حادثة البحر الميت تكشف عورة الحكومة في ادارة الأزمات

حادثة البحر الميت تكشف عورة الحكومة في ادارة الأزمات
الرابط المختصر

خلفت حادثة البحر الميت التي راح ضحيتها 21 وفاة وإصابة آخرين في مداهمة سيول لرحلة مدرسية، تساؤلات حول اداء الحكومة في ادارة الأزمة، وضرورة محاسبة المقصرين.

 

 

الحكومة التي بدأت مرتبكة منذ اليوم الأول للحادث الذي وقع الخميس الماضي، سارع رئيسها عمر الرزاز عبر تغريدة له على موقع تويتر بادانة المدرسة قبل تشكيل لجنة التحقيق، بينما تنصل وزراء: البلديات، والصحة، والتعليم، والسياحة والمياه، من المسؤولية عن الحادثة، وسط غياب لتدفق المعلومات الرسمية.

 

مطالبات باستقالة الحكومة

 

وبعد انقشاع غمامة الحزن، وانتهاء فترة الحداد على الضحايا، ارتفعت أصوات أردنية تطالب باستقالة الحكومة صاحبة الولاية العامة، وتحملها للمسؤولية القانونية والأخلاقية، واعادة تشكيل لجنة تقصي الحقائق الحكومية في الحادثة لتضم مؤسسات مستقلة.

 

 

ونبش مواطنون على شبكات التواصل الاجتماعي، مقالا قديما للناطق باسم الحكومة جمانة غنيمات، عندما كانت فيه رئيسة تحرير لصحيفة الغد اليومية، تحت عنوان "لماذا لا يستقيلون؟"، واستشهدت غنيمات في مقالها باستقالة الحكومة الرومانية في عام 2015 على خلفية مقتل 32 شخصا في حادث حريق بملهى ليلي.

 

 

النقد طال المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات الذي أنفقت عليه الحكومة ما يقارب 150مليون دينار، وتساءل أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، لماذ توجه رئيس الوزراء ووزير الداخلية الى مكان الحادث في وقت أنشأت فيه الدولة الأردنية مركزا لادارة الأزمات وهذا مجهز بكافة التخصصات المعنية والأصل ان يشرف من خلال هذا المركز الذي كلف الملايين، الحكومة قدمت نفسها على نظام الفزعة".

 

 

 

يقول الشناق، إن "حادثة البحر الميت كشفت عورة الدولة الأردنية في غياب المؤسسات والعمل بالطريقة الصحية، فهل كانت كافة المؤسسات كانت جاهزة لمواجهة أي مخاطر وكوارث؟".

 

 

منتقدا مخاطبة الرئيس الرزاز للشعب الأردني وأهالي الضحايا من خلال موقع "تويتر" في ظل "غياب إعلام الرسمي الذي ينفق عليه الملايين، وغياب ادارة الرئيس نفسه للمركز الوطني للأزمات".

 

فريقا لادارة الأزمات

 

 

بدورها شكلت الحكومة الأردنية، مساء الاثنين، فريقا وزاريا لإدارة الازمات برئاسة نائب رئيس الوزراء، بهدف اختيار الفريق الذي سيعمل بالتنسيق مع الوزارات والجهات حسب الاختصاص، للتعامل مع اي ازمة او ظروف طارئة.

 

 

نيابيا دخل مجلس النواب متأخرا على الخط، بعد 3 أيام من الحادثة ووقع نواب مذكرة تطالب بسحب الثقة من وزيري التعليم والسياحة، اللذان تمسكا بتبرئة أنفسهم في اجتماع نيابي حكومي الأحد الماضي، من خلال اللقاء اللوم على المدرسة الخاصة والشركة التي نظمت الرحلة.

 

 

وحسب النائب معتز أبو رمان سيبحث المجلس في جلسة خاصة الثلاثاء تشكيل لجنة تحقيق حول حادثة البحر الميت.ويشدد ابو رمان " أن مسؤولية أدبية واخلاقية وسياسية تتعلق بالتقصير الذي كان سببا فيما حدث".

 

 

واعتبر النائب "قيام الحكومة بتشكيل لجنة غير كافٍ، ومن غير المنطق ان تقوم الحكومة بالتفتيش على نفسها.

 

 

وأكد بأن مجلس النواب سيمارس دوره الذي منحه إياه الدستور بالرقابة على أداء الحكومة ومحاسبة المقصرين والذي يختلف تماما عن دور الادعاء العام والسلطة القضائية.

 

 

وأضاف أبو رمان "سنقوم بتوجيه أسئلة رقابية للوزراء المعنيين وهم وزراء التربية والتعليم والسياحة والأشغال العامة والإسكان والمياه والري حول مجريات الأحداث التي أدت إلى وقوع فاجعة البحر الميت، ويجب عليهم تقديم إجابات واضحة وفي حال ثبوت تقصيرهم فسيتم طرح الثقة بهم".

 

 

وكانت اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء عمر الرزاز بهدف الوقوف على حيثيات ما جرى في حادثة البحر الميت الأحد الماضي  قررت تحويل التقارير التي تردها من كافة الوزارات والجهات المعنية بالحادث الى لجان فنية محايدة لدراستها وتقييمها وارسال التوصيات اللازمة بشأنها.

 

لا ثقة في اللجان

 

الا أن اللجان الحكومية في الأردن تعنى دفن الحقائق كما يراها مواطنون، استاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، د.أنيس الخصاونة، يعتبر أنه من غير المألوف شعبيا وسياسيا في الدول النامية أن يقدم المسؤولية استقالته بعد وقوع حادث ما.

 

 

يقول ، إن "الاستقالة وحدها لا تكفي اذ يجب أن يسبقها، مساءلة ومحاسبة للمقصرين، من خلال لجان تحقيق فنة محايدة وليست لجان سياسية إذ لا يثق الأردنيون كثيرا في لجان التحقيق".

 

 

واصفا التنصل المبكر للوزراء من المسؤولية قبل تشكيل لجنة تقصي الحقائق "محاولات متسرعة للتنصل من المسؤولية قبل الوقوف على الحقائق".

 

 

شعبيا سجل المحامي الاردني محمد ابو غنيمة، أول دعوى قضائية بحق وزير التربية والتعليم العالي عزمي محافظة، بسبب حادثة البحر الميت، وقال المحامي ابو غنيمة في دعوته القضائية "ساتقدم ببلاغ للمدعي العام لملاحقة وزير التربية بجرم التسبب بوفاتكم وفقا للمادة 343 عقوبات لقلة احترازه بعدم منعه رحلات يوم الخميس 10/25 بسبب الظروف الجوية".

 

 

بينا تدعو الناشط الحقوقية ليندا كلش، الحكومة الاردنية لتحمل المسؤولية الأخلاقية بصفتها مسؤولة اخلاقيا و صاحبة الولاية العامة عوضا عن التهرب من المسؤولية القاء التهم قبل تشكيل لجان التحقيق".

 

 

تقارن كلش بين حوادث في دول العالم التي تحترم كرامة المواطن قدمت الحكومات فيها استقالتها، وبين ما حدث في حادثة البحر الميت "التي غاب عنها الشفافية والمصارحة في ادارة الحادثة".

 

 

الأردنيون بانتظار الحقائق ومحاسبة المقصرين في ظل تجارب سابقة للجان تحقيق شكلت في قضايا ساهم الوقت في مسحها من ذاكرة الأردنيين.