحد الأدنى للأجور والعطل والإجازات وبدلات العمل الإضافي وغيرها.
وأشارت إلى أن القانون راعى مسألة العمل الجزئي كذلك، حيث يجري احتساب ساعات عمل الطلب وفق معادلة تستند إلى قسمة الحد الأدنى للأجور، والبالغ 190 دينارا شهريا، على ساعات العمل، وهي بواقع ثماني ساعات يوميا.
ودعت أبو جادو الطلبة الذين لديهم أية شكاوى تتعلق بالعمل إلى الاتصال مع مديرية عمل الزرقاء على هواتف الخط الساخن: 0796580666 – 0777580666 – 0785602666.