حصاد القدس 2018: مزيد من الانتهاكات

حصاد القدس 2018: مزيد من الانتهاكات
الرابط المختصر

قال المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى، الدكتور وصفي الكيلاني، إن ما حدث في القدس عام 2017 لا يختلف عمّا حدث في السنوات الست الماضية، الا باختلاف الأرقام من حيث تسارع عدّاد الانتهاكات التي تضاعفت عشرة أضعاف في نهاية عام 2017 عما كانت عليه عام 2012.

 

فمن ناحية، ازداد حجم الاستيطان والانتهاكات بحق دائرة الأوقاف والمسجد الأقصى وأعداد المقتحمين من المتطرفين اليهود، ومن ناحية اخرى تضاعفت أعمال الحفريات في الشكل والنوعية واللؤم، التي تعمل على استئصال كل ما هو غير يهودي تحت فوق الأرض وتحتها وتغيير المعالم والأسماء، وكذلك الزيادة المطردة في الممارسات التنكيلية الظالمة بحق المقدسيين التي تلحق بهم الأذى والاضطهاد.

 

وأعرب الكيلاني في حديث لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني مساء أمس الاثنين، عن أسفه لأن حالة الانهماك في الإعلام العربي والإسلامي المعني في شأن القدس، يتركز على حصر الأعداد والخسائر والانتهاكات التي وقعت علينا، وتحول لآلة عدادات تحسب الصفعات والركلات التي نتلقاها، وأعداد الشهداء والمعتقلين والمبعدين والبيوت المهدمة وأعداد المستوطنات والأراضي المصادرة، وصار تقرير القدس السنوي هو ما جرى من انتهاكات بحق الأرض والإنسان والمقدسات الإسلامية والمسيحية، لكن دون الحديث جديا عن أبعاد هذه الانتهاكات.

 

وأضاف، في هذه الأثناء قفز اليهود على كل الأعداد، ووضعوا عناوين جديدة في ظل انعدام الفاعلية من العالمين العربي والإسلامي في التعامل مع هذه الأعداد والأرقام، غايتها التقدم والتغيير على الأرض، تاركين للعالم العربي والإسلامي عملية التعداد والتوثيق، والتي يأتي بعضها من مصادر إسرائيلية بقصد وبغير قصد.

 

ولفت الكيلاني الى أن المعركة الحقيقية في أن الاحتلال يحول الخيال المكتوب في النصوص التوراتية وفكر الحركة الصهيونية الى واقع ويتقدم على الأرض التي يزعم أنها أرض اسرائيل، وكان آخرها قرار حزب الليكود الحاكم الذي جاء بالإجماع، والذي يرفض بمضمونه أي فرصة لقيام كيان عربي فلسطيني من أي نوع، في حين أننا في الاتجاه الموازي في العالم العربي والإسلامي نتكلم عن الواقع الذي نحن عاجزون عن التأثير فيه بنفس الدرجة، ونراوح في عالم اللغة والقانون الدولي والخيال والخطابات، وهذا لا يقاس بما يفعله الطرف الآخر الذي يتقدم على الأرض.

 

وتوقع الكيلاني أن يحدث على الأرض عام 2018 المزيد من الاقتحامات والحفريات وطمس كل ما هو غير يهودي على الأرض، وحدوث زيادة كبيرة في عدد الكنس اليهودية في محيط المسجد الأقصى، لافتا الى أن شكل المعركة الآن مختلف، كون اسرائيل تتصرف على الأرض بمنتهى الغطرسة والعنجهية، وكأنه لا يوجد قانون دولي ولا عالم عربي إسلامي ولا مجتمع دولي، وتتصرف بفكرة دينية مطلقة في إطار تصورات توراتية، ولسان حالها يخاطب المجتمع الدولي بعبارة من أنتم.

 

واكد ان الاسرائيليين، حتى الذين وقعوا على اتفاقيات السلام في مدريد وأوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة، يقولون ان معركتهم معركة هوية ووجود وليست معركة حدود، فكان الخطأ الاستراتيجي في العالم العربي والإسلامي هو الهروب من مفهوم الصراع الديني خوفا أن يكون هذا الصراع على حساب الهوية الفلسطينية على أساس أنها قضية وطنية قومية، وعلى على أساس القانون الدولي الذي لا تحترم اسرائيل أي أسس له .

 

وأشار الكيلاني الى وجود مشكلتين في العالم الإسلامي تتمثلان في عدم وجود مخطط واضح في كيفية إنقاذ القدس من براثن الاحتلال والتهويد، وعدم وجود مخطط واضح للتعاطي مع هذه القضية، ما عدا مخطط جلالة الملك عبدالله الثاني الموجود على الأرض من خلال الأوقاف الإسلامية وطرح قضية القدس وفرضها على كل المؤتمرات والمحافل والمؤسسات الدولية.

 

وقال الكيلاني، إن الأردن بكل مقوماته التي تقف خلف الوصاية الهاشمية، لديه خطة قانونية واضحة للتعامل والتعاطي مع ما يحدث على الأرض، ويحاول بكل جهده أن يترجم الخطاب السياسي الى آلية للوصول والتأثير على الأرض في خطوات عملية تجاه دعم الأوقاف وزيادة عدد موظفيها ودعم التعليم المقدسي، وفضح زيف الرواية اليهودية.

 

من جانبه أشار مدير عام دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، الشيخ محمد الخطيب، الى أن تفصيل الاعتداءات والانتهاكات صعب جدا، فهناك انتهاكات عديدة جديدة وهناك ممارسات كثيرة جدا بحق المسجد الأقصى المبارك، كلها تصب في مصلحة الجانب الإسرائيلي الذي يعمل على تهويد الموقع، عبر زيادة أعداد المقتحمين الذي بلغ عام 2017 أكثر من 25600 ألف متطرف، يحاولون تأدية صلوات تلمودية تحت عين وحماية الشرطة الإسرائيلية والقوات الخاصة.

 

وأشار الى التوسع في عمليات التهويد والحفريات والاستيلاء على القصور الأموية وتسليمها لجمعية استيطانية وتدنيس المقابر الإسلامية وإغلاقها بقرارات عسكرية، واتخاذ إجراءات قانونية وقضائية ضد دائرة الأوقاف الإسلامية، التي يريد الاحتلال محاكمتها بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي، وسوى ذلك من الممارسات التي تأتي في إطار علمية تهويد مبرمجة.

 

وأعرب رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأرض المقدسة والأردن المطران منيب يونان، عن أمله في أن يكون هذا العام عام عدالة وسلام للقدس، مشيرا الى أن الكنائس المسيحية في المدينة تقوم على الدوام بإخبار كنائس العالم أجمع بأي انتهاك تتعرض له الكنائس من الفرق اليهودية المتطرفة، لكن المشكلة التي تواجهنا هي أن الحكومات الاوروبية تقرأ هذه التقارير من زاوية علمانية، مشيرا بهذا الخصوص الى الأفكار التي تعتنقها المسيحية المتصهينة، وطبيعة الخلافات العميقة معها التي تفسر الكتاب المقدس والنبوءات وفق لمنظور قاصر وسطحي والتي تربط النبوءات بأحداث في الشرق الأوسط، خاصة ما يتعلق بخرافة بناء الهيكل الثالث الذي يسرع في اعتقادهم من مجيء المسيح الثاني.

 

واكد وجوب التحذير من هرطقات هذه الفئات (خوارج المسيحية) التي هي للأسف متنفذة وتملك الأموال والتأثير في القرار السياسي، لأنهم ضد التفكير اللاهوتي المسيحي الحقيقي الذي تؤمن به جميع الكنائس خاصة مسيحيي الشرق العرب، داعيا العالم العربي والإسلامي بعد قرار ترمب، أن يضعوا خلافاتهم جانبا.

 

وشدد المطران يونان على الموقف المسيحي الذي أعلنه البابا من حل الدولتين، وما أعلنته الكنائس المسيحية بكل مكوناتها من أن القدس هي عاصمة لشعبين ومفتوحة لثلاث ديانات، وضرورة بقاء الوضع القانوني والتاريخي للقدس، والتمسك والحفاظ على الوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية.

 

وقال الخبير في شؤون الاستيطان وليد صيام، ان الاستيطان تضاعف عام 2017 في مدينة القدس والضفة الغربية ثلاثة أضعاف عن عام 2016، وازداد هدم بيوت المقدسيين بشكل كبير عام 2017، وشردت المئات من العائلات المقدسية في العراء في محاولة للاحتلال لتفريغ القدس من ساكنيها الفلسطينيين.

 

ووفق المحامي محمد شويكي من مركز القدس للمساعدات القانونية، فإن الأوضاع المعيشية للمقدسيين آخذة بالتدهور وفق الأرقام الرسمية من عام لآخر، وكان واضحا خلال السنتين الماضيتين، أن هناك مخططات لإنهاك المقدسيين الى أبعد الحدود، فالفقر والبطالة واغلاق مصادر رزق المقدسيين تزداد بتسارع مقصود .

 

وأعرب مواطنون أردنيون لتقرير "القدس في عيون الأردنيين"، عن أملهم بفك أسر المدينة المقدسة في العام الجديد وإحلال السلام والأمن في ربوعها، وعودتها الى الحضن العربي الإسلامي، وأن تكون العاصمة الموعودة للدولة الفلسطينية، مطالبين بتوفير مقومات الصمود ماديا ومعنويا لأهل القدس لتمكينهم من مواصلة الصمود وترسيخ الوجود العربي .

 

وأكد المتحدثون رفضهم المطلق واستنكارهم الشديد للقرارات الأحادية والسياسات الظالمة التي تصب في تكريس الاحتلال، وتزيد من غطرسة المحتل وتماديه في انتهاك حقوق الإنسان والمقدسات .