جرش.. ثلاثون دورة من الجدل

جرش.. ثلاثون دورة من الجدل
الرابط المختصر

منذ ثلاثين عاما على انعقاد دورته الأولى، حتى انتهاء فعالياته للعام الحالي، لا يزال مهرجان جرش محط جدل ما بين مبارك ومادح له بما شهده من حضور كبار الفنانين والأدباء على مدرجاته، وبين رافض لوجوده، ومنتقد لبعض جوانب إدارته.

 

رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات، ترى في "جرش" أكثر من مهرجان فني، حيث قدم خلال فعالياته التي اختتمت يوم السبت الماضي، "الصورة الحقيقية للأردن، بلدا آمنا مستقرا ومتنوعا، يحترم الثقافة والفن بأشكالهما المتعددة".

 

وتوجه غنيمات تساؤلا لمنتقدي "جرش" الذين يصفونه بـ"مرتع الفسق"، حول الضرر الذي تسبب به المهرجان "الذي اجتهدت إدارته لإخراجه بأحسن شكل ومضمون ممكنين".

 

وتشير الكاتبة إلى انتقاد بعض التيارات الإسلامية للمهرجان بعدم إشراك فرق إنشاد إسلامية في فعالياته، موضحة بأن المهرجان تضمن نشاطات تتعلق بالألوان الفنية التي يفضلها المتدينون، منها مشاركة الجمعية الهاشمية لإنشاد التراث، إضافة إلى مشاركة الفنانة الموريتانية، معلومة بنت الميدان "المشهورة بحجابها كما أدائها للأناشيد الإسلامية"

 

وتخلص غنيمات إلى التأكيد على أن "معركة محاربة التطرف تبدأ من تقبل الآخر والانفتاح عليه، ومن مختلف الأطراف؛ فليس رفض ذلك مقصورا على الإسلاميين، إذ بيننا أيضا من يريد إقصاءهم، ولتسود في الحالتين ثقافة رفض الآخر".

 

فـ"عنوان صحة المجتمعات هو التركيز على الثقافة والفنون".. "وما من عدو يخيف التطرف والكراهية سوى الانفتاح وقبول الآخر واحترام ذوقه"، تكتب غنيمات.

 

أما الكاتب حسين الرواشدة، فكما ينتقد واصفي المهرجان بـ"الفسق والفجور"، يخطّئ المبالغين بالحفاوة به المنتقدين لمنتقديه بـ"الإساءات".

 

ويطرح الرواشدة لـ"حزب المنتقدين" اقتراحات بطرح أكثر إقناعا، كتوقيت إقامة المهرجان في محيط مليء بالدماء و الأشلاء و الكوارث، أو انتقاد عنوان "الثقافة والفنون" الذي تحول على المدرجات إلى عروض طربية، إضافة إلى موازنة المهرجان الكبيرة وحجم الكلفة التي تحتملها الدولة للإشراف على المهرجان و تنظيمه، بعيدا عن المساس بحرية الناس في المشاركة بالمهرجان وحضوره.

 

وعلى المقلب الآخر، يخطئ، بحسب الرواشدة، من "أشهروا غضبهم على كل من انتقد المهرجان و اعتبروا أنهم أعداء لقيم الدولة، مطالبين الدولة بالدفاع عن قيمها.

 

ويرى الكاتب أن البعض يريد أن يضعنا بين فكي كماشة "التحريم" باسم الدين، و"التجريم" باسم قيم الدولة المدنية، في حالة "استقطاب" مغشوش لكي يصفي حسابات سياسية لا علاقة لنا بها كما أنه لا علاقة لها بالدين ولا بالدولة.

 

وينتهي الرواشدة إلى القول "يمكن ان نختلف حول جدوى مهرجان جرش، أو حول "وصفة" الحياة التي تسعد الناس، أو حول "مشروعية" الفنون والطرب، لكن ما لا يجوز ان نختلف عليه هو قيم الدولة الحقيقية، وحق الآخر في التعبير عن رأيه بلا إساءة أو تجريح، وحق المجتمع بالحفاظ على قيمة بلا قهر ولا إكراه، وحق الناس في "التمتع" بحياتهم وعدم التدخل في خياراتهم الخاصة ما لم تتصادم مع "القيم" العامة التي تشكل هوية الدولة والمجتمع.

أضف تعليقك