صراع "التربية" والمدارس الخاصة .. التنظيم والقوانين في وجه المال

صراع "التربية" والمدارس الخاصة .. التنظيم والقوانين في وجه المال
الرابط المختصر

جدل التعليمات وشريعتها

أثارت دعوة نقابة أصحاب المدارس الخاصة، وزير التربية والتعليم  ودفعته لإعادة النظر في التعليمات التي وجهتها الوزارة للمدارس الخاصة.

القضية المتجددة تصاعدت وتيرة أحداثها بالتراشق الإعلامي بين طرفي الحربة؛ "الوزارة والنقابة" بدأً بتلويح نقابة أصحاب المدارس الخاصة بإيقاف تجديد تراخيصها، ووقف علاقتها وتعاملها مع الوزارة إلى اشعار آخر.

وتعترض النقابة على مطالبة الوزارة للمدارس الخاصة "بالالتزام بمجموعة من التعليمات التي تتعلق بالحصول على الترخيص اللازم وإذن الاشغال، والإلتزام بسقف الطلبة المحدد لها، إضافة إلى إعفاء المعلمة التي تدرّس طوال اليوم من مرافقة الجولات، كما تشترط التعليمات عدم وجود أي معوقات في الساحات المدرسية تؤثر على حياة الطلبة، ومنع الساحات الموجودة على اسطح المدارس".

فيما يؤكد مدير ادارة التعليم الخاص فريد الخطيب، أن وزارة التربية، وإدارة التعليم الخاص، لم تقدما أي تعليمات، أو قرارات تعجيزية جديدة لتنظيم المدارس الخاصة، وأن التعليمات قديمة، وتم تفعيلها من جديد، ونشرها. مؤكداً أنه لم يتم استحداث أي قرار جديد، أو أنظمة وتعليمات مستحدثة. حيث صدرت التعليمات عن الوزارة عام 1960.

مشددا القول: "التعليمات ستطبق على كافة المدارس الخاصة دون استثناء، ولا أحد فوق القانون ومن يهدد بمقاطعة التربية، سنواجهه بالقانون".

ويعلّق الكاتب الصحفي في جريدة الغد الدكتور محمد أبو رمان، في مقاله بتاريخ 9 / 6 / 2014 على الإشكالية بقوله "ما يزعج النقابة، فعلياً، هو أنّ هذه المدارس كانت تتمتع خلال الأعوام الماضية بنوع من الحصانة، من المساءلة والرقابة الحقيقية؛ فتتجاوز، في غالبتها العظمى على الأقل، التعليمات والأنظمة، وتقوم برفع الرسوم، وتحديد رواتب المعلمين، كما تتجاوز شروط السلامة العامة، بلا حسيب أو رقيب".

ولا يجد أبو رمان في تعليمات الوزارة، ما يزعج أصحاب المدارس الخاصة، ممن يسيرون على الطريق القويمة، ويدركون بأنّ هذا المجال ليس ربحياً فقط؛ فالتعليمات وضعت لحماية الجميع، حتى لا تتكرر الحوادث المؤسفة.

ويقول المواطن أبو ياسر الزعبي: "مسؤولي الوزارة صحيوا بعد وفاة الطفلة سيلين وآخرين ودهس طفل، ونحن كاولياء أمور نطالب بمراقبة حقيقية على المدارس الخاصة".

وتقول النقابة، أن المؤسسات التعليمية الخاصة مرخصة منذ عشرات السنين بموجب انظمة وقوانين رسمية، في وقت ما يزال 50 بالمئة من مباني المدارس الخاصة مستأجرا، وعلى خلاف، وصفته بالمستعصي، مع أصحاب تلك المباني بعد صدور قانون المالكين والمتسأجرين الأخير.

تعليمات وزارة التربية، والتعليم، والكشف الهندسي، والموافقات الخطية الصادرة عن الوزارة منذ عام 1960، "أجازت إعتماد الأسقف المظللة، والمرفوعة، على أعمدة الساحات المدرسية واعتبرتها جزءا من البنية التحتية للمدارس".

البعد الإقتصادي، أساس الإشكال

وترى نقابة أصحاب المدارس الخاصة "أن المدارس الخاصة مرتبطة اقتصاديا بحركة السوق المحلية؛ إرتفاعا، وانخفاضا. وأن مسألة تقدير الكلف والأعباء المالية المترتبة عليها، تعود للقائمين على تلك المدارس".

فيما ترى الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة "ذبحتونا" أن المدراس الخاصة "لا تنتظر الحجج لرفع الرسوم، فقد أصبح قرار رفع الرسوم أمر روتيني سنوي".

وكانت ذبحتونا قد رصدت قيام المدارس الخاصة برفع رسومها في عام 2008 ، تحت حجة ارتفاع أسعار المحروقات، وعندما انخفضت أسعار الحروقات في العام التالي، كان قرارها برفع الرسوم، وفي العام التالي قامت برفع الرسوم بحجة قرار وزارة الداخلية شطب الحافلات التي مضى عليها في العمل 20 عاماً، ورغم تراجع الداخلية عن قرار الشطب، أبقت المدارس الخاصة على قرارها برفع الرسوم، فيما قامت هذه المدارس برفع الرسوم للعام الدراسي الحالي دون أي سبب أو حجة  بالرغم من مناشدات الوزير السابق.

ويرى شرف أبو رمان أن نقابة أصحاب المدارس الخاصة لا تمثل إلا ثلث هذه المدارس، بالمقابل فإن هنالك ثلث "لا يمسه إلاّ المطهرون" ويمنع الاقتراب منه، وقاموا برفع الأسعار مرارا وتكرارا دون رقيب أو حسيب مما دفع الأهالي إلى محاولة ثني الإدارات عن قراراتها من خلال اعتصامات أمام المدارس، ولم تحرك الوزارة ساكنا.

"بينما هنالك ثلث آخر يقبع في القاع، ولا سيطرة للنقابة عليه، وهو ثلث قابع في القرى والمناطق النائية، تتراوح قيمة القسط فيه من 15 - 50  دينار للصفوف، ويتراوح راتب المعلم / ـة فيه من 50 - 150 دينار، دون أدنى حقوق وظيفية".

"رفع الرسوم المدرسية في المدارس الخاصة ضمن قواعد العرض والطلب والعقد الذي يحكم المتعاقدين مبرر"، كما يقول شرف أبو رمان. الذي يتساءل عمن يتحمل فرق الأسعار اليوم في ظل ارتفاع أسعار الوقود ورسوم الترخيص وأجور العاملين ورواتب المعلمين ؟

ويفترض أن عدد من المدراس سيغلق أبوابه بسبب التعليمات، متحسرا على ما سيؤل إليه العاملين بها، وطلابها بالتزامن مع ارتفاع الأصوات المعاكسة التي تنادي بتشجيع الإستثمار في قطاع التعليم.

نظام المدارس الخاصة .. يفرز الغث من السمين

وفي إصدار نظام المدارس الخاصة الذي تطالب به جهات عديدة منذ نيسان 2009 علاج لجميع الفجوات والثغرات التي تشهدها بعض المدارس الخاصة في المملكة، والذي لم يعالجها النظام التعليمي السابق، والمعمول به حاليا والصادرعام 1960.

فيما ترفض نقابة أصحاب المدارس الخاصة، منذ العام 2010 ، ما رشحت عنه مسودة لنظام التعليم الخاص، من تصنيف المدارس الخاصة.

ويقر نقيب أصحاب المدارس الخاصة، منذر الصوراني في حديثه لموقع عمان نت بتاريخ 20 / 9 / 2010 بأن تصنيف المدارس على أساس الخدمة التي تقدمها المدرسة، يستثنى حوالي 85 إلى 90 بالمئة من المدارس الخاصة، "لأنها لا تنطبق عليها المعاير ولا مبدأ الخدمة التي تقدمها للطالب".

فيما يذهب الكاتب محمد مثقال عصفور إلى أن النظام الجديد، يحمي جيوب أولياء الأمور بكونه "يمنع أن ﺗﻜﻮن اﻷﻗﺴﺎط اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ آﻓﺎق اﻻرﺗﻔﺎع دون ﺿﺎﺑﻂ، أو ﻣﺤﺪدات، أو ﺳﻘﻮف، أو ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻣﻨﻄﻘﯿﺔ، ﺗﺤﻔﻆ ﺣﻖ اﻟﺮﺑﺢ وﺣﻖ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ، ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺴﺠﻢ واﻷﻗﺴﺎط اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ".

ويتابع فيما نشرته صحيفة الرأي بتاريخ 7 / 10 / 2013 بأن "اﻟﻨﻈﺎم ﻟﯿﺲ ﺗﺪﺧﻼً ﻓﻲ إدارات اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ، ﺑﻞ ھﻮ إطﺎر ﻳﻀﻊ اﻟﻤﺤﺪدات واﻟﺜﻮاﺑﺖ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺰم اﻹدارات ﺑﻀﺮورة ﻣﺮاﻋﺎﺗها". اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻤﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨها.

مجمل القول، أن نقابة أصحاب المدارس الخاصة، ترفض قرار الوزارة و نظرتها الإقتصادية للقطاع، بينما كانت الوزارة في "حالة شلل" كامل في التعامل معها. لذلك، أصبحت هذه الحالة غير الصحية بمثابة "حقوق مكتسبة"، يريد الوزير الحالي انتزاعها من هذه المدارس.