ثنائي التمر هندي والقطايف يتوسط موائد الأفطار بالزرقاء (صوت)

ثنائي التمر هندي والقطايف يتوسط موائد الأفطار بالزرقاء (صوت)
الرابط المختصر

ابتسم الشاب الذي كان العرق يتصبب منه وهو يقف في الطابور الطويل أمام محل بيع التمر هندي في شارع شاكر وفي يده صفط قطايف ساخنة ابتاعه للتو بعد وقوف طويل في طابور آخر، وقال "الأمر يستحق العناء، فرمضان لا يكتمل بدونهما".

وبعكس ما هو متوقع، فقد تحرك الطابور سريعاً، ولم يلبث الشاب أن وجد نفسه أمام البائع الذي غرف له كوبين من التمر هندي البارد وسكبهما في كيس بلاستيكي شفاف ثم عقده بحركة سريعة ومتقنة وناوله اياه بيد واستلم الثمن بالأخرى.

وبنبرة تنم عن رضا، قال الشاب "لا يستغرق الحصول على التمر هندي طويلاً كما ترون، فالبائع يعده مسبقاً ويكون جاهزاً للبيع فوراً، ولكن المشكلة في القطايف التي لابد أن تكون ساخنة وطازجة، ما يعني أن على الزبون الانتظار ريثما تنضج".

وأينما وجهت ناظريك قبيل الغروب سواء في وسط البلد أو في أي الأحياء، تجد الطوابير الطويلة أمام محال بيع التمر هندي والقطايف، وذلك في مشهد لا يثير ضيق أهل الزرقاء، بل متعتهم، حيث يعتبرونه أزمة لا تكتمل بدونها أجواء رمضان.

ومع أن محال بيع العصائر تتوفر فيها أصناف عدة كعرق السوس والليمون والبرتقال وغيرها، الا أن سيد الموقف في رمضان هو التمر هندي الذي تتبارى تلك المحال في اجادة صنعته لارضاء وجذب الزبائن.

ويصف أحد باعة العصائر الاقبال هذا العام بأنه أكبر مما كان في الأعوام السابقة، وذلك بسبب حرارة الصيف وطول نهار الصوم، حيث أن "الجميع يبحث عما يطفئ العطش، ولا ألذ لذلك بعد الماء من العصير".

ويضيف أنه رغم تنوع أنواع العصائر الا أن الناس تفضل التمر هندي أكثر من غيره.

ويؤكد المواطن عبدالله الذي صدفناه في أحد الطوابير ما ذهب اليه بائع العصير من أن ارتفاع درجات الحرارة زادت من طلب الناس للعصائر، مضيفاً أن ذلك يجعل الطوابير أطول ووقت الانتظار أكثر مما كان في الأعوام السابقة.

والاسعار "معتدلة ومناسبة للجميع" كما يوضح الشاب محمود علاء الذي شكا من أنه انتظر طويلاً في الطابور للحصول على التمر هندي والليمون.

وعادة ما تباع العصائر الرمضانية في أكياس أو قناني بلاستيكية، وبمعدل يترواح بين عشرين وثلاثين قرشا للتر الواحد.

أصيل ومقلد

ورغم تزايد أعداد محال بيع العصائر الا أن شهرة قلة منها لا تزال متوارثة منذ عقود، وهي التي تحظى بالاقبال الأكبر، لدرجة أن الكثير من أهالي الزرقاء يقطعون المسافات للوصول اليها مع أن مناطقهم فيها الكثير من الباعة.

وتعود شهرة تلك المحال إلى تقاليد الصنعة المتوارثة، حيث يقول أحد أصحابها أن الأمر ليس مجرد ألوان وسكر كما يعتقد البعض، بل حرفة ومهارة يضاف اليها "النّفَس"، وهي كلمة تستخدم لتفسير سر النكهة الزكية للطعام والشراب.

وسرت مؤخراً تحذيرات من إقدام بعض الباعة على استخدام نكهات وألوان في صنع ما يزعمون أنه التمر هندي، وذلك في غش يتضمن مخاطر صحية.

ويقول بعض العارفين أن صنع مشروب التمر هندي يتطلب تحضيراً ووقتاً فضلاً عن كميات كبيرة من السكر لاطفاء الحموضة الطبيعية في النتبة التي يستنبط منها هذا المشروب.

ويضيفون أن البعض يلجأون إلى التقليل من كمية التمر هندي مع زيادة الملونات والنكهات لمحاكاة وتقليد الطعم الأصلي، بهدف توفير الوقت وكميات السكر المستخدمة.

والتمر هندي يصنع من ثمار شجرة موطنها الأصلي افريقيا، وانتقلت منه إلى الهند، والثمار عبارة عن قرون بنية إلى رمادية تحتوي على ما يصل إلى 12 بذرة مستديرة ويستخدم اللب البني حمضي المذاق الذي يغلف البذور.

وحين تجمع الثمار تزال قشورها الصلبة وتعجن فتتكون كتل سمراء تخلط بسكر ليساعد على حفظها وعدم فسادها.

واضافة إلى نكهته المميزة، فان للتمر هندي فوائد صحية جمة أهمها أنه مضاد ومقاوم للكثير من انواع البكتيريا الضارة، كما يحسن الهضم ويطرد غازات البطن ويفيد في حالات الامساك، وينفع في خفض حموضة المعدة.

ثنائية مهيمنة

ومسألة حموضة المعدة تغدو مهمة للغاية خاصة في ظل تنوع الأطعمة التي يتناولها الصائم خلال الافطار، ويختمها بالقطايف الدسمة والتي تتسبب للكثيرين بالحموضة المزعجة، لا بل والمنغصة في كثير من الأحيان.

وهكذا، فإن التمر هندي والقطايف كما يبدو باتا يشكلان ثنائياً مهيمناً على المائدة الرمضانية، ويبدو من الصعب الاستغناء عن أحدهما مهما ارتفع ثمنه، كما هي الحال مع القطايف التي لا يأتي عام دون أن يجلب معه زيادة في سعرها.

ودرجا على عادتهما في الاتفاق دوما على المواطن، فقد حددت الحكومة والتجار سعر القطايف هذا العام بـ115 قرشا للكيلوغرام كسقف أعلى، وذلك بزيادة خمسة قروش عن العام الماضي.

وفيما يختلف المؤرخون حول ما اذا كانت القطايف بدأت مع الأمويين أم العباسيين، الا أن الذي لا يختلف فيه اثنان أنها لاتزال سيدة الحلويات الرمضانية.

وسميت القطايف بهذا الاسم لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة (المخمل). وتقدم في أفريقيا مع الخضار واللحوم، وتؤكل في سوريا ولبنان كما الأردن وفلسطين مع القشدة والمكسرات والجبن، أما في مصر فتقدم من دون تحمير.

ويوضح أحد بائعي القطايف في الزرقاء أنه يقوم بعمل بروفات قبل شهر رمضان حتى يحصل على افضل النتائج من حيث الطعم والنكهة سعيا لارضاء الزبائن.

ومن حيث الأسعار، يقول هذا البائع أنها "في متناول الجميع" اشارة إلى أنها معتدلة على حسب رأيه.

لكن المواطنة علياء محمد تؤكد أن الأسعار مرتفعة أكثر مما ينبغي، مشيرة إلى أن التجار يتعمدون المبالغة في السعر مستغلين اقبال الناس عليها بحكم أنها باتت من العادات والتقاليد الرمضانية ويشتد الاقبال عليها خلال الشهر الفضيل.

وبدورها تدعو المواطنة علا محمد إلى خفض أسعار القطايف، مشيرة إلى عدم التزام بعض الباعة بسقف السعر الرسمي.

وتقول أن "البعض قاموا برفع سعر القطايف مع أن أسعارها يجب أن تكون بمعدل يناسب جميع شرائح المجتمع".

لتقارير هنا الزرقاء

أضف تعليقك