تمزيق الكتب بعد الإمتحانات .. مختصون يعتبرونها ردة فعل على كبت لازم التلاميذ طيلة العام

 تمزيق الكتب بعد الإمتحانات ..  مختصون يعتبرونها ردة فعل على كبت لازم التلاميذ طيلة العام
الرابط المختصر

تتحول ساحات المدارس، والشوارع المحيطة بها، في الزرقاء، عقب كل إمتحانات نهائية إلى مزبلة تتطاير منها أوراق الكتب والدفاتر، التي يعمد التلاميذ الى تمزيقها بابتهاج غريب.

كثيرون ينظرون الى هذه الظاهرة، بوصفها سلوكا مشاغباً، مختصون يرون فيها، ردة فعل على الكبت الناجم عن عبء ثقيل لازم التلاميذ طيلة العام الدراسي.

أما التلاميذ، فلهم تبريراتهم الخاصة، وهي تدور إجمالاً، حول رغبة كامنة في "الإنتقام"، سواء من المعلمين، أو من الضغوط التي عاشوها طيلة العام الدارسي، وازدادت حدتها خلال فترة الامتحانات.

حيث أكد البعض: أن الأمر يمثل بالنسبة لهم "فشة خلق" و"تنفيساً عن مشاعر غضب"، تجاه الاضطهاد الذي يمارسه المعلمون والمتمثل بالضرب والعقاب الجماعي، وفسر آخرون، ذلك بأنه ناجمٌ عن كراهية بعض المواد الدراسية؛ بل وحتى المدرسة نفسها،  طالبٌ في الصف الثامن، قال: "أن المعلمين، وآذن المدرسة، كانوا يجبرونهُ على تنظيف الساحة طيلة العام، وأن انتهاء الإمتحانات يمثل فرصة للإنتقام منهم بإجبارهم على كنسها بانفسهم".

 ويرافق تمزيق الكتب أفعال أخرى يقدم عليها التلاميذ؛ منها الصفق العنيف لأبواب الغرف الصفيّة،  وقلب مقاعد الصفيّة.

لم تعد تلزم

وعلى ما يتضح، فإن الكتاب، ليست له قيمة، مادية أو معنويّة، عند الكثير من التلاميذ، وهو ما يدفعهم الى استسهال تمزيقه عقب انتهاء الامتحان. يقول طالب في الصف السادس: "لا نحب المدرسة ولا الدراسة، وقد ختمنا السنة، والكتب لم تعد تلزمنا".

وقالت طالبة في الأول الثانوي، أنها درجت على تمزيق الكتب بعد الإمتحانات منذ كانت في الصف الاول، إما لشعورها بالإحباط في حال الرسوب، أو الإبتهاج في حال النجاح.

من جانبه، يشكو أحد عمال النظافة، من أن هذه الظاهرة تعد مشكلة بالنسبة لهم، ويضيف: "ليس لنا الا الصبر، والتحمل، والقيام بواجبنا تجاه عملنا، وهو إسبوع ويمر" في اشارة الى فترة الامتحانات.

اعادة تدوير

خالد ابو زر؛ مدير مدرسة "عمرو بن العاص" في الرصيفة، يرى أن سبب الظاهرة؛ قلة وعي عند الطلبة بأهمية الكتاب، ودعا الأهالي، والأسر، إلى أداء دورهم تجاه هذه الظاهرة.

كما اعتبر "أبو زر": أنَّ تمزيق الكتب، يشكل خسارة إقتصادية  في أحد جوانبه؛ حيث أنه يمكن الإستفادة منها بإعادة تدويرها بدل إتلافها والقائها في القمامة.

وأشار إلى ان مدرسته دأبت منذ العام 2007 على إسترداد الكتب من التلاميذ، في نهاية العام؛ حيث يستفاد من الصالح، في سد النقص الحاصل لدى تلاميذ آخرين، سواء في نفس المدرسة أو مدارس اخرى.

وأضاف "أبو زر" مشروع التدوير، يدر دخلا، ويخفف من تلوث البيئة، مع أنَّه ليس في مقدور كل المدارس تطبيقه لكلفته العالية.

ومن جانبه، يصف "عماد خاطر"؛ سكرتير المدرسة، تمزيق الكتب، بأنه ظاهرة غير حضارية، وغير مستحبة، معتبرا

أن الأصل هو توعية طلابنا بمكانة العلم وأهميته وقداسته.

وتوقع "خاطر" تراجع هذه الظاهرة، مع إقرار النظام الجديد للكتب المدرسية، والذي يتيح للتلميذ الإحتفاظ بالكتاب اخر العام.

وأضاف: "أن من شأن ذلك، الحد من تمزيق الكتب؛ لأن التلميذ لن يكون مضطراً إلى إحضار كتابه يوم الإمتحان وتسليمه الى إدارة المدرسة".

عدوى وفجوة

هناء أبو هندي؛ المرشدة التربوية في مدرسة المدينة المنورة، اعتبرت من ناحيتها، أن هذه الظاهرة نتاج لعدوى اجتماعية تقوم أساساً على التقليد بين التلاميذ.

وقالت: أن التلاميذ الذين يمزقون الكتب، لديهم اتجاهات سلبية، نحو نظام التعليم بأكمله، ولو كان في استطاعتهم التعبير عن هذه الإتحاهات بشكل ايجابي خلال العام لما ظهر هذا السلوك السلبي على بوابات المدارس".

وذكرت أبو هندي: "أن مشروع المدرسة الآمنة، الذي يمنع العقاب البدني للتلاميذ، يعد من أبرز الأسباب التي ساهمت في خلق حالة "لا رضا" متبادلة بين المعلمين والتلاميذ.

وقالت: "المشروع جرى تطبيقه دون تهيئة تدريجية لطرفي التعليم؛ المعلم والطالب، ما جعل المعلم يشعر بسحب البساط من تحت قدميه، وبأن سلطة الطالب في المدرسة قد علت على سلطته".

ومن هنا، حسب ما توضح أبو هندي: "احتاج المعلم إلى إعادة فرض هيمنته، بطرق ارتجالية في معظمها، الأمر الذي أدى إلى خلق فجوة في العلاقة بينه وبين التلاميذ".

أضف تعليقك