"سماسرة التصاريح".. تجارة بحقوق العمالة الوافدة في القطاع الزراعي
يضطر الكثير من العمال الوافدين، للجوء إلى أساليب قد تكون مخالفة للقانون، في سبيل الوصول إلى باب رزق بالقطاع الزراعي في الأردن، ومنها قصد مكاتب العمل في بلدانهم، ليواجهوا من يعرفون بـ"سماسرة تصاريح العمل" بعد سفرهم.
تجارة تصاريح العمل في القطاع الزراعي، باتت مهنة العديد من المزراعين، حيث يبيعون تصاريح العمل للعمال الوافدين، ومنهم العامل سيد زهري، الذي اقترض مبلغ 500 دينار، لدفعها لأحد مكاتب العمل في بلده، والتي تتعامل مع "سماسرة تصاريح عمل" في الأردن.
يضيف زهري، أن العامل الوافد يدفع مبلغا مقابل استقدامه للعمل في القطاع الزراعي، والذي يعد الطريق شبه الوحيد باعتبار باقي القطاعات مغلقة أمامه، مشيرا إلى قيام بعض أصحاب العمل بالحجز على تصاريح العمل، وجوازات السفر، ودفع مبالغ أخرى، مقابل السماح لهم بالعمل في قطاعات أخرى.
وتشير تقديرات منظمات حقوقية، إلى أن "سماسرة تصاريح العمل"، يتقاضون من العمال الوافدين مبالغ مالية تتراوح ما بين 500 – 800 دينار عن كل تصريح.
مدير المرصد العمالي أحمد عوض، يؤكد أن عددا من أصحاب العمل يقومون بما بات يعرف بـ"تحرير" العامل إلى قطاعات أخرى، مقابل مبالغ من المال، والذي يعتبر نوعا من الاتجار بالبشر.
ويدرج قانون الاتجار بالبشر "استقطاب أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم"، ضمن هذه الجريمة.
وتحمل مديرة مركز "تمكين" للدعم والمساندة القانونية ليندا كلش، مسوؤلية وجود سماسرة لبيع تصاريح العمل، على عاتق وزارتي الزراعة والعمل، لأنهما الجهتان المسؤولتان عن تحديد احتياجات قطاع الزراعة من العمالة الوافدة.
فيما ينفي رئيس اتحاد المزراعين بوادي الأردن عدنان الخدام، انتشار ظاهرة "سماسرة التصاريح" في مناطق وادي الأردن، موضحا أنها تظهر في المناطق الشفا غورية.
ويرجع خدام وجود هذه الظاهرة إلى غياب التنظيم للعمالة الوافدة في تلك المناطق.
وتشير تقديرات وزارة العمل إلى وجود نحو 750 ألف عامل وافد منهم فقط 300 ألف حاصلون على تصاريح عمل، منها 100 ألف تصريح عمل زراعي، تسرب معظمهم من هذا القطاع الى السوق المحلي.
ويوضح الناطق الإعلامي باسم الوزارة محمد الخطيب، أن ما نسبته 80% من حملة هذه التصاريح يعتبرون مخالفين للقانون بعملهم في قطاعات أخرى مغلقة أمامهم.
ويلفت الخطيب إلى أن الحكومة قررت وقف استقدام العمالة الوافدة، وذلك لضبط و تنظيم وتقييم سوق العمل، ومنها القطاع الزراعي.
ويؤكد أن الوزارة أحالت أقل من 8 قضايا عمالية للمدعي العام، والتي أقرها المدعي العام شبهة بالاتجار بالبشر .
هذا وقد شكلت الحكومة مؤخرا لجنة برئاسة أمين عام وزارة العمل، لوضع دارسة ومراجعة للسياسات والبرامج بهدف حصر عدد العمالة الوافدة الحقيقيهذا .
إلا أن بيع التصاريح لا يعد الانتهاك الوحيد الذي تتعرض له العمالة الوافدة في القطاع الزراعي، بحسب كلش، والتي تؤكد حرمان الكثير منهم من حقوقهم العمالية، فضلا عن غياب رقابة وزارة العمل، على حد تعبيرها .
بدوره، يؤكد الخطيب اتخاذ الوزارة للإجراءات القانونية بحق أصحاب العمل المخالفين بعدم منح العمال لديهم حقوقهم القانونية.
هذا وكشفت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أن ما نسبته (8%) من إجمالي عدد تصاريح العمل الصادرة في سوق العمل الزراعي هي فقط ما يحتاجه القطاع، فيما تندرج ما نسبته (92%) من التصاريح الممنوحة لقطاع الزراعة في باب الفساد.