حوار مع الاردنية حكمت: اول عربية ترشح للبنك الدولي

حوار مع الاردنية حكمت: اول عربية ترشح للبنك الدولي
الرابط المختصر

مرشحة حالياً لعضوية البنك الدولي, وهي أول امرأة عربية مسلمة تم اختيارها لعضوية المحكمة الجنائية الدولية في العالم 2003, وأول امرأة قاض في الأردن في العام 1996.

انها السيدة تغريد حكمت والتي رشحت من بين ألف امرأة في العالم لجائزة نوبل للسلام في العام 2005. وهي الرابعة التي تمنح جائزة النساء المتميزات في القانون الدولي في العام 2009.

تنادي بأنسنة القوانين, وتؤكد بأن عقوبة الإعدام لن تحل المشاكل الأمنية, ولا الجرمية, ولن تردع المجرم.

وتوصف القاضي الدولي محاكمة صدام حسين الرئيس العراقي الراحل بأنها اسوأ محاكمة في التاريخ, مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي جورج بوش شكل محكمة وطنية عسكرية لصدام حسين من أجل أن ينفذ به حكم الإعدام, لأنه لو حوكم أمام محكمة دولية, لن يكون متاحاً تنفيذ الإعدام به.

وتؤكد حكمت على حيادية المحكمة الجنائية وأنها لم تتعرض إلى أي ضغوط خلال الثمان سنوات التي قضتها في رواندا حاكمت خلالها القادة العسكريين, بمن فيهم قائد الجيش الرواندي, ووزير الدفاع, ومدير العمليات العسكرية ومدير الأمن, وأحد كبار رجال الأعمال الذي شجع قسيس على هدم كنيسة على رؤوس آلاف اللاجئين, وقسيس آخر كان يساعد القتلة بتزويدهم بأسماء من يراد قتلهم, وأمين العاصمة. مشيرة إلى أن القضايا الخاصة بجرائم "اسرائيل" كان يتم توقيفها خلال وجودها في مجلس الأمن.

وتبين حكمت بأن السيدة سوزان مبارك أكدت لها على هامش التقائها في مؤتمر عقد في القاهرة في العام1997, تأكيدها بأن الرئيس المخلوع حسني مبارك لا يتدخل في السلطة القضائية, وبعد 6 سنوات نقضت السيدة سوزان هذا التأكيد باعلانها أنها ستقوم بتعيين امرأة بمنصب قاضي خلال ذلك العام..!!!

التقيناها, وكان معها هذا الحوار:

التقاعد بدلاً من التوقيع على احكام بالإعدام

• لماذا رفضت ترؤس محكمة الجنايات الكبرى في الأردن بعد انتهاء عملك في المحكمة الجنائية الدولية..؟

ـ عرض عليّ رئيس المجلس القضائي تولي رئاسة محكمة الجنايات الكبرى, لكني فضلت التقاعد, حتى لا أجد نفسي مضطرة للتوقيع على عقوبات بالإعدام تتعارض مع قناعاتي بضرورة إلغاء هذه العقوبة, ايماناً مني بحق الإنسان بالحياة, والذي كرسته الشرائع الدولية بوثائق أممية, منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية, والبرتوكول الإختياري الملحق به, اتفاقية مناهضة التعذيب, إضافة إلى قرار الأمم المتحدة رقم 62/142 الذي دعا إلى تجميد عقوبة الإعدام.

وأنا مع التدرج في الغاء عقوبة الإعدام, وتقليص الجرائم التي يحكم على مرتكبيها بهذه العقوبة بحيث تبقي على الجرائم الأشد خطورة.

وبالرغم من انني اضطرت في حالات معدودة لأن أكون طرفاً ضمن هيئة قضائية اصدرت احكاماً بالإعدام خلال عملي في محكمة الجنايات الكبرى, إلا أنني لم اكن انام, كنت استيقظ من النوم للبحث عن أي منفذ قانوني يلغي عقوبة الاعدام, ايماناً مني أنه لا يوجد نص لا يحتمل التأويل.

• أحكام الإعدام الصادرة عن محكمة الجنايات الكبرى, لا تنفذ.. هل يعد ذلك انجازاً في مجال حقوق الإنسان في الإردن..؟

ـ لقد أوقف الملك عبد الله الثاني المصادقة على عقوبة الإعدام منذ العام 2006. ويعد الأردن من الدول المميزة في هذا الإتجاه, ويحسب للأردن أنه لم يحكم أي شخص بالإعدام على خلفية سياسية, بالرغم من الظروف الصعبة التي شهدها الأردن منذ عقد الخمسينات وحتى الآن.

•ألا تشكل عقوبة الإعدام إحياءً للناس, لقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".. كيف يمكن أن نعاقب القاتل بغير عقوبة الإعدام والتي تشكل رادعاً للآخرين..؟

ـ يتنازع الموقف حيال هذه العقوبة تياران أولهما الإبقائي, ويستند هذا التيار إلى أن هذه العقوبة هي توكيد للحق في الحياة, بإعتبار أن القاتل يفقد حقه في الحياة بإنكاره هذا الحق للآخرين.

فيما يرفض التيار الآخر عقوبة الإعدام, انطلاقاً من قدسية الحياة الإنسانية, وعدم احقية أحد في أنهاء حياة شخص آخر, بإرادته المنفردة, حتى لو نصت قوانين الدولة على هذه العقوبة, خاصة وأن هذه العقوبة القاسية غير رادعة, ولا زاجرة, ومعظم من تنفذ بحقهم هذه العقوبة هم من الضعفاء.

• بعض الجرائم التي تم ارتكابها مع سبق الإصرار والتصميم, وهي جرائم بشعة, وعلى سبيل المثال, السيدة التي قتلت طفلتها ووالدة زوجها, ومن ثم قامت بحرقهما, هذه المرأة حكمت بالإعدام.. ولم ينفذ بها بسبب توقيف هذه العقوبة.. برأيك ألا تستحق هذه العقوبة..؟

ـ من يرتكب مثل هذه الجرائم, هو شخص غير سوي, وهو بحاجة للعلاج النفسي.. فكيف ننفذ فيه عقوبة الإعدام..!

لا يمكن أن تكون هذه المرأة انسانة طبيعية, وتقوم بقتل طفلتها بهذه الطريقة البشعة.

أنا مع حق الإنسان بالحياة وهو حق اساسي, أقرته كل الشرائع والمواثيق والعهود الدولية, وأحياناً مهما كانت اجراءات القضاء عادلة, ومهما كان القانون عادلاً, فلن يمنع ذلك من وقوع الخطأ أحياناً بتطبيق القانون, وخطأ تنفيذ حكم الإعدام بحق أي شخص, نظراً لإستحالة تصحيح الأمر في حال اكتشاف خطأ القرار القضائي.

ومن هذا المنطلق أنادي بأنسنة القوانين, بحيث يراعي القاضي الجوانب الإنسانية في الأحكام, وأن يلجأ إلى تأويل القوانين حتى لا نصل إلى قانون القوة بدلاً من قوة القانون. واؤكد بأن حكم الإعدام لن يحل المشاكل الأمنية, ولا الجرمية, ولن يردع المجرم, وأعتقد أنه يمثل هروباً إلى الأمام في سعي الحكومات إلى حل مشكلة ما.. وعقوبة الإعدام قاسية, وهي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن التراجع عنها, في حال التنفيذ, واكتشاف خطأ قرار المحكمة.

ومنذ شهرين قضت المحاكم المصرية للفنانة حبيبة بتعويض مقداره مليون جنيه مصري, تعويضاً عن التعذيب الذي تعرضت له, وارغامها على الإعتراف زوراً بأنها قتلت زوجها الكويتي.

ولو لم يتم القبض على المجرم الحقيقي بعد سنوات من حبس حبيبة, ربما كان جرى اعدامها.. فكيف كان يمكن حينها تصحيح خطأ القرار القضائي..؟!

قوانين تمييزية

• ترتكب بعض الجرائم بحق النساء تحت مسمى "جرائم الشرف", ما يعني أن يحصل الجاني على عقوبة مخففة.. أين "الانسنة" هنا بحق الضحايا..؟

ـ منذ تسعينيات القرن الماضي, وخلال عملي في محكمة الجنايات الكبرى, نظمنا حملة واسعة مع مؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بإلغاء المادة 340 من قانون العقوبات والتي تمنح "عذرا مخففا" لمرتكبي هذا النوع من الجرائم, حيث تنص على أنه "يستفيد من عذر مخفف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته في حال تلبس بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع, فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا أو اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة".

وللأسف, لم يأخذ مجلس النواب بتوصياتنا في إلغاء المادة, وقد تم تعديل النص بحيث يتم اعفاء المرأة من العقوبة في حال قتلت زوجها لدى ارتكابه الزنا..!

"الأنسنة" ومجرمي الحرب

• مقولتك "انسنة القوانين".. كيف تم تحقيقها أثناء محاكمتك مجرمين ارتكبوا مجازر وجرائم إبادة جماعية وعرقية في رواندا..؟

ـ لقد حاكمت قسيساً في رواندا هدم الكنيسة على رأس 12 ألف لاجىء, بتحريض وتمويل من قبل أحد رجال الأعمال, واعداً إياه بإعادة بنائها على نحو أفضل من السابق خلال ثلاثة أيام.

وقد حكمت هذا القسيس فقط بالحبس 25 سنة, دون أن اعلمه بالحد الأعلى المتاح وهو الحبس المؤبد.

لقد لعب العامل الإنساني دوراً في تحديد هذا الحكم, ذلك أنه حين يقضي عقوبته يكون قد أصبح عمره 74 عاماً, أي أن عقوبته ستنتهي بعدما يصبح طاعناً في السن, وأعتقد أن عقوبة السجن لسنوات طويلة, هي عقوبة أشد قسوة من الإعدام.

• قلت ان القوانين الدولية تسمو على المحلية.. إلى أي حد يلتزم الأردن بتطبيق ذلك..؟

ـ تصبح القوانين الدولية ملزمة وواجبة العمل بها, بعد أن يتم اقرارها من قبل مجلس النواب والمصادقة عليها من قبل الملك, وهنا يتوجب أن تعمل الدولة على موائمة قوانينها المحلية بما يتوافق مع القوانين الدولية, ويحتاج الأمر إلى جراءة من قبل القاضي اضافة إلى تقيد محكمة التمييز الحكم بقوانين الاتفاقات الدولية.

وبالرغم أن المادة 80 الخاصة بإتفاقية (المحكمة الجنائية الدولية) تنص على ان المحاكم المحلية لها الحق بتطبيق قوانينها, فالمحاكم الدولية لا تتدخل إلا في حال تقصير المحاكم الوطنية بإداء واجبها.

ولا يزال الجدل قائماً حول القوانين المحلية التي تحكم بالإعدام والقوانين الدولية التي لا تحكم به. والغريب ان الدول غير الموقعة على الإتفاقية تطالبنا بتنفيذها مثل الولايات المتحدة الأميركية, فهي لم توقع على اتفاقيات حقوق الطفل, سيداو, والمحكمة الجنائية الدولية.. لم توقع على أي شيىء..!

الأردن كان الدولة العربية الأولى التي وقعت على اتفاقية روما(المحكمة الجنائية الدولية), فيما قامت الولايات المتحدة الأميركية بتوقيع اتفاقات ثنائية مع الدول الموقعة على الإتفاقية, من أجل منع محاكمة جنودها بحال ارتكابهم جرائم في اراضي هذه الدول, وقد اضطر الأردن على التوقيع تحت طائلة تهديده بالحرمان من المساعدات الأميركية.

اعدام صدام حسين

• ذكرت أن المادة 80 من اتفاقية (المحكمة الجنائية الدولية) تنص على ان المحاكم المحلية لها الحق بتطبيق قوانينها, وأنها لا تتدخل إلا في حال تقصير المحاكم الوطنية بإداء واجبها.. أرجو توضيح ذلك بمثال..؟

ـ واجهتنا هذه المشكلة خلال محاكمة مجرمي الحرب في رواندا, فقد كان مناطاً بالمحكمة الجنائية الدولية محاكمة السلطات العليا, من القادة العسكريين والمسؤولين الذين اعطوا الأوامر بتنفيذ الجرائم, والتي تحكم بحدها الأعلى بالمؤبد. فيما أوكلت محاكمة الصف الثاني من المجرمين, وهم من قاموا بتنفيذ أوامر القتل إلى المحاكم الوطنية الرواندية, والتي تحكم بالإعدام. وقد اعتبر ذلك تمييزاً بين الفئتين, ونظمت احتجاجات واسعة من منظمات المجتمع المدني في افريقيا والعالم. وفي النهاية تم التوصل إلى اتفاقية تفاهم بين الجنائية الدولية والحكومة الرواندية, تم بموجبها توقيف عقوبة الإعدام, والحكم بالمؤبد كما هو حال "الجنائية الدولية".

وهنا أحب أن أشير إلى أن الرئيس الأميركي جورج بوش شكل محكمة وطنية عسكرية للرئيس العراقي صدام حسين من أجل أن ينفذ به حكم الإعدام, لأنه لو حوكم أمام محكمة دولية, لن يكون متاحاً تنفيذ الإعدام به. وبرأيي أن محاكمة صدام حسين هي اسوأ محاكمة في التاريخ, بسبب الإجراءات التي اتبعت فيها.

حيادية الجنائية الدولية

• إلى أي حد يمكن توصيف المحكمة الجنائية الدولية بأنها حيادية..؟

ـ الحيادية متوفرة, فجميع القضايا (رواندا, يوغسلافيا, تيمور الشرقية, سيراليون, كمبوديا..), كنت اتعامل معها كقاض مستقل, ولم تمارس علي اي ضغوط.

ولكن, المشكلة تحدث قبل إحالة القضية من قبل المدع العام أو مجلس الأمن.. على سبيل المثال, المحكمة الجنائية الدائمة في المادة 13 أو 14 تعطي الحق بإحالة القضية لمجلس الأمن, وله الحق بأن يوقف الإحالة لمدة 12 شهر, قابلة للتجديد, وبالتالي, يتحكم مجلس الأمن بالقضايا سياسياً, لذلك, كل القضايا التي كانت ترفع وتتقدم بها الوثائق ضد جرائم الكيان "الإسرائيلي" بحق الشعب الفلسطيني, كان يتم توقيفها.

قرار سياسي

• يقال بأن أي تغيير بوضع المرأة يحتاج إلى قرار سياسي.. وأن بعض المراكز القيادية التي وصلت إليها النساء, كانت تعييناً وليس استحقاقاً وظيفياً.. ما رأيك بذلك..؟

ـ لقد حققت المرأة الأردنية انجازات في الكثير من القطاعات, ما أهلها إلى الوصول إلى مراكز صنع القرار في بعضها, بينما لم يكن متاحاً حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي للأردنية العمل في سلك القضاء.

نعم الأمر يحتاج لقرار سياسي, احياناً, وهذا الأمر لا ينتقص من مكانة المرأة, إذا كان الأمر بإنصافها ومنحها حقوقها يتم بهذا الشكل. وقد لعبت الأميرة بسمة دوراً مهماً بإقناع الملك الراحل الحسين بن طلال بضرورة فتح الباب أمام النساء للعمل في سلك القضاء, وقد ضمن هذا الحق المشروع في خطاب العرش, حيث أكد الملك الراحل الحسين على إنه آن الآوان لإفساح المجال امام المرأة للعمل في سلك القضاء. وكنت أول اردنية تشغل وظيفة قاض في العام 1996, بعدما تنافست مع ثلاث محاميات, اضافة إلى أن قرار منح الأردنية حق العمل كقاض, سبقته سنوات طويلة من العمل والخبرات المتراكمة. وأعتقد أني نجحت في عملي, وفتحت الباب أمام النساء لأثبات وجودهن في القضاء, وحالياً يوجد أكثر من 108 امرأة يعملن بوظيفة قاض.

وحتى اوائل ثمانينات القرن الماضي, لم يكن يتجاوز عدد المحاميات العاملات اصابع اليد الواحدة, وكان من الصعب على الرجل ان يسلم المرأة المحامية مصيره المادي أو المعنوي بقضية ما, كان يمكن أن يجبر "خاطرها" بشيك بدون رصيد لا يتعدى مقداره 50 ديناراً. لقد كان البعض يستهجن رؤية المرأة في المحاكم, وعندما كان يراني بعض المعارف في المحكمة كان يشعرني بأنني كأمرأة في المكان الخطأ.. ويسألني إن كنت بحاجة لأي مساعدة. ولذلك, كنت أقول بأن "المحاكم غابة للرجال ولا يوجد فيها متسع للنساء", لكن إن اتيح للمرأة العمل في القضاء, فسأكون أول قاض امرأة في الأردن. وقد تطلب تحقيق هذا الهدف 14 عاماً من العمل والنضال.. المرأة بحاجة فقط لفرصة لكي تثبت وجودها في أي قطاع.

سوزان مبارك: مش حتمضي السنة إلا وعينت امرأة قاض

في العام 1997 التقيت السيدة سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري السابق, خلال مشاركتي في مؤتمر عقد في مصر حول أهمية توعية المجتمع بدخول المرأة سلك القضاء.

قلت لها إن الوضع الإجتماعي المصري مشابه للوضع الأردني, من حيث وجود بعض الإتجاهات التي لا تؤمن بولاية المرأة في القضاء, واعتقد أن صدور قرار رئاسي في هذا الإتجاه سيحل هذه المشكلة ويفتح الباب أمام المرأة المصرية للعمل في القضاء, فردت بقولها: "سيادة الرئيس لا يمكن أن يتدخل في السلطة القضائية".

فأجبتها: "إن التدخل بالسلطة القضائية, يعني بأن تتدخل بقرار قاض ما بقضية معنية لتغيير قناعاته, أما أن يتدخل رأس الدولة لينصف فئة من الفئات, فهذا لا يعتبر تدخلاً".

وفي العام 2003 التقيت السيدة مبارك مجدداً على هامش مؤتمر القمة العربية الذي عقد في عمان, خلال دعوة السفير المصري للنساء العربيات الأوائل, وحينها سألتني الملكة رانيا العبد الله عن تفاصيل حملة ترشيحي لعضوية المحكمة الجنائية الدولية, فأخبرتها بأني حصلت على ثاني أعلى الأصوات في الإنتخابات التي جرت في الأمم المتحدة لإختيار قضاة متمرسين من بين 18 قاضياً من العالم, وبفارق صوتين عن القاضي الايطالي الذي ترأس المحكمة الجنائية.. وهنا اعربت السيدة سوزان مبارك عن سعادتها بذلك, وقالت لي: "لازم تحطي judge حكمت هون على جبينك".. واضافت: "انشالله مش حتمضي السنة إلا وعينت امرأة قاضي في مصر".

الأمومة لها الأولوية..

• كيف استطاعت التوفيق بين عملك وواجباتك الأسرية كأم وزوجة.. كيف حققت هذا التوازن..؟

ـ لم يكن الأمر بهذه السهولة, أن توازن المرأة بين عملها وبيتها, أن تكون مميزة بعملها وان لا تهمل واجباتها الأسرية. وللأسف العادات والتقاليد في مجتمعاتنا العربية تحد وتلجم المرأة, وتقيدها.

بالنسبة لي لقد حباني الله بزوج متفهم, وهو عميد متقاعد في الأمن العام, ولقد كان له دور كبير فيما وصلت إليه, وكان متفهماً لطبيعة عملي.

لقد نلت بكالويوس الحقوق من جامعة دمشق في العام 1973, ولم اعمل مباشرة في مجال تخصصي, بل فضلت العمل في التعليم, حيث كنت اقضي فقط 3 ساعات بعيداً عن اطفالي, مع إنني كنت استطيع العمل في مكتب المحاماة الخاص بعائلتي, حيث كان يعمل شقيقيي فيه, لكني وجدت نفسي بأني سأعمل في الصباح وبعد الظهر, ما يعني ترك اطفالي مع الخادمة, ففضلت العمل في وزارة التربية والتعليم كمعلمة للرسم واللغة الانجليزية, لكي لا اهمل بواجباتي تجاه اطفالي.

وتضحك.. وتضيف: وفي العام 1983, وعندما كبر اطفالي, انتقلت من الإشتغال بالفن إلى الإشتغال في الإجرام".

لذلك, فضلت تأخير عملي في المحاماة حتى العام 83 حتى كبر اطفالي.

• هل حاولت توريث مهنتك لأبنائك..؟

ـ لقد تركت لأبنائي حرية إختيار التخصص الذي يرغبون بدراسته, ففضل ابني الكبير يزن دراسة الهندسة مع أنه كان بإمكانه دراسة الطب, لكنه فضل الهندسة بسبب عدم رغبته بالتعامل مع جسم الإنسان, فيما درست ابنتي الكبرى مها درست القانون, ثم انسحبت من الدراسة لأن اجواء المحاكم لم تعجبها, وفضلت الدراسة في الهواء الطلق, واختارت تخصص الرياضة, فيما درست ابنتي الصغرى الرسم, وهي فنانة, ورسامة وعازفة بيانو.

معركة السرطان..

• ماذا تحدثينا عن معركتك مع السرطان..؟

ـ الشكر لله دائماً.. إيماناً مني بأن الحياة يجب أن نتقبلها بحلوها ومرها، وأن الله سبحانه خلق لدى كل إنسان طاقات ذاتية, إذا أحسن استخدامها يستطيع أن يتغلب على الصعاب، بالرغم من أنني لدي تأمين صحي أستطيع المعالجة في أميركا أو بريطانيا، لكنني فضلت المعالجة في الأردن نظراً لوجود كوادر طبية متميزة في هذا الجانب. وكنت أحضر إلى عمان للمعالجة الكيماوية, ثم أغادر إلى تنزانيا، ثلاث طائرات ذهاباً وثلاث طائرات إياباً, لمتابعة المحاكمات لمدة أسبوعين.

ولم أشعر أطراف الدعوى بأنني مريضة, بالرغم من أنه كان بإمكاني الإستراحة لمدة 6 أشهر, ولكني فضلت متابعة التحقيق الذي بدأته منذ 5 سنوات في مذابح رواندا، وتحديت نفسي وترأست المحكمة الجنائية الدولية، وأصدرت احكام بحق كبار العسكريين, بمن فيهم قائد الجيش الرواندي, ووزير الدفاع, ومدير العمليات العسكرية ومدير الأمن, وأحد كبار رجال الأعمال الذي شجع قسيس على هدم كنيسة على رؤوس 12 الفاً من اللاجئين, وقسيس آخر كان يساعد القتلة بتزويدهم بأسماء من يراد قتلهم, إضافة إلى أمين العاصمة.

أضف تعليقك