ضبابية تخفي أسباب الجريمة العائلية لغياب الدراسات

ضبابية تخفي أسباب الجريمة العائلية لغياب الدراسات
الرابط المختصر

تفتقر المملكة لدراسات إحصائية أو تحليلية للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء جرائم القتل العائلية، التي باتت منتشرة خلال السنوات الأخيرة، ما يؤدي إلى دفع العديد لاطلاق احكام مسبقة تخلو من الدقة.

 

ويرجع استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤته الدكتور حسين محادين، ذلك النقص بمثل هذه الدراسات، إلى ما تتطلبه من كلف مادية، وعدم توفر المأسسية الحقيقية لإجرائها، إضافة إلى خلو الممكلة من مراكز دراسات متخصصة.

 

"فصانع القرار والرأي العام، ينفعل لحظة وقوع هذه الجرائم وفقا لمدى تأثيرها ووقعها، ومن ثم يهدأ حتى تتكرر تلك الجرائم مجددا"، وفق محادين.

 

من جانبه، يوضح المختص في دراسات شؤون الفقر محمد الجرابيع، أن الممكلة تعاني من قلة الدراسات المتخصصة في كافة المجالات، الأمر الذي ينعكس على القرارات التي يتم اتخاذه، باعتبارها مبنية على معلومات غير دقيقة.

 

ويلفت الجرابيع إلى غياب الثقة بالبحث العلمي، والقدرة على إصدار دراسات بطريقة علمية، نتيجة التعامل مع تلك القضايا وحصرها على الجانب الأمني والإخباري.

 

ويعتبر أن عدم توفر الدراسات الدقيقة يساهم بفشل كافة المخططات والبرامج التي تسعى لمعالجة القضايا، ما يعيق سيرها بالاتجاه الصحيح.

 

دوافع مبنية على أحكام مسبقة:

 

يستبعد خبراء اجتماعيون أن تكون الدوافع الرئيسية لارتكاب الجرائم العائلية مقتصرة على جوانب الفقر والبطالة أو الاضطرابات النفسية، باعتبار تلك التفسيرات مجرد أحكام مسبقة، نتيجة لعدم توفر الدراسات المتخصصة لتوضيح أسبابها.

 

ويوضح الجرابيع أن المشكلة الحقيقية لدى المجتمع هي إطلاق هذه الأحكام المسبقة والانطباعات المتسرعة والتي تصبح مع مرور الوقت أقرب إلى اليقين.

 

وتؤكد المستشارة القانونية في جمعية معهد تضامن المحامية انعام العشا، أن ربط تلك الجرائم بالاضطرابات النفسية أو تعاطي المخدرات إضافة إلى العوامل الاقتصادية، أصبح الطريق الأسهل مجتمعيا، لتفسير دوافعها.

 

ويرجح الجرابيع، أن تكون هناك عوامل عديدة غير تلك المنتشرة في المجتمع وراء هذه الجرائم، مشيرا إلى أن غياب الدراسات ساهم بتشكل هذه التصورات.

 

قصور بالتناول الإعلامي:

 

تكتفي وسائل الإعلام المختلفة عند تغطية أخبار هذه الجرائم العائلية، بنشر الخبر السريع عن أحداثها دون ربطها بالتحليل والدراسات العلمية، ما من شأنه تأجيج المخاوف لدى المتقلي وانتسار الشائعات دون معالجة.

 

ويشير الجرابيع إلى أن بعض وسائل الإعلام تتناول هذا النوع من الجرائم كنوع من الإثارة، دون الارتكاز على معلومات دقيقة، والتأكد من صحة ما يتم تداوله، بما يقدم الفائدة والمعلومة للمتلقي، وما يخدم صانع القرار باتخاذ الإجراءات اللازمة.

 

ولا يختلف الحال فيما يتم تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب الجرابيع، والتي لا تعد مصدرا موثوقا وذي مصداقية لتناقل الأخبار السريعة دون تدقيق، إضافة إلى ما تحمله هذه المواقع من تعليقات لا تستند إلى المعلومة الصحيحة حول تفاصيل الحادثة.

 

"ويؤدي اقتصار وسائل الإعلام على نشر أخبار الجرائم دون التفاصيل المدعمة بالتحليل العلمي الدقيق، إلى إثارة البلبة والمخاوف لدى البعض دون معالجة للقضية"، تقول العشا.

ويرى الدكتور حسين محادين أن غياب المصدر الموثوق بتغطية تلك الأخبار، يخلق نوعا من التهويل وانتشار الشائعات، إضافة إلى عدم إيصال الرسالة المرجوة من الإعلام المتمثلة بتبديد المخاوف لدى الجمهور.

 

عوائق أمام إجراء الدراسات:

 

ومن أبرز المعيقات التي تحد من إجراء الدراسات العلمية الدقيقة لتشخيص أسباب الجرائم العائلية، بحسب الجرابيع، عدم الإيمان بالبحث العلمي، وعدم القدرة على الوصول إلى المعلومات الدقيقة "لعدم تعاون الجهات ذات العلاقة"، على حد تعبيره.

 

كما أن المجتمع يساهم بتعطيل تلك الدراسات لعدم تعاطيه مع الباحث العلمي في الميدان بصورة جدية، وهو ما يظهر من عدم مصداقيته بتعبئة الاستبيانات البحثية، ما يؤدي إلى خروج الدراسة بشكل غير دقيق.

 

فيما يؤكد محادين أن المطلوب هو العمل المختبري والتشريح الدقيق لخصائص النفس المجتمعية لمرتكبي هذه الجرائم وبيئته ومراحل حياته، إضافة إلى الجريمة ذاتها والتي لا ترتكب بشكل مفاجيء.

 

هذا ويطالب الخبراء الجهات التنفيذية بإصدار قرار بدعم البحث العلمي للخروج بأرقام وإحصاءات دقيقة، لبناء استراتيجيات وطنية تعالج تلك الظاهرة وتخدم المجتمع .

 

وشهد الشارع الأردني مؤخرا عددا من الجرائم العائلية، والتي كان آخرها، مقتل شاب على يد شقيقه، وإقدام ثلاثيني على قتل زوجته وطفلتيه.

هذا التقرير أعد ضمن مشروع انسان

أضف تعليقك