تقدير سياسي يدعو الأردن إلى التمسك برفض صفقة القرن

تقدير سياسي يدعو الأردن إلى التمسك برفض صفقة القرن
الرابط المختصر

أكد تقرير سياسي أصدره "مركز دراسات الشرق الأوسط" بالعاصمة الأردنية عمان، أن خيار الأردن السياسي الطبيعي هو رفض "صفة القرن"، وخاصة أن الموافقة على الصفقة وتمريرها يشكل ضربة قوية للثوابت والمصالح العليا الأردنية، كما يشكل تخليًّا عن حقوق الشعب الفلسطيني ودور الأردن في الأماكن المقدسة في القدس.

وأوصى التقرير، الصادر اليوم الثلاثاء، الأردن باتخاذ الموقف الرافض لصفقة القرن بلا تردد وتصليبه واستيعاب أيّ تبعات لاحقة، مشددا على تدعيم الجبهة الداخلية كأولوية في مواجهة تداعيات "صفقة القرن"؛ مؤكدا أنّ قوة الموقف الخارجي للدولة هو انعكاس لقوة جبهتها الداخلية وتماسكها.

وثمّن التقرير مبادرة الحركة الإسلامية الأردنية الداعمة للموقف الأردني الرسمي الرافض لصفقة القرن، وقال بأنها "عبّرت عن حسٍّ وطنيٍّ في التعامل مع الظروف التي تمرّ بها البلاد والتحديات التي تواجهها"، مشيرا إلى أنها "لاقت ترحيبًا سياسيًا وشعبيًا في البلاد".

 

 

وشدد التقرير على ضرورة استثمار تقاطعات المواقف العربية والإسلامية الداعمة للموقف الأردني من صفقة القرن كفرصة لتقوية موقف الأردن في مواجهة الضغوط الأمريكية المتوقعة.

كما دعا إلى الانفتاح على الحركات الفلسطينية الفاعلة وعلى رأسها حركة "حماس"، بوصفها مكونًا وطنيًا فلسطينيًا، خصوصًا وأن "حماس" تدعم الأمن القومي الأردني والوصاية الهاشمية على القدس وترفض أيّ حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، وهو الأمر الذي يشير إلى وجود مصالح مشتركة بين الأردن وحماس، واستشعارًا للتهديد المشترك. وهذا لا يقلّل من أهمية استمرار الانفتاح والتعاون مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح على ذات المستوى ولذات المزايا.

واستعرض التقرير المواقف الرسمية الأردنية التي توالت في الأسابيع الأخيرة، تجاه تطورات "صفقة القرن"، والتي قال بأنها استدعت التأكيد على موقف الأردن الرسمي منها وما يتصل بها من ملفات، خصوصًا القدس.

وذكر التقرير أن الأردن يواجه تحدّيات صعبة، ويتعامل مع متغيّرات متسارعة وتحوّلات إقليمية ودولية كان لها تداعيات كبيرة على الأوضاع في المنطقة، وعلى استقرار العديد من دولها سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.

وأشار إلى أن من أبرز ما يشهده الإقليم والعالم العربي التحولات الكبيرة التي تمرّ بها التحالفات والمحاور السياسية التقليدية خلال العقد الحالي، ومن ضمنها انقسامات وتباينات على خلفيّة تحديد أولوية مصادر التهديد الرئيسية في الإقليم.

وقال التقرير: "لا يُعدّ التبدّل في هذه الأولوية تبدلًا تكتيكيًا بل هو استراتيجيّ، حيث تتغيّر مكانة إسرائيل من دولة تشكّل التهديد الأبرز في الإقليم إلى دولة يمكن أن تكون عامل استقرار فيه. ويشكّل هذا في مجمله ضغطًا جديدًا على الأردن الذي يرى أنّ الأطماع الإسرائيلية في الأردن أو في حلّ القضية الفلسطينية على حسابه أرضًا وشعبًا وحُكمًا تعدّ أكبر مصدر يهدّد أمنه الوطني".

وأكد التقرير أن ما يزيد من أولوية هذا الملف بالنسبة للأردن، "ما يرتبط بذلك من الحديث المتزايد من قبل مسؤولين أمريكيين وشخصيات إسرائيلية ـ وإن كانت من خارج الإطار الرسمي ـ عن الوطن البديل والتوطين، وأنّ الدولة الفلسطينية الحقيقية هي شرق نهر الأردن وليست غربه، وهو حديث يعني أنّ الرؤية الأمريكية والإسرائيلية لحلّ القضية تأتي على حساب الأردن ومصالحه ودور الهاشميين ودوره في المنطقة".

الضغوطات وتقاطع المواقف

وأكد التقرير أن "الأردن تسوده رسميًا وشعبيًا حالة من القلق بشأن صفقة القرن وما يرتبط بها من مطامع وتعنت وتطرف إسرائيل في المنطقة وما يرافقه من تعاظم الانحياز الأمريكي لإسرائيل، وما يشهده الأردن من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في ضوء تراجُع نسب النمو، وارتفاع عجز الموازنة والمديونية، وزيادة معدّل البطالة، بالإضافة إلى تراجع أولوية القضية الفلسطينية على الأجندتَين الدولية والإقليمية، وبروز خلافات بين الأردن وحلفائه العرب، خصوصًا في دول الخليج، في ضوء الحديث عن تزايد التواصل مع إسرائيل والضغط على الأردن بشأن مواقفه من الصفقة الأمريكية، وما يتعلّق منها بالقدس واللاجئين".

 

وأكد التقرير أن خيار مواجهة الأردن لصفقة القرن والعمل على إفشالها، ينسجم مع المصالح الوطنية العليا للأردن، ويتَّسق مع قناعة المؤسّسات القيادية للدولة وتوجهات القوى والأحزاب السياسية والموقف الشعبي تجاه القضية الفلسطينية.

وأضاف التقرير: "ممّا يُعزّز خيار الأردن في معارضة مشروع الصفقة أنّ الخيار الآخر المتمثل في تمريرها قد يجنّب البلاد آنيًّا بعض الضغوط السياسية والاقتصادية، غير أنّ نتائجه وتداعياته الاستراتيجية على المصالح الوطنية العليا للأردن وعلى موقفه تجاه القضية الفلسطينية بالغة الخطورة".

ودعا التقرير إلى دعم خيار "تنويع العلاقات الخارجية وتوسيع منظومتها وتحقيق التوازن فيها"، وقال: "من أهمّ متطلبات هذا الخيار: مبادرة الأردن لبناء علاقات أقوى مع دول الإقليم، خصوصًا مع الكويت، والمغرب، وقطر، وتركيا وإلى حدٍّ ما إيران، بالمستويات الاقتصادية والسياسية التي لا تُخلُّ بالتزاماته المرتبطة بعلاقاته العربية، مع محافظته على علاقاته الدولية مع الغرب في المدى المنظور، وبما يُحقّق الدعم الاقتصادي ويوفر المظلّة السياسية والدعم العسكري والأمني اللازم".

وأورد التقرير مواقف مسؤولين كويتيين وقطريين ومغاربة وأتراك تؤيد الموقف الأردني الرافض لصفقة القرن ما لم تضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ولا تشمل حق العودة وتسمية القدس عاصمة لفلسطين.

و"صفقة القرن"، وفق تقارير إعلامية وسياسية، هو اسم إعلامي لخطة سلام تعمل عليها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تنازلات مجحفة لمصلحة إسرائيل، بما فيها وضع القدس واللاجئين.